وزير الإسكان: تقنين الأراضي المضافة للمدن الجديدة أولوية قصوى لحماية أملاك الدولة    السلطة المحلية في حضرموت اليمنية: نؤيد قرارات مجلس القيادة ونؤكد الاستعداد لتنفيذيها    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين في مداهمة بؤرة إجرامية ببني سويف    الثقافة تختتم الموسم الثامن من المواهب الذهبية لذوي الهمم    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي بسندوب    محمد يوسف: حسام حسن يثق في إمام عاشور.. وكنت أنتظر مشاركته ضد أنجولا    كل ما نعرفه عن محاولة الهجوم على مقر إقامة بوتين    إحالة سائق إلى محكمة الجنايات في واقعة دهس شاب بالنزهة    تشكيل آرسنال المتوقع لمواجهة أستون فيلا في الدوري الإنجليزي    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    أمم أفريقيا 2025.. موعد مباراة أوغندا ونيجيريا في ختام المجموعة الثالثة    رئيس الوزراء يشهد افتتاح مستشفى جامعة الجيزة الجديدة    الصحة: تقديم 3.4 مليون خدمة بالمنشآت الطبية بمطروح خلال 2025    هيئة السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات اليوم بسبب أعمال التطوير    الأهلى ينعى حمدى جمعة لاعب الفريق الأسبق بعد صراع مع المرض    قد يزامل عبد المنعم.. تقرير فرنسي: نيس دخل في مفاوضات مع راموس    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    نقل مقر مأموريتين للتوثيق والشهر العقاري بمحافظتي القاهرة والوادى الجديد    فيتو فى عددها الجديد ترصد بالأرقام سفريات وزراء حكومة ابن بطوطة خلال 2025    "تبسيط التاريخ المصري القديم للناشئة" بالعدد الجديد من مجلة مصر المحروسة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    "إكسترا نيوز": القافلة 105 تضم آلاف الأطنان من المواد الإغاثية الأساسية متجهة لغزة    وزيرا التموين والتنمية المحلية يفتتحان معرض مستلزمات الأسرة بالسبتية    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    تأجيل محاكمة 4 متهمين بإشعال النيران في أنبوبة غاز داخل مقهى بالقليوبية ل4 يناير    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    وزير الري يتابع موقف مشروع تأهيل المنشآت المائية    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    فطيرة موز لذيذة مع كريمة الفانيليا    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    موعد بدء إجازة نصف العام الدراسى لجميع الصفوف    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    وزير العمل يبحث تحديات صناعة الملابس والمفروشات مع اتحاد الصناعات    6 جولات دولية ل أمين "البحوث الإسلاميَّة" في 2025 تعزز خطاب الوسطية    إليسا وتامر وعاشور في أضخم حفلات رأس السنة بالعاصمة الجديدة    وزير الصحة يعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    أكسيوس: ترامب طلب من نتنياهو تغيير السياسات الإسرائيلية في الضفة    تفاصيل انطلاق قافلة "زاد العزة" ال105 من مصر لغزة    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    تعاني من مرض نفسي.. كشف ملابسات فيديو محاولة انتحار سيدة بالدقهلية    مجانًا ودون اشتراك بث مباشر يلاكووووورة.. الأهلي والمقاولون العرب كأس عاصمة مصر    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    ترامب ل نتنياهو: سنكون دائما معك وسنقف إلى جانبك    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نار المأساة إلي جنة المواساة
مشردون في الشارع: لسه في العمر بقية
نشر في الأهرام المسائي يوم 28 - 04 - 2016

هو أرذل العمر الذي انتقاه الله عز وجل وذكره في أكثر من موضع في كتابه العزيز موصيا بكل من يمر بهذه السن, وهي المرحلة التي يتوقف فيها عمل الشخص ليحصل علي ما نطلق عليه مكافأة نهاية الخدمة نظير السنوات التي قضاها في العمل, وهي نفسها الفترة التي ينتظر فيها الآباء والأمهات رد الجميل أو بالأحري تنفيذ الأمر الإلهي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
ولكن هذه السيناريوهات ليست وحدها التي تواجه كبار السن فالزهايمر قد يأخذ جولته في ذاكرة أحدهم ليقضي آخر أيامه لا يعرف شيئا, أو تحاصره بعض أمراض الشيخوخة التي تترك أثرها عليه ولا تفارقه طوال يومه, وقد يصبح واحدا من هؤلاء الذين انتهي بهم الحال إلي الشارع وأيا كانت الطريقة التي أدت بهم إلي هذا المصير فالنتيجة واحدة, فقد باتوا مسنين مشردين لا مأوي لهم, لتكون هذه نهاية الخدمة التي يلاقونها في آخر العمر بدلا من الحياة الكريمة التي يطمحون إليها بعد تأدية رسالتهم في الحياة.
