بدء تسليم كارنيهات العضوية للنواب المعلن فوزهم من الهيئة الوطنية للانتخابات    «القومية للأنفاق» تنفي تأثر «المونوريل» بحادث كسر ماسورة مياه في التجمع الخامس    ديشامب يرشح مصر والمغرب للحصول على كأس أمم أفريقيا 2025    قبل مواجهة تنزانيا، سيناريوهات تأهل منتخب تونس لدور ال 16 في أمم أفريقيا    ضبط طن أجبان غير صالحة للاستهلاك الآدمي في الدقهلية    وفاة الروائي محمد يوسف الغرباوي    رئيس الوزراء يتفقد عددا من أقسام مستشفى جامعة الجيزة الجديدة    محافظ المنوفية يوجه بفتح مقر جديد للمركز التكنولوجي لاستقبال طلبات المواطنين    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    مهرجان المنصورة لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تحذيرات من أجهزة اكتساب السُّمرة الصناعية.. تؤدي إلى شيخوخة الجلد    رئيس جامعة القاهرة يتفقد سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بعدد من الكليات    أسباب تأجيل إقالة أحمد عبد الرؤوف فى الزمالك.. اعرف التفاصيل    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي للشباب بأسيوط    أحمد الفيشاوى يحتفل مع جمهوره بالكريسماس.. فيديو    كيف يستفيد أطفالك من وجود نماذج إيجابية يحتذى بها؟    ضبط قضايا تهريب ومخالفات مرورية خلال حملات أمن المنافذ    وزير العمل يهنئ الرئيس والشعب المصري بالعام الجديد    إحالة سائق إلى محكمة الجنايات في واقعة دهس شاب بالنزهة    محافظ بني سويف يتابع استعدادات امتحانات الفصل الأول لصفوف النقل والشهادة الإعدادية    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    محمد يوسف: حسام حسن يثق في إمام عاشور.. وكنت أنتظر مشاركته ضد أنجولا    زلزال بقوة 5.6 درجة بالقرب من جزيرة أمامي أوشيما اليابانية    كل ما نعرفه عن محاولة الهجوم على مقر إقامة بوتين    الصحة: تقديم 3.4 مليون خدمة بالمنشآت الطبية بمطروح خلال 2025    فيتو فى عددها الجديد ترصد بالأرقام سفريات وزراء حكومة ابن بطوطة خلال 2025    هيئة السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات اليوم بسبب أعمال التطوير    محافظ القاهرة: اختيار موقف السبتية لإقامة معرض سلع ليستفيد منه أكبر عدد من المواطنين    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    أهلي جدة يستضيف الفيحاء في الدوري السعودي    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    حكام مباريات غداً الأربعاء في كأس عاصمة مصر    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: تهديد ترامب لحماس رسالة سياسية أكثر منها عسكرية    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    مجانًا ودون اشتراك بث مباشر يلاكووووورة.. الأهلي والمقاولون العرب كأس عاصمة مصر    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    الداخلية تكشف ملابسات خطف طفل بكفر الشيخ | فيديو    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقابل عجز الدولة.. مبادرة لرعاية المسنين المشردين في القاهرة

محمود وحيد، شاب مصري، قام بإنشاء دار "معانا" لرعاية المسنين المشردين في شوارع القاهرة، بعد أن عجزت الحكومة المصرية في احتضانهم. إلا أن المهمة الإنسانية هذه ليست بالسهلة ليتحمل أعبائها شخص واحد. DW عربية تابعت هذا الملف.
كثيرٌ ما نراهم في الشوارع المصرية، إما مرضى ملقَوْنَ على رصيف الشوارع وسط أكوام القمامة، أو يتسوَّلون من المارَّة، دون النظر إلى أوضاعهم أو الأسباب التي دفعتهم إلى الشارع، فهؤلاء يعيشون واقعًا مهمَّشًا في ظل تجاهلٍ كبير لأوضاعهم المعيشية، وعند البحث عن الأسباب التي دفعتهم إلى الشارع يظهر أن معظمُهُم طُرِدُوا من أهاليهم الذين لا يتحملون تكاليف معيشتهم أو أنهم ضلُّوا الطريق، وذلك في وقتٍ تقلص الحكومة فيه اهتمامَها بكبار السن وترك المهمة للقطاع الخاص والأهل. لذلك جاء تسليط الضوء على أوضاع المشرَّدين من كبار السن من شابٍّ مصريٍّ سعى إلى مساعدتهم، ولكنه لا يحظى حتى الآن بالدعم المطلوب، كما أنه يتحمل أعباء مادية فوق طاقته، مما قد يضع قيودًا على استكمال مهمته.
وضعٌ مرير
محمود وحيد، صاحب مبادرة دار مسنين "معانا" لكبار المسنين في الشوارع، ومقرها مدينة 6 أكتوبر يشرح ل DWعربية الأسباب التي دفعته للتفكير في هذه المبادرة، قائلًا: "في البداية وجدتُ مسنًّا حالتُهُ مزرية، وحاولتُ مساعدتَه، ولكن واجهتني صعوباتٌ عدَّةٌ بدأت بطلب عربة الإسعاف لنقله إلى دار الرعاية". وأضاف: "طلبت المستشفيات أوراقًا خاصة بالحالة، وهو أمرٌ صعبٌ، كما اشترطت دار المسنين "الخاصة" وجود صلة قرابة لقبول الحالة، وكلها متطلبات غير متوافرة. وأخذتُ الموضوعَ على عاتقي، ووافقت إحدى المستشفيات على قبول الحالة بإقرار شخصي"، حسب ما قاله وحيد.
وقبلت في النهاية دار استثماري الحالةَ، التي قدرت تكاليفَها بالأدوية والمستلزمات الطبية 6000 جنيه مصريًّا، أو ما يعادل 650 يورو. ويؤكد أنها لم تكن الحالة الوحيدة التي قابلها،؛ إذ ظهرت حالاتٌ أُخَرى، وكان يتبع معها نفس الخطوات، حتى وصل عددُهُم إلى أربعة حالات. وبسبب ارتفاع التكلفة المادية، فكَّر وحيد في إنشاء دار مسنين خاصة به. ومن هنا، جاءت فكرة دار "معانا"، وتكفَّل وحيد بمفرده بكافة المصاريف المالية، وساعده أصدقاؤه بتجهيز أثاث المكان فقط.
والمدهش أن وحيد لم يكن لديه أنشطة سابقة بالأعمال الخيرية. قائلًا: "ممكن أي حد يكون في يوم من الأيام مكانهم". وعن الدار، قال وحيد: ضمت في البداية أربع حالات كانت موجودة في دار مسنين خاصة، وأُضِيفَ إليها ثلاثة حالات أخرى. وأشار إلى وجود حالات "ترانزيت"، أي أنها تائهة عن أهلها، ولكنه تمكن من الوصