انطلاق المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب في 14 محافظة    «العمل» تواصل اختبارات المتقدمين للفرص في مجال البناء بالبوسنة والهرسك    اللجان الانتخابية بدائرة الهرم والعمرانية تستعد لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب 2025    أسعار الفراخ فى البورصة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    الهدوء يسيطر على سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الاثنين 10-11-2025    ارتفاع التضخم الشهري في مصر 1.3% خلال أكتوبر    مصرع شخصين جراء إعصار فونج وونج بالفلبين وإجلاء أكثر من 1.4 مليون شخص    بعد 40 يوما .. مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف في الأحياء الشرقية لخان يونس    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره المالي    وزارة الرياضة تقوم بحملات رقابية على مراكز الشباب بمحافظة البحيرة    توروب يسافر إلى الدنمارك لقضاء إجازة بعد التتويج بالسوبر    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 10 نوفمبر 2025 والقنوات الناقلة    عاجل- الهرم تتأهب لانتخابات مجلس النواب وسط تأمين مكثف من الداخلية    اليوم.. طقس مائل للحرارة نهارا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 28 درجة    التعليم تحدد مواعيد امتحان شهر نوفمبر لصفوف النقل والدرجات المخصصة .. اعرف التفاصيل    6 ملايين مشاهدة لأغنية "سيبتلي قلبي" ل أنغام على يوتيوب (فيديو)    الثوم ب 100 جنيه.. أسعار الخضروات والفواكة في شمال سيناء    ب أماكن لكبار السن وذوى الهمم.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب    ارتفاع أسعار النفط مدعومًا بتفاؤل بإعادة فتح الحكومة الأمريكية    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    الرئيس اللبنانى يؤكد ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة على البلاد    لجنة المرأة بنقابة الصحفيين تصدر دليلًا إرشاديًا لتغطية الانتخابات البرلمانية    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    «محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    شيري عادل: «بتكسف لما بتفرج على نفسي في أي مسلسل»    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    اليوم.. العرض الخاص لفيلم «السلم والثعبان 2» بحضور أبطال العمل    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نار المأساة إلي جنة المواساة
مشردون في الشارع: لسه في العمر بقية
نشر في الأهرام المسائي يوم 28 - 04 - 2016

هو أرذل العمر الذي انتقاه الله عز وجل وذكره في أكثر من موضع في كتابه العزيز موصيا بكل من يمر بهذه السن, وهي المرحلة التي يتوقف فيها عمل الشخص ليحصل علي ما نطلق عليه مكافأة نهاية الخدمة نظير السنوات التي قضاها في العمل, وهي نفسها الفترة التي ينتظر فيها الآباء والأمهات رد الجميل أو بالأحري تنفيذ الأمر الإلهي رب ارحمهما كما ربياني صغيرا.
ولكن هذه السيناريوهات ليست وحدها التي تواجه كبار السن فالزهايمر قد يأخذ جولته في ذاكرة أحدهم ليقضي آخر أيامه لا يعرف شيئا, أو تحاصره بعض أمراض الشيخوخة التي تترك أثرها عليه ولا تفارقه طوال يومه, وقد يصبح واحدا من هؤلاء الذين انتهي بهم الحال إلي الشارع وأيا كانت الطريقة التي أدت بهم إلي هذا المصير فالنتيجة واحدة, فقد باتوا مسنين مشردين لا مأوي لهم, لتكون هذه نهاية الخدمة التي يلاقونها في آخر العمر بدلا من الحياة الكريمة التي يطمحون إليها بعد تأدية رسالتهم في الحياة.
الأهرام المسائي تستكمل ملف المفقودين ولكن هذه المرة مع المسنين الذين لجأوا للرصيف هربا من عقوق الأبناء أو بسبب مرض نفسي جعلهم يختارون العزلة وإن كانت في الشارع وقد يكونون ضمن المفقودين الذين تاهوا ولا يعرفون طريق العودة.
معانا.. حتي آخر العمر
لإنقاذ أي مسن مشرد تواصل مع محمود وحيد علي رقم..... عبارة ثابتة مرفقة بكل منشور جديد يتم وضعه علي صفحة معانا التي دشنها علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بهدف نشر الفكرة وتوسيع دائرة المنفعة التي يسعي لتعميمها والتي لم يكن لها أي ترتيب بل كانت وليدة موقف عابر صادفه في الشارع.
رجل مسن تظهر عليه علامات الشيب والمرض والعجز يفترش الرصيف, ورغم كونه مشهدا معتادا لمعظمنا نصادفه بصورة شبه يومية إلا أن محمود قرر أن يبدأ بنفسه خاصة وأن المسن المشرد كان في حالة يرثي لها.