الأهرام المسائي تستكمل ملف المفقودين ولكن هذه المرة مع المسنين الذين لجأوا للرصيف هربا من عقوق الأبناء أو بسبب مرض نفسي جعلهم يختارون العزلة وإن كانت في الشارع وقد يكونون ضمن المفقودين الذين تاهوا ولا يعرفون طريق العودة.
معانا.. حتي آخر العمر
لإنقاذ أي مسن مشرد تواصل مع محمود وحيد علي رقم..... عبارة ثابتة مرفقة بكل منشور جديد يتم وضعه علي صفحة معانا التي دشنها علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بهدف نشر الفكرة وتوسيع دائرة المنفعة التي يسعي لتعميمها والتي لم يكن لها أي ترتيب بل كانت وليدة موقف عابر صادفه في الشارع.
رجل مسن تظهر عليه علامات الشيب والمرض والعجز يفترش الرصيف, ورغم كونه مشهدا معتادا لمعظمنا نصادفه بصورة شبه يومية إلا أن محمود قرر أن يبدأ بنفسه خاصة وأن المسن المشرد كان في حالة يرثي لها.
الكل رافض يقبله
طلب الإسعاف أولا لنقل الرجل إلي أي مستشفي ولكن بعد وصول الإسعاف رفضوا نقله لأن مفيش أي مستشفي هيقبله علي حد وصفهم, ولكن بعد محاولات عديدة لإقناعهم وافقوا علي نقله داخل سيارة الإسعاف بعد مرافقة محمود له وضمان مسئوليته عنه, لتبدأ رحلة البحث عن مستشفي يقبل الحالة حيث تحقق محمود من رواية المسعفين حيث رفض أكثر من مستشفي قبوله حتي وافق قصر العيني أخيرا علي الكشف عليه فقاموا بقياس السكر والضغط وانتهوا إلي حالة قدم سكري وجرح متعفن بالساق تسبب في إنهاء الكشف عليه وعدم حجزه بعد إجراء اللازم له لأنه يعاني من بكتيريا قد تنتشر في المكان, وبالفعل غادرا المستشفي وتوجه محمود بعدها إلي صديق يعمل طبيبا أدخله أحد المستشفيات بشكل شخصي وتم إجراء عملية في القدم مع تناول بعض العقاقير الطبية ليستعيد الرجل شيئا من عافيته بعدها وينتهي الأمر بقرار الخروج من المستشفي, الأمر الذي دفع محمود للتفكير في كيفية عدم إعادة المسن إلي الشارع مرة أخري بعد تماثله للشفاء.
بدون شروط
ويقرر بعدها البحث عن دار مسنين أو رعاية يقيم فيها بدلا من الشارع ليبدأ رحلة عذاب جديدة بسبب رفض أي مكان قبوله بدون أوراق رسمية أو وجود أي صلة قرابة تربطه به, ليلجأ أخيرا إلي دار استثماري للمسنين وافق علي قبوله مع ضمان التكفل بمصاريف شهرية قدرها3000 جنيه إقامة وطعام مع توفير نفس القيمة كمبلغ جديد يضاف إلي حساب المستلزمات الطبية والكشف.
