ريهام عبدالحميد نورا ممدوح اختفت معظم الأدوية من الصيدليات بعد قرار زيادة أسعارها بنسبة 20% حيث قام الصيادلة بإخفائها للبيع بالزيادة وقد أعرب المواطنون عن غضبهم من رفع الأسعار خاصة وأنها أدوية تخص الأمراض المزمنة كالسكر والقلب والضغط وقد تباينت آراء الصيادلة والخبراء حول القرار الذي رآه البعض أنه يحول الدواء إلي بورصة. في البداية يقول عبداللطيف غنيم إنني مريض قلب وبالفعل الأدوية مرتفعة السعر في أحيان كثيرة لا أجدها فهل يعقل أن يرفع المسئولون أسعارها ولماذا لا ننظر لأصحاب المعاشات الذي يلتهم علاجهم نصف معاشهم بالأمراض المزمنة يجب أن تبقيها الدولة خارج نطاق الزيادة. ويضيف محمود أحمد المرضي عانوا في الفترات السابقة من نقص في الأدوية فكان الحصول علي علبة دواء اشبه "بمعجزة" وإن كانت الزيادة لتوفير الأدوية بالصيدليات فلا مانع من ذلك بدلاً من اللجوء إلي المستورد ولكن تكون هذه الزيادة معقولة فالمرضي لن يستطيعوا تحمل أعباء مالية إضافية خاصة أن مستشفيات وزارة الصحة لا تقدم علاجاً ويلجأ الكثير إلي الصيدليات الخارجية هروباً من آلام المرض. ويضيف الدكتور عمرو توفيق صيدلي بالشركة المصرية لتجارة الأدوية أن هناك أدوية رخيصة جداً مقارنة بسعر تكلفتها وهناك مصانع كثيرة توقفت خطوط انتاجها بسبب الخسائر. وإذا زادت هذه الأصناف زيادة طفيفة وتواجدت أفضل من نقصها في الصيدليات خاصة أن الزيادة 20% للأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيهاً فقط. ويحدثنا الدكتور اسلام المنشاوي صيدلي عن توقيت القرار متسائلاً لماذا الآن هذا القرار؟ ولماذا التسرع في اصداره قبل تطبيقه؟ قائلاً إنه من المفترض أن وزارة الصحة تصدر قراراً بالسعر الجديد ولا يعلن عنه إلا بعد صدوره ولكن ما حدث هو الاعلان عن قرار الزيادة قبل تطبيقه. مما تسبب في حدوث مشكلة كبيرة لأن معظم الصيدليات امتنعت عن بيع الأدوية حتي تطبيق الزيادة لتحقيق أرباح وكذلك المخازن التي تورد للصيدليات والمفروض أن قرار الزيادة تسري علي الأدوية التي يتم انتاجها بعد صدور القرار من خلال رقم التشغيلة المدونة علي الدواء. لذا فأي مواطن يجد شطباً علي السعر القديم ووجود سعر جديد يمتنع عن شراء الدواء ويبلغ التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة وحماية المستهلك. ويكمل المنشاوي قائلاً إن المسئولين يقولون إن القرار لصالح المريض للقضاء علي ظاهرة نقص الأدوية. الحقيقة أن الكثير من المصانع أوقفت خطوط انتاج الأدوية التي يدعون أنها تحقق خسارة. وهذا غير صحيح قائلاً إن هناك ما يسمي بشروط التسجيل الخاصة بكل مستحضر دوائي ينص علي انه لو توقف المصنع عن الانتاج 6 شهور بسحب الترخيص. ولكن هذا لم يحدث مع أي شركة لأن هناك أدوية ناقصة منذ أكثر من عشر سنوات ولم تسحب الرخص الخاصة بها حتي الآن وما يحدث هو تلاعب بالقانون يمارسه أصحاب الشركات فمثلا يقدم صاحب الترخيص فاتورة "مضروبة" لوزارة الصحة تفيد ارتفاع سعر المادة الخام ليقدم التماس لتأجيل مدة الانتاج لحين توفير المادة الخام