الكل رافض يقبله
طلب الإسعاف أولا لنقل الرجل إلي أي مستشفي ولكن بعد وصول الإسعاف رفضوا نقله لأن مفيش أي مستشفي هيقبله علي حد وصفهم, ولكن بعد محاولات عديدة لإقناعهم وافقوا علي نقله داخل سيارة الإسعاف بعد مرافقة محمود له وضمان مسئوليته عنه, لتبدأ رحلة البحث عن مستشفي يقبل الحالة حيث تحقق محمود من رواية المسعفين حيث رفض أكثر من مستشفي قبوله حتي وافق قصر العيني أخيرا علي الكشف عليه فقاموا بقياس السكر والضغط وانتهوا إلي حالة قدم سكري وجرح متعفن بالساق تسبب في إنهاء الكشف عليه وعدم حجزه بعد إجراء اللازم له لأنه يعاني من بكتيريا قد تنتشر في المكان, وبالفعل غادرا المستشفي وتوجه محمود بعدها إلي صديق يعمل طبيبا أدخله أحد المستشفيات بشكل شخصي وتم إجراء عملية في القدم مع تناول بعض العقاقير الطبية ليستعيد الرجل شيئا من عافيته بعدها وينتهي الأمر بقرار الخروج من المستشفي, الأمر الذي دفع محمود للتفكير في كيفية عدم إعادة المسن إلي الشارع مرة أخري بعد تماثله للشفاء.
بدون شروط
ويقرر بعدها البحث عن دار مسنين أو رعاية يقيم فيها بدلا من الشارع ليبدأ رحلة عذاب جديدة بسبب رفض أي مكان قبوله بدون أوراق رسمية أو وجود أي صلة قرابة تربطه به, ليلجأ أخيرا إلي دار استثماري للمسنين وافق علي قبوله مع ضمان التكفل بمصاريف شهرية قدرها3000 جنيه إقامة وطعام مع توفير نفس القيمة كمبلغ جديد يضاف إلي حساب المستلزمات الطبية والكشف.
التكفل بحالة واحدة ورؤية التغيير الذي طرأ عليه بعد ترك الشارع والتواجد في مكان آدمي آمن دفع محمود إلي الرغبة في تكرار التجربة مع حالات أخري تفترش الشوارع والأرصفة بلا مأوي, ليلتقي بعدها بحالة جديدة يرقد صاحبها في ميدان الخلفاوي ويعاني من نفس الأعراض التي وجدها في الحالة الأولي ليقرر نقله هو الآخر ولكن تكاليف إقامة فرد واحد في دار استثماري مكلفة للغاية فكيف سيكون الوضع مع اثنين, الأمر الذي دفعه إلي اللجوء إلي أصدقائه المقربين لبحث إمكانية تقديمهم لأي مساعدات إذا أرادوا وبالفعل تعاونوا معا خلال فترة وجيزة ولكنها لم تكن كافية لينتظر الرجل حيث فوجئ بوفاة الرجل في الشارع قبل تلقي أي مساعدة.
وكان هذا الحادث السبب الرئيسي في إنشاء دار معانا للمسنين المشردين كمكان شرطه الوحيد إنسان عايش في الشارع محتاج رعاية ولا يشترط توفير أوراق رسمية ولا يطبق الإجراءات الروتينية.
وعن هذه التجربة تحدث محمود عن فكرة تخصيص مكان لحالات المشردين وبصفة خاصة المسنين عبارة عن شقتين بمدينة6 أكتوبر ساعده أصدقاؤه علي تجهيزها ببعض الأثاث والمفروشات وكذلك الملابس الجديدة علاوة علي تواجد مجموعة من الأشخاص يقومون برعايتهم24 ساعة نظرا لاحتياجهم لعناية ومتابعة مستمرة ولهم مرتبات وأجر علي ذلك بالإضافة إلي تكاليف الكشف الدوري والتحاليل والعرض الطبي لمن تستدعي حالته المتابعة.
وعن الحالات التي تقيم حاليا في الدار يقول محمود إنهم11 حالة بعد عودة أكثر من حالة لأهلها بعد التعرف عليهم, مشيرا إلي صعوبة إقناع بعض المسنين المشردين بالانتقال إلي الدار بسبب فقدان الثقة في أي غريب يحاول الاقتراب منهم حيث إنهم اعتادوا بعض التصرفات المؤذية من قبل بعض المارة علاوة علي أن ما يتبادر إلي ذهنه هتاخده تعمل بيه إيه ؟ أو إصابة بعضهم بأمراض نفسية أو الزهايمر, ولكن بمجرد إقناعه ونقل إحساس الأمان له ينفذ كل ما يطلب منه, ولكن هناك بعض الحالات التي تحتاج إلي وقت أطول لإقناعها من خلال زيارتها والجلوس معها أكثر من مرة لطمأنتها.