التكفل بحالة واحدة ورؤية التغيير الذي طرأ عليه بعد ترك الشارع والتواجد في مكان آدمي آمن دفع محمود إلي الرغبة في تكرار التجربة مع حالات أخري تفترش الشوارع والأرصفة بلا مأوي, ليلتقي بعدها بحالة جديدة يرقد صاحبها في ميدان الخلفاوي ويعاني من نفس الأعراض التي وجدها في الحالة الأولي ليقرر نقله هو الآخر ولكن تكاليف إقامة فرد واحد في دار استثماري مكلفة للغاية فكيف سيكون الوضع مع اثنين, الأمر الذي دفعه إلي اللجوء إلي أصدقائه المقربين لبحث إمكانية تقديمهم لأي مساعدات إذا أرادوا وبالفعل تعاونوا معا خلال فترة وجيزة ولكنها لم تكن كافية لينتظر الرجل حيث فوجئ بوفاة الرجل في الشارع قبل تلقي أي مساعدة.
وكان هذا الحادث السبب الرئيسي في إنشاء دار معانا للمسنين المشردين كمكان شرطه الوحيد إنسان عايش في الشارع محتاج رعاية ولا يشترط توفير أوراق رسمية ولا يطبق الإجراءات الروتينية.
وعن هذه التجربة تحدث محمود عن فكرة تخصيص مكان لحالات المشردين وبصفة خاصة المسنين عبارة عن شقتين بمدينة6 أكتوبر ساعده أصدقاؤه علي تجهيزها ببعض الأثاث والمفروشات وكذلك الملابس الجديدة علاوة علي تواجد مجموعة من الأشخاص يقومون برعايتهم24 ساعة نظرا لاحتياجهم لعناية ومتابعة مستمرة ولهم مرتبات وأجر علي ذلك بالإضافة إلي تكاليف الكشف الدوري والتحاليل والعرض الطبي لمن تستدعي حالته المتابعة.
وعن الحالات التي تقيم حاليا في الدار يقول محمود إنهم11 حالة بعد عودة أكثر من حالة لأهلها بعد التعرف عليهم, مشيرا إلي صعوبة إقناع بعض المسنين المشردين بالانتقال إلي الدار بسبب فقدان الثقة في أي غريب يحاول الاقتراب منهم حيث إنهم اعتادوا بعض التصرفات المؤذية من قبل بعض المارة علاوة علي أن ما يتبادر إلي ذهنه هتاخده تعمل بيه إيه ؟ أو إصابة بعضهم بأمراض نفسية أو الزهايمر, ولكن بمجرد إقناعه ونقل إحساس الأمان له ينفذ كل ما يطلب منه, ولكن هناك بعض الحالات التي تحتاج إلي وقت أطول لإقناعها من خلال زيارتها والجلوس معها أكثر من مرة لطمأنتها.
ويضيف: إن هناك بعض الحالات التي لا حول لها ولا قوة حيث لا يجد منها أي رد فعل فيتم نقلها إلي أقرب مكان لتنظيفه أولا والتوجه إلي المستشفي بعدها حتي يتم قبول الحالة, وهو السيناريو المعتاد لأي حالة جديدة قبل وصوله إلي الدار بعد الاطمئنان علي حالته.
هل من مزيد ؟
يوضح محمود أن موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك هو وسيلة الإعلام التي تروج للدار والفكرة بشكل عام من خلال صفحات أطفال مفقودة ومفقودين حتي يتمكن من نشر الصور والحالات التي يتم نقلها إلي الدار كما يقوم الأعضاء بتصوير أي مسن يرقد في الشارع حتي يتمكن الدار من نقله ومساعدته بالإضافة إلي وجود حلقة وصل مع مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتهم.
ويقول إن الدار تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي وإنها جمعية مشهرة ولكن كل ما يتمناه هو الحصول علي مبني كامل يتم تخصيصه لإقامة الحالات التي لا تحظي بمأوي لأن المكان الحالي لم يعد كافيا, لينهي حديثه قائلا ده أهم طلب بنطلبه أن يكون فيه أماكن تانية للمشردين من المسنين رحمة بهم مؤكدا أن استمرارية الفكرة أهم من انطلاقها واستيعاب أعداد أكبر سيساهم في حل مشكلة أهل الرصيف بالإضافة إلي ضمان حياة آدمية مستقرة لهم في آخر العمر.
