** سوف تظل جريدة "الجمهورية" علامة مضيئة في تاريخ الصحافة المصرية وإذا كان خصوم ثورة يوليو المجيدة عام 1952 يتربصون بها ويتنكرون لعظيم دورها في تاريخنا المعاصر. فالأسباب معروفة. ولكن أن يتنكر لها بعض حملة الأقلام من رموز التجربة الناصرية ومنظريها. ومنهم من هو بحجم الأستاذ يوسف القعيد. فهذا أمر مثير للدهشة والريبة في آن واحد . فقد ارتبطت "الجمهورية" بامتداد تاريخها الثري والحافل بأسماء نجوم ساطعة في سماء الصحافة المصرية نذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. وكامل الشناوي. ومصطفي بهجت بدوي. وعبدالمنعم الصاوي. وكامل زهيري. وإبراهيم الورداني. وجميعهم أدباء ومبدعون أثروا الصحافة المصرية وأسهموا في التأريخ لهذه الجريدة العظيمة. التي مرت بفترات عصيبة في مختلف العصور. ولكنها كانت تعاود الصعود إلي الأضواء مجدداً. وربما أقوي مما كانت. وقد تختلف أو تتفق علي بعض فترات تحريرها. ولكنك لا تملك في النهاية سوي رفع القبعة لأسرة هذه المؤسسة الصحفية وأبنائها منذ صدور العدد الأول من "الجمهورية" في السابع من ديسمبر عام 1953 جدير بالذكر أن صاحب امتيازها كان الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. وخلاصة القول إن التجربة الصحفية "الجمهورية" تُعد الأكثر مصداقية في تناول ومتابعة التغييرات الاجتماعية التي شهدها المجتمع المصري في أعقاب ثورة يوليو. فالجمهورية بحق هي المرآة الحقيقية للحياة في مصر أمس واليوم وغداً. لأنها بالفعل صورة مُصّغرة لأم الدنيا التي تضم بين جدرانها كافة أطياف البشر بكل ما تحمله النفس الإنسانية من خير وشر. ولكن العاملين فيها يقفون علي قلب رجل واحد عندما تتعرض مؤسستهم للأزمات. ** ومن ينتمي لدار التحرير للطبع والنشر يعرف تماماً معني الانتماء للوطن الكبير. ومعني العائلة المترابطة في وسط تحكمه لغة المصالح و"الجمهورية" بعمالها وإدارييها ومحرريها نموذج يحتذي به في العطاء بلا حدود في ظل تراجع الامكانيات المواكبة للتطورات الصحفية الحديثة بشكل لا يستقيم مع متطلبات ثالث أكبر دار صحفية في مصر. وأما فيما يتعلق ببيت القصيد. وأعني مقال الاستاذ يوسف القعيد المنشور بصفحة "آراء حرة" بجريدة "الأخبار" يوم الأحد الفائت تحت عنوان "عناوين المحنة". فالإشكالية هنا لا تتعلق بحرية الرأي. بقدر ما تتعلق بالحقيقة التاريخية. وإذا كانت التزامات الاستاذ القعيد المتعددة في الكتابة لأكثر من صحيفة قومية وغير قومية إضافة إلي مسئولياته البرلمانية بصفته الجديدة في مجلس النواب. يمكن أن تؤثر علي تركيزه وهذا أمر طبيعي. فإن بعض الهفوات القلمية قد تتحول إلي سقطات. وأنا لا استطيع أن استوعب مقاله المنشور في صدر الصفحة علي ثمانية أعمدة وأترك الحكم للقاريء. لكن ما يهمني في المقال المذكور. هو الرصد المنقوص والخطأ الواضح تجاه جريدة "الجمهورية" فقد تناول الكاتب مانشيتات إحدي عشرة صحيفة في أعقاب الحادث المأساوي للطائرة المصرية المنكوبة فوق البحر المتوسط الجمعة الفائتة. ولم يتطرق الاستاذ القعيد من قريب أو بعيد لجريدة "الجمهورية" وكأنها غير موجودة علي الخريطة الصحفية. ودعوني أذكره بمانشيت "الجمهورية" صباح السبت الفائت: ظهر الحطام.. وبدأت التحقيقات الجيش يعثر علي أجزاء الطائرة.. ولجنة برئاسة مصر لكشف ملابسات الحادث الرئاسة تنعي ضحايا "الايرباص".. وقادة العالم يعزون السيسي قيادات "مصر للطيران" استقبلوا أسر الشهداء.. والرحلات منتظمة الثقافة توقف الأنشطة 3 أيام حداداً.. وتحليل 9 آلاف كاميرا بمطار باريس وأزعم ان مانشيت "الجمهورية" كان شاملاً ومتوازناً وتناول ردود فعل أهم مؤسسات الدولة السياسية. والعسكرية والثقافية إضافة إلي وزارة الطيران وشركاتها. وأزعم ايضا أن السؤال عن مكانة "الجمهورية" بين الصحف المصرية لا محل له من الإعراب. لكن الأمر المؤكد ان تلك السقطة القلمية تستوجب الاعتذار..!! ** آخر الكلام: الكتابة علي المشاع مسألة بالغة الخطورة. والكتابة للتاريخ مسألة صعبة للغاية تعتمد أكثر ما تعتمد علي الحيادية والأمانة.