ويضيف: إن هناك بعض الحالات التي لا حول لها ولا قوة حيث لا يجد منها أي رد فعل فيتم نقلها إلي أقرب مكان لتنظيفه أولا والتوجه إلي المستشفي بعدها حتي يتم قبول الحالة, وهو السيناريو المعتاد لأي حالة جديدة قبل وصوله إلي الدار بعد الاطمئنان علي حالته.
هل من مزيد ؟
يوضح محمود أن موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك هو وسيلة الإعلام التي تروج للدار والفكرة بشكل عام من خلال صفحات أطفال مفقودة ومفقودين حتي يتمكن من نشر الصور والحالات التي يتم نقلها إلي الدار كما يقوم الأعضاء بتصوير أي مسن يرقد في الشارع حتي يتمكن الدار من نقله ومساعدته بالإضافة إلي وجود حلقة وصل مع مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتهم.
ويقول إن الدار تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي وإنها جمعية مشهرة ولكن كل ما يتمناه هو الحصول علي مبني كامل يتم تخصيصه لإقامة الحالات التي لا تحظي بمأوي لأن المكان الحالي لم يعد كافيا, لينهي حديثه قائلا ده أهم طلب بنطلبه أن يكون فيه أماكن تانية للمشردين من المسنين رحمة بهم مؤكدا أن استمرارية الفكرة أهم من انطلاقها واستيعاب أعداد أكبر سيساهم في حل مشكلة أهل الرصيف بالإضافة إلي ضمان حياة آدمية مستقرة لهم في آخر العمر.
سمراء الدار التي تركت الشارع بغير رجعة
هي صاحبة الوجه الأسمر البشوش والأم الطيبة الجميلة لكل الموجودين بالدار, هكذا اشتهرت بينهم لأن الابتسامة لا تفارق وجهها أبدا منذ انتقلت إلي' الدار' ورأت فراشها الهاديء والغطاء الموجود عليه والذي لن تفارقه أبدا بعد تجربتها المريرة مع' نوم الشارع والبهدلة' علي حد وصفها كلما تذكرت تلك الأيام.
سيدة أحمد حسن التي تخلي عنها الجميع حتي أهلها واستقر بها الحال إلي النوم بالشارع وتحديدا أمام محطة مترو السيدة زينب, وظلت هناك سنوات طويلة حتي أن أهل المنطقة قد حفظوا شكلها ومكانها واعتادوا المرور بجوارها يوميا حتي أن بعضهم أطلق عليها اسم زينب نسبة إلي اسم محطة المترو التي تجاورها.
أصيبت بشلل منعها من الحركة واستسلمت تماما لمصيرها الذي ألقي بها في الشارع حتي قررت إحدي الفتيات نشر قصتها وصورها علي' فيسبوك' لعلها تجد من يساعدها ومع تداول المنشور ووصوله إلي مؤسس جروب' معانا' توجه إليها وتم نقلها إلي الدار, ليتبدل حال' سيدة' التي لم تعد تفارقها الإبتسامة والفرحة بالبيت الجديد التي باتت في حمايته.
أنا مش عارفني
تم العثور عليه في ميت عقبة, وكان مستسلما ومستجيبا تماما لفكرة الانتقال من الشارع, فهو لا يعرف عن نفسه أي شيء ولا حتي اسمه, تداول المستخدمون صورته بهدف نشرها علي أوسع نطاق لعلها تفيد في الوصول إلي أحد يتعرف عليه أو يفيد في الوصول إلي أهله.
يقيم حاليا بالدار وذلك بعد عمل كل ما يلزم له من تهيئته وتبديل ملابسه وإحضار العقاقير الطبية اللازمة له, ولكن أفاد العاملون بالدار أنه يبدو عليه أنه يعاني من مرض عقلي.
سيد يعود إلي أهله في الدويقة
تغيب عن أهله عامين ظلوا خلالهما يبحثون عنه في كل مكان ولكن دون جدوي خاصة وأنه يعاني من مرض نفسي كما يشكو من العين اليمني, وقد قام أحد المستخدمين بنشر صورة عم سيد وتداولها عشرات المستخدمين غيره حتي توصل أهله إليه.