سمراء الدار التي تركت الشارع بغير رجعة
هي صاحبة الوجه الأسمر البشوش والأم الطيبة الجميلة لكل الموجودين بالدار, هكذا اشتهرت بينهم لأن الابتسامة لا تفارق وجهها أبدا منذ انتقلت إلي' الدار' ورأت فراشها الهاديء والغطاء الموجود عليه والذي لن تفارقه أبدا بعد تجربتها المريرة مع' نوم الشارع والبهدلة' علي حد وصفها كلما تذكرت تلك الأيام.
سيدة أحمد حسن التي تخلي عنها الجميع حتي أهلها واستقر بها الحال إلي النوم بالشارع وتحديدا أمام محطة مترو السيدة زينب, وظلت هناك سنوات طويلة حتي أن أهل المنطقة قد حفظوا شكلها ومكانها واعتادوا المرور بجوارها يوميا حتي أن بعضهم أطلق عليها اسم زينب نسبة إلي اسم محطة المترو التي تجاورها.
أصيبت بشلل منعها من الحركة واستسلمت تماما لمصيرها الذي ألقي بها في الشارع حتي قررت إحدي الفتيات نشر قصتها وصورها علي' فيسبوك' لعلها تجد من يساعدها ومع تداول المنشور ووصوله إلي مؤسس جروب' معانا' توجه إليها وتم نقلها إلي الدار, ليتبدل حال' سيدة' التي لم تعد تفارقها الإبتسامة والفرحة بالبيت الجديد التي باتت في حمايته.
أنا مش عارفني
تم العثور عليه في ميت عقبة, وكان مستسلما ومستجيبا تماما لفكرة الانتقال من الشارع, فهو لا يعرف عن نفسه أي شيء ولا حتي اسمه, تداول المستخدمون صورته بهدف نشرها علي أوسع نطاق لعلها تفيد في الوصول إلي أحد يتعرف عليه أو يفيد في الوصول إلي أهله.
يقيم حاليا بالدار وذلك بعد عمل كل ما يلزم له من تهيئته وتبديل ملابسه وإحضار العقاقير الطبية اللازمة له, ولكن أفاد العاملون بالدار أنه يبدو عليه أنه يعاني من مرض عقلي.
سيد يعود إلي أهله في الدويقة
تغيب عن أهله عامين ظلوا خلالهما يبحثون عنه في كل مكان ولكن دون جدوي خاصة وأنه يعاني من مرض نفسي كما يشكو من العين اليمني, وقد قام أحد المستخدمين بنشر صورة عم سيد وتداولها عشرات المستخدمين غيره حتي توصل أهله إليه.
ولكن قبل ذلك كان يقيم عم سيد بالقرب من محيط وزارة الخارجية عند مدخل شارع بولاق أبو العلا من ناحية الكورنيش, وبعد نشر الصورة تم التواصل مع محمود مسئول الدار لمتابعة حالة عم سيد ونقله للدار إن أمكن.
ولكن تواصل ابن شقيق عم سيد مع مسئول الدار وتقدم بكافة الأوراق الرسمية التي تثبت صلة القرابة وتحقيق الشخصية.
إسماعيل: مات مرتاح
أما عم إسماعيل فإذا ذهبت إلي هناك الآن لن تجده لأنه انتقل إلي الرفيق الأعلي بعدما حظي في آخر أيامه برفقة عدد من الأصدقاء المسنين داخل الدار, يشعر الجميع سواء كانوا شركاء في صحبة الدار أو الأعضاء والمتطوعين في الجروب أن الله وحده من يسر انتقاله إلي الدار قبل أيام من وفاته حتي يموت في مكان نظيف وفراش هادئ بدلا من الشارع.
