طاف علي جميع الجهات. وتحرك في كافة الاتجاهات. فكان أمله في الحياة أن يعثر لابنه الشاب علي مكان في احدي المصحات. أما الأم فعاشت في رحلة عذابها سنوات وسنوات. ومع دخول ابنها مرحلة المراهقة خافت علي شقيقاته البنات. شيخ كبير مهموم كسائر المصريين بتدبير معاش أسرته حتي وصل ابنه إلي مرحلة الشباب ظن ان ولده سيقف إلي جانبه ويحمل عنه جانباً من مسئوليته. ولكن جاءت الرياح بما لا يشتهي الملاح. أصيب الابن الشاب بداء الادمان يهدد جميع أفراد أسرته علي مدار ساعات الليل والنهار ويتوعد لهم بأنه سيقضي عليهم جميعاً. ذهب الأب الحائر إلي وزارة الصحة والسكان يطلب المساعدة في ايداع ولده أحد المستشفيات أو احدي مصحات علاج الإدمان. قالوا له ان اللوائح تقضي بأن يدخل المريض المصحة بكامل ارادته وابنه يرفض بشدة فكرة الدخول. ذهب إلي النيابة العامة فقالوا له انهم لا يتدخلون الا في حالة وجود جريمة أو مخالفة أو بلاغ من الوالد ضد ولده. يعيش الأب الحائر في عذاب وخوف من المصير المجهول.إذا أصبح لا ينتظر المساء وإذا أمسي لا ينتظر الصباح. والابن الشارد لا يتوقف عن التهديد والوعيد. والويل لمن يرد له طلباً أو يخالف له أمراً. يمضي الأب الحائر معظم النهار في الشوارع هائماً علي وجهه. يبحث عن حل لمشكلته ويخرج من محنته لجأ إلي قسم "مع الناس" لنشر شكواه. وقدم رقم هاتفه المحمول لنشره مع الشكوي عسي ان يجد من يساعده فقلبه لا يطاوعه ان يشكو ولده في قسم الشرطة أويحرر له محضراً. * أما الأم الخائفة فمصيبتها تعجز الحروف والكلمات عن دفعها وشرحها. امتدت رحلتها مع الآلام ثمانية أعوام غير ما هو قادم وآت من الشهور والأيام وأصبحت الأمور أكثر تعقيداً وتركيباً وخطورة بعد ان وصل الطفل الصغير إلي سن المراهقة اصيب الطفل في الثامنة من عمره بانفجار في الزائدة الدودية وفي حجرة العمليات اكتشف الأطباء اصابته بمرض السرطان. بدأ علاج الطفل بجلسات الكيماوي وبعد أول جلسة أصيب بتشنجات شديدة ونزيف بالناحية اليمني من المخ. قضي في العناية المركزة ثلاثة أسابيع في غيبوبة وأفاق بعدها طبقاً لرواية الأم الحائرة. كانت حالته يرثي لها. بدا هزيلاً ضعيفاً يعاني حالة من النسيان الشديد أقرب ما تكون إلي فقدان الذاكرة لا يستطيع التعرف علي أحد من أفراد أسرته الذين يعيشون معه تحت سقف واحد. حملته الأم المعذبة علي كتفها بين المنزل والمستشفي مراراً واستمر العلاج النفسي والكيماوي. وحصل علي 8 جلسات خلال ستة شهور تحسنت حالة الغلام واسترد عافيته وقوته. طالت قامته واشتد بنيانه. وأصبحت تصرفاته غريبة عجيبة.. تصرفاته عنيفة هوجاء في الظروف الطبيعية وتتضاعف خطورته في أوقات الثورة والغضب اعتدي بالضرب علي والدته وبدا في معظم الأحوال كثور هائج.. في معرض لمنتجات الزجاج والخزف. قالت الأم وهي في قمة الخجل والحرج إنها تخشي من الابن الشارد علي شقيقاته البنات. وان يحدث ما لا يحمد عقباه في غفلة منها وهي بين نارين تريد الوصول بابنها إلي بر الأمان. وأيضاً تخشي علي بناتها من سوء المصير.. جاءت الأم الخائفة إلي صفحة "مع الناس" تبحث عن حل لمشكلتها تحمي بناتها وتطمئن علي فلذة كبدها وتطلب المساعدة في دخوله لاحدي المصحات أو دور الرعاية.