ولكن قبل ذلك كان يقيم عم سيد بالقرب من محيط وزارة الخارجية عند مدخل شارع بولاق أبو العلا من ناحية الكورنيش, وبعد نشر الصورة تم التواصل مع محمود مسئول الدار لمتابعة حالة عم سيد ونقله للدار إن أمكن.
ولكن تواصل ابن شقيق عم سيد مع مسئول الدار وتقدم بكافة الأوراق الرسمية التي تثبت صلة القرابة وتحقيق الشخصية.
إسماعيل: مات مرتاح
أما عم إسماعيل فإذا ذهبت إلي هناك الآن لن تجده لأنه انتقل إلي الرفيق الأعلي بعدما حظي في آخر أيامه برفقة عدد من الأصدقاء المسنين داخل الدار, يشعر الجميع سواء كانوا شركاء في صحبة الدار أو الأعضاء والمتطوعين في الجروب أن الله وحده من يسر انتقاله إلي الدار قبل أيام من وفاته حتي يموت في مكان نظيف وفراش هادئ بدلا من الشارع.
كان ينام في مدينة نصر في الحي السابع وتحديدا بجوار المحكمة وكانت الكلاب تنتشر حوله وتنام بجواره, ولم يكن يعلم سوي أن اسمه إسماعيل وقد اقتنع بالانتقال إلي الدار ولكنه كان يعاني من سعال شديد مصحوب بدم وقد تم نقله إلي المستشفي للعلاج حتي وافته المنية.
محمد المهدي: الإقامة بالدار أو العودة لسوريا
ملامحه تختلف بعض الشيء عن غيره من قاطني الشارع, فتشعر بمجرد رؤيته أنه اضطر للمكوث في الشارع رغما عنه, وهو التوقع الذي ساق أحد الأشخاص لتصويره وإرسال حالته لصفحتي معانا والمفقودين ليتم التواصل مع محمود وحيد ممثل الدار الذي ذهب إليه وعرض عليه الانتقال من الشارع إلي الدار, وقد كشف الرجل أنه سوري الجنسية وتحديدا من حلب ولا يملك شيئا سوي مبلغ بسيط جدا كان يحتفظ به.
طلب أن يعود إلي بلده سوريا أو يجد مكانا يعيش فيه بدلا من الشارع حيث يعاني من ضعف شديد في النظر ولا يقوي علي حياة الشارع, وبالفعل انتقل إلي الدار, وبالحديث مع مسئولي الدار قدم نفسه أنه محمد المهدي يبلغ من العمر53 عاما وكان يعمل كاتبا روائيا بسوريا وكان يعاني من أزمة قلبية وقد تم نقله إلي أحد المستشفيات لاستكمال علاجه.
حديث الروح يرصد مشاعر عم محسن
قضي أكثر من عام بجوار محطة أتوبيس النزهة الجديدة حتي قرر أحد رواد التواصل الاجتماعي وتحديدا هذا النوع من الصفحات المجتمعية التي تستهدف خدمة الآخرين تصويره والتواصل مع جروب معانا لبحث إمكانية نقله إلي الدار حيث رأي أنه من الحالات التي تحتاج إلي ذلك.
عم محسن كان قد أصيب بجلطة تركت آثارها علي النطق فأصبح يعاني صعوبة كبيرة في التحدث ولكنه الآن يقيم في الدار بعد الاطمئنان علي حالته وعمل كافة الإجراءات والفحوصات اللازمة له وباتت عودته للشارع فكرة مستحيلة خاصة وأن الابتسامة التي لا تفارق وجهه تؤكد ذلك حتي وإن كان غير قادر علي التعبير عما يشعر به الآن.
عماد.. إلي الدار ثم إلي أهله
هذه هي الرحلة التي مر بها عم عماد الذي مكث في الشارع3 سنوات وهو مصاب بعدة أمراض من أعراض الشيخوخة حتي تم نشر صورته عن طريق أحد المستخدمين وتم نقله بمساعدة المتطوعين إلي دار بالمطرية ولكن تدهورت صحته.
انتقل بعدها إلي المستشفي حتي تم التواصل مع مسئولي دار معانا لينتقل بعدها عماد إلي الدار ويقضي فترة بداخلها حتي يظهر أهله الذين يبحثون عنه ويعود إليهم تاركا الدار التي كانت له فترة انتقالية بين الشارع والعودة من جديد إلي الأهل.