كان ينام في مدينة نصر في الحي السابع وتحديدا بجوار المحكمة وكانت الكلاب تنتشر حوله وتنام بجواره, ولم يكن يعلم سوي أن اسمه إسماعيل وقد اقتنع بالانتقال إلي الدار ولكنه كان يعاني من سعال شديد مصحوب بدم وقد تم نقله إلي المستشفي للعلاج حتي وافته المنية.
محمد المهدي: الإقامة بالدار أو العودة لسوريا
ملامحه تختلف بعض الشيء عن غيره من قاطني الشارع, فتشعر بمجرد رؤيته أنه اضطر للمكوث في الشارع رغما عنه, وهو التوقع الذي ساق أحد الأشخاص لتصويره وإرسال حالته لصفحتي معانا والمفقودين ليتم التواصل مع محمود وحيد ممثل الدار الذي ذهب إليه وعرض عليه الانتقال من الشارع إلي الدار, وقد كشف الرجل أنه سوري الجنسية وتحديدا من حلب ولا يملك شيئا سوي مبلغ بسيط جدا كان يحتفظ به.
طلب أن يعود إلي بلده سوريا أو يجد مكانا يعيش فيه بدلا من الشارع حيث يعاني من ضعف شديد في النظر ولا يقوي علي حياة الشارع, وبالفعل انتقل إلي الدار, وبالحديث مع مسئولي الدار قدم نفسه أنه محمد المهدي يبلغ من العمر53 عاما وكان يعمل كاتبا روائيا بسوريا وكان يعاني من أزمة قلبية وقد تم نقله إلي أحد المستشفيات لاستكمال علاجه.
حديث الروح يرصد مشاعر عم محسن
قضي أكثر من عام بجوار محطة أتوبيس النزهة الجديدة حتي قرر أحد رواد التواصل الاجتماعي وتحديدا هذا النوع من الصفحات المجتمعية التي تستهدف خدمة الآخرين تصويره والتواصل مع جروب معانا لبحث إمكانية نقله إلي الدار حيث رأي أنه من الحالات التي تحتاج إلي ذلك.
عم محسن كان قد أصيب بجلطة تركت آثارها علي النطق فأصبح يعاني صعوبة كبيرة في التحدث ولكنه الآن يقيم في الدار بعد الاطمئنان علي حالته وعمل كافة الإجراءات والفحوصات اللازمة له وباتت عودته للشارع فكرة مستحيلة خاصة وأن الابتسامة التي لا تفارق وجهه تؤكد ذلك حتي وإن كان غير قادر علي التعبير عما يشعر به الآن.
عماد.. إلي الدار ثم إلي أهله
هذه هي الرحلة التي مر بها عم عماد الذي مكث في الشارع3 سنوات وهو مصاب بعدة أمراض من أعراض الشيخوخة حتي تم نشر صورته عن طريق أحد المستخدمين وتم نقله بمساعدة المتطوعين إلي دار بالمطرية ولكن تدهورت صحته.
انتقل بعدها إلي المستشفي حتي تم التواصل مع مسئولي دار معانا لينتقل بعدها عماد إلي الدار ويقضي فترة بداخلها حتي يظهر أهله الذين يبحثون عنه ويعود إليهم تاركا الدار التي كانت له فترة انتقالية بين الشارع والعودة من جديد إلي الأهل.
هروب.. نسيان.. ضياع و طرد سيناريوهات عديدة
ألقت بهم في الشارع.. وفرصة جديدة تعيد الأمل في حياة بعد الستين عارف يعني إيه دار مسنين للمشردين بلا مأوي ؟, طب عارف يعني إيه حياه كريمة ؟, طيب عارف يعني إيه حد بينام في الشارع في البرد والحر والمطر وبياكل من الزبالة ؟, نقولك بقي إحنا فريق معانا هدفنا إنقاذ أي مسن مشرد في الشارع علشان ينعم بحياة كريمة ناخد الناس اللي في الصور دي من حد بينام في الشارع لحد تاني خالص بينام في بيت نضيف بياكل أكل نضيف بيتعامل كأنه في بيت أولاده اللي بيحبوه من قلبهم شوفوا فرق الصور وشوفوا الضحكة اللي من القلب لما أم تلاقي اللي يرعاها وأب يلاقي اللي يحبه ويحافظ عليه ويتكلم معاه, الناس دي محتاجة أبناء يزورونهم ويساعدونهم.. هذا هو ملخص الرسالة التي يسعي فريق معانا لنشرها بالاستعانة بصور قبل وبعد ترك الشارع مصحوبة بقصص إنسانية توضح كيف وصل كل منهم لهذا المصير وكيف تم إنقاذه وكيف يعيش الآن..
