بعد سنوات من العذاب والتشرد والبؤس في الشارع بسبب ظروفهم القهرية التي أجبرتهم علي الهروب من الواقع المرير والتي حولت لبعض لمريض نفسي أو فاقد للذاكرة بدأ مجموعة من الشباب رحلة البحث عن مشردي الشوارع ووفروا لهم المسكن الملائم وكافة متطلباتهم. عدسة الجمهورية زارتهم في مسكنهم ورصدت معاناتهم وسجلت الراحة والأمان التي يعيشونها الآن تروي سيدة أحمد حسن 65 عاما مأساتها حيث جاءت من أسوان إلي القاهرة مع والدها ووالدتها وأشقائها الاربعة وقد تزوجت في سن متأخرة ولم تنجب فانفصلت بعد سبع سنوات من الزواج وعادت إلي المنزل الذي يقيم فيه أشقاؤها الذكور الاربعة وأقامت في غرفة صغيرة داخل المنزل بمنطقة السيدة زينب وكانت تعمل بأحد المصانع ومع مرور الوقت بدأ المرض يؤثر علي صحتها وعجزت عن الحركة فتم فصلها من العمل ولم تتمكن من تدبير العلاج لنفسها أو احتياجاتها. وتستكمل سيدة قصة معاناتها التي بدأت بعد قيام أحد أشقائها بطردها من غرفتها لتحويلها إلي مخزن لبضائعه ولم يتدخل الباقي من أشقائها لحمايتها فخرجت للشارع ولم يكن لها مأوي تلجأ إليه حتي قام أهل الخير بتدبير مبلغ شهري ايجار غرفة لم يستمر بالغرفة فضلاً عن احتياجاتها ومتطلباتها التي لم تتمكن من توفيرها فعادت إلي الشارع واستقرت به سنوات طويلة بمساعدة المارة حتي توصل لها محمود وحيد ومجموعة من الشباب ونقلوها إلي مسكن ملائم به الرعاية الكاملة ووفروا لها العلاج وقد حاولوا التواصل مع أشقائها لمتابعتها إلا أنهم رفضوا معرفة أي معلومات عنها أو التواصل معها. أما إيمان عبدالسلام فهي مريضة عقلياً كانت تجلس بالشارع في منطقة التجمع الخامس أمام بوابة أحد الشركات الخاصة وقد اتصل بالشباب العاملات بالشركة قد رفضت في البداية الحديث معهم وبعد عدة محاولات اطمأنت لهم واستجابت ومن خلال التعامل معها داخل الدار اكتشفوا انها متعلمة ومثقفة وتعرف لغات ولكن عقلها مغيب تماما وقد حاولوا عرضها علي بعض المصحات النفسية والاطباء النفسيين إلا انهم رفضوا التعاون معهم ولم يتم التعرف حتي الآن علي هويتها أو أصلها ولا التوصل إلي أسرتها. وفي الجزء المخصص للرجال كان لمحمد شعبان 65 عاما قصة أخري فقد انتقل للدار منذ ثلاثة شهور وزادت عليه أعراض الشيخوخة فهو مصاب بالزهايمر وحسب روايته فهو كان يسكن في منطقة بولاق أبوالعلا ولا يتذكر أي معلومة عن حياته غير ذلك وكان يجلس في الشارع بمنطقة فيصل بالجيزة. أما أيمن علي قنديل وشهرته عم رجب فقد تغيب عن أسرته منذ خمس سنوات وقد بحثوا عنه كثيرا ولم يستدلوا عليه حتي توصل إليه الفريق الخيري وقد عثروا عليه بمنطقة 6 أكتوبر مصابا بغرغرينا بيده اليمني نتيجة وجوده بالشارع فنقلوه إلي الدار وقاموا بتنظيفه ونقله إلي مستشفي أم المصريين وقد أجريت له عملية بتر لليد وحينما نشرت صورته علي صفحات الانترنت تعرفت عليه أسرته وتوجهوا لاستلامه ومرافقته بالمستشفي وهو حاليا يتلقي العلاج داخل المستشفي. محمود وحيد مهندس بترول والمشرف علي جمعية معانا يقول إنه بدأ رحلته للتواصل مع هؤلاء المشردين منذ عام ونصف حيث بدأ متابعتهم ورصد سلوكياتهم وأحوالهم المعيشية وحينها لم يتمكن من التوقف عن التفكير في إيجاد حل جذري يقضي علي معاناة هؤلاء المشردين فظروفهم القهرية اجبرتهم علي الهروب إلي الشارع وقد وفرت لهم مسكنا ملائما لرعايتهم وتوجه بهم إلي المستشفيات لعلاجهم إلا أن بعض المستشفيات خاصة المصحات العلاجية النفسية رفضت التعاون معه في علاجهم وبدأت الحالة في تزايد مستمر وفكر في مبادرة تكوين جمعية لايواء هؤلاء المشردين ورعايتهم مع مجموعة من المتطوعين. وينمني محمود تدخل الدولة ورجال الاعمال لمساندتهم وتوفير الدعم الكامل لهؤلاء المشردين المسنين العاجزين والأكثر احتياجا علاوة علي مساهمة الاطباء النفسيين في علاج المرضي المتواجدين بالدار.