هروب.. نسيان.. ضياع و طرد سيناريوهات عديدة
ألقت بهم في الشارع.. وفرصة جديدة تعيد الأمل في حياة بعد الستين عارف يعني إيه دار مسنين للمشردين بلا مأوي ؟, طب عارف يعني إيه حياه كريمة ؟, طيب عارف يعني إيه حد بينام في الشارع في البرد والحر والمطر وبياكل من الزبالة ؟, نقولك بقي إحنا فريق معانا هدفنا إنقاذ أي مسن مشرد في الشارع علشان ينعم بحياة كريمة ناخد الناس اللي في الصور دي من حد بينام في الشارع لحد تاني خالص بينام في بيت نضيف بياكل أكل نضيف بيتعامل كأنه في بيت أولاده اللي بيحبوه من قلبهم شوفوا فرق الصور وشوفوا الضحكة اللي من القلب لما أم تلاقي اللي يرعاها وأب يلاقي اللي يحبه ويحافظ عليه ويتكلم معاه, الناس دي محتاجة أبناء يزورونهم ويساعدونهم.. هذا هو ملخص الرسالة التي يسعي فريق معانا لنشرها بالاستعانة بصور قبل وبعد ترك الشارع مصحوبة بقصص إنسانية توضح كيف وصل كل منهم لهذا المصير وكيف تم إنقاذه وكيف يعيش الآن..
جمال.. وصل الدار في الوقت المناسب والعناية الإلهية أنقذته من بتر القدمين
عم جمال أو عبد الناصر فهو يحمل الاسمين رغم أن الثاني هو الحقيقي كما أكد هو بعد ذلك, بدأت حكايته منذ تم إبلاغ جروب معانا بوجود رجل مسن بلا مأوي يعيش في شوارع أكتوبر, الأمر الذي تطلب القيام بالإجراء الطبيعي المتبع في هذه الحالة وهو الانتقال إلي مكان تواجده والحديث معه للتأكد من أنه لا ملجأ له سوي الشارع.
ولكن تفاصيل حياته السابقة لم تكن بنفس القدر من الأهمية بسبب التدهور الواضح والملحوظ في حالته, فقد كان مريضا للغاية وكان لابد من عرضه علي مستشفي قبل نقله للدار, تمت تهيئته لنقله إلي المستشفي وبعد الكشف أوضح الأطباء أن الحالة تستلزم بتر القدم من فوق الركبة, وبالفعل تم تحضير كل ما يلزم لإجراء العملية ولكن داخل غرفة العمليات اكتشف الأطباء أن الدم مازال يتدفق في كل أوعية القدم علي عكس ما أوضحته الفحوصات الطبية التي سبقت العملية وبفضل الله تمت العملية ولكن دون بتر القدم بل كانت مجرد عملية لكحت وتنظيف الجروح المتعفنة العميقة بالقدمين.
سعيد.. كان مقطوع من شجرة
والأصدقاء أخرجوه من عزلته
مليش حد غير ربنا هذه كل المعلومات التي يعرفها عن نفسه قبل وصوله إلي الشارع وحتي بعدها, كان يقيم بجوار مصنع أدوية بشارع ناهيا ببولاق الدكرور بالجيزة ويتحدث بمنتهي الاتزان فهو ليس مريضا نفسيا أو ناسيا لماضيه ولكنه شخص هادئ الطباع اعتاد العزلة منذ أن كان طريح الرصيف, بل يعرف نفسه جيدا ويحفظ اسمه الثلاثي سعيد مصطفي حافظ.
كان يعاني من مشكلة صحية في فقرات الظهر وتابعته إحدي الفتيات وقامت بتصويره ونشرتها في صفحة أطفال مفقودة علي الفيسبوك حتي يتمكن أحد من إنقاذه وبالفعل تم التنسيق مع مؤسس جروب معانا الذي أقنعه بتلقي العلاج والانتقال إلي الدار, لتتبدل عزلته ونظراته الحائرة إلي ابتسامة ونظرات تشعر بالراحة والرضا بين أشخاص يعلم أنهم عاشوا نفس ظروفه.
فرج في24 ساعة علاج كسر القدم والانتقال لبيت جديد
انتقل في أقل من24 ساعة إلي الدار, وهي من أقل الأوقات التي استغرقها فريق معانا لإقناع أحد المسنين المشردين بالانتقال إلي الدار, فقد كان يعيش عم فرج في غمرة ولا يستطيع الحركة بسبب كسر في قدمه.
وقد تواصل معه مسئولو الدار حيث كان الكسر في عظام القدم اليسري لذلك تم تهيئته أولا لنقله إلي المستشفي وتلقي العلاج اللازم هناك ثم انتقل أخيرا إلي بيته الجديد بالدار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.