بسعر أقل أو حتي رفع سعر المستحضر. أو أن يدعي وجود صيانة بالمصنع الخاص به. وتعهد أصحاب الشركات بعد قرار الزيادة بعدم حدوث نقص في الدواء لذا يجب تعديل القوانين بتوقيع عقوبات مالية عن الشركات التي ستمتنع عن توفير الدواء اضافة إلي سحب الترخيص. ويشرح لنا المنشاوي خرافة شماعة الدولار التي يعلق عليها أصحاب شركات أدوية صحة نقص الأدوية قائلاً: إن الدولار لا يستخدم إلا في استيراد المادة الخام بالمقارنة بتكاليف الصناعة والتعبئة والتغليف والدعاية. والمادة الخام سعرها يقل ولا يزيد لأنها دائماً في تغير وتحديث وأي دواء جديد يظهر يخفض من سعر الدواء القديم وأكبر مثال علي ذلك عقار "السوفالدي" الذي كان سعره 9 آلاف جنيه وصل سعره إلي 900 جنيه بسبب ظهور أدوية جديدة فعالة أكثر منه ولكن هذا لم يحدث إلا مع السوفالدي لأنه يواجه تركيزاً من الدولة ورقابة فالمفترض أن ثقل أسعار الأدوية لا تزيد مثلما حدث في السعودية والأردن والمغرب التي خفضت أسعار الأدوية بسبب انخفاض التكلفة ولكن ما حدث منا مغايراً لذلك بسبب تلاعب مافيا الأدوية بالدواء التي تحوله لبورصة وخلق سوق سوداء للدواء. ويشير الدكتور عادل عبدالمقصود رئيس شعبة الصيادلة بالغرفة التجارية أن قرار الزيادة يسري علي الأدوية المصرية التي لا يزيد سعرها علي 30 جنيهاً 20% هو قرار صائب وجاء متأخراً والسبب في رفع وزيادة سعر هذه الفئة من الأدوية هو الزيادة المستمرة في الأسعار التي تواجه شركات الأدوية فتكلفة الأدوية تفوق سعرها مما أدي لاقبال شركات الأدوية عدة مرات بتقديم طلبات للوزير برفع سعر الأدوية تماشياً مع التكلفة الفعلية للدواء وارتفاع أسعار السوق والتضخم الذي يصيب الأسعار. فقد توقفت عدة شركات عن الانتاج بسبب هذا التضخم في الأسعار وزيادة التكلفة عن سعر المنتج وزيادة سعر الخامات وشعور الشركات بالخسارة الفعلية في انتاجها للدواء ويتوقف بعضها فقد تقدمت الشركات بطلبات للوزارة لمراعاة أزمتها وضرورة زيادة سعر الدواء وصدر القرار بعد دراسة خاصة أن توقف الشركات دفعنا للاستيراد وهذا سيؤدي إلي مضاعفة السعر في ظل ارتفاع سعر الدولار ومراعاة لسعر الدواء فأدوية السرطان ومشتقات الدم يتحكم فيها سعر العملة والدولار لأنها مستوردة لا تدخل فيها. ويري الدكتور عماد العزازي أستاذ الحوكمة وخبير الممارسة المهنية الصحية أن هذا القرار خاطئ لأن الرعاية الصحية منظومة متكاملة لذا لا يمكن فيها اصدار قرارات لفرع منها دون الآخر ولا يمكن الإصلاح فيها بقرارات تخص الشركات فقط دون النظر للصيادلة والأطباء والموزعين والمرضي والتأمين لابد أن يشمل القرار جميع قطاعات المنظومة. ففي الخارج عند اصلاح قطاع معين ينظر فيه لجميع أطراف المنظومة فقطاع الصحة بمصر عشوائي ورفع سعر الدواء 20% تخبط وشركات الأدوية هي أقدر طرف يستطيع الوصول لقرار من خلال الوزير وسهولة الوصول له عكس المريض. فالمريض هو امانة في يد الطبيب وطبيعي أن رفع سعر الدواء سيلحقه رفع سعر الكشف الطبي لدي الطبيب وبالطبع هذا القرار سيؤثر علي منظومة التأمين الصحي.