جمال.. وصل الدار في الوقت المناسب والعناية الإلهية أنقذته من بتر القدمين
عم جمال أو عبد الناصر فهو يحمل الاسمين رغم أن الثاني هو الحقيقي كما أكد هو بعد ذلك, بدأت حكايته منذ تم إبلاغ جروب معانا بوجود رجل مسن بلا مأوي يعيش في شوارع أكتوبر, الأمر الذي تطلب القيام بالإجراء الطبيعي المتبع في هذه الحالة وهو الانتقال إلي مكان تواجده والحديث معه للتأكد من أنه لا ملجأ له سوي الشارع.
ولكن تفاصيل حياته السابقة لم تكن بنفس القدر من الأهمية بسبب التدهور الواضح والملحوظ في حالته, فقد كان مريضا للغاية وكان لابد من عرضه علي مستشفي قبل نقله للدار, تمت تهيئته لنقله إلي المستشفي وبعد الكشف أوضح الأطباء أن الحالة تستلزم بتر القدم من فوق الركبة, وبالفعل تم تحضير كل ما يلزم لإجراء العملية ولكن داخل غرفة العمليات اكتشف الأطباء أن الدم مازال يتدفق في كل أوعية القدم علي عكس ما أوضحته الفحوصات الطبية التي سبقت العملية وبفضل الله تمت العملية ولكن دون بتر القدم بل كانت مجرد عملية لكحت وتنظيف الجروح المتعفنة العميقة بالقدمين.
سعيد.. كان مقطوع من شجرة
والأصدقاء أخرجوه من عزلته
مليش حد غير ربنا هذه كل المعلومات التي يعرفها عن نفسه قبل وصوله إلي الشارع وحتي بعدها, كان يقيم بجوار مصنع أدوية بشارع ناهيا ببولاق الدكرور بالجيزة ويتحدث بمنتهي الاتزان فهو ليس مريضا نفسيا أو ناسيا لماضيه ولكنه شخص هادئ الطباع اعتاد العزلة منذ أن كان طريح الرصيف, بل يعرف نفسه جيدا ويحفظ اسمه الثلاثي سعيد مصطفي حافظ.
كان يعاني من مشكلة صحية في فقرات الظهر وتابعته إحدي الفتيات وقامت بتصويره ونشرتها في صفحة أطفال مفقودة علي الفيسبوك حتي يتمكن أحد من إنقاذه وبالفعل تم التنسيق مع مؤسس جروب معانا الذي أقنعه بتلقي العلاج والانتقال إلي الدار, لتتبدل عزلته ونظراته الحائرة إلي ابتسامة ونظرات تشعر بالراحة والرضا بين أشخاص يعلم أنهم عاشوا نفس ظروفه.
فرج في24 ساعة علاج كسر القدم والانتقال لبيت جديد
انتقل في أقل من24 ساعة إلي الدار, وهي من أقل الأوقات التي استغرقها فريق معانا لإقناع أحد المسنين المشردين بالانتقال إلي الدار, فقد كان يعيش عم فرج في غمرة ولا يستطيع الحركة بسبب كسر في قدمه.
وقد تواصل معه مسئولو الدار حيث كان الكسر في عظام القدم اليسري لذلك تم تهيئته أولا لنقله إلي المستشفي وتلقي العلاج اللازم هناك ثم انتقل أخيرا إلي بيته الجديد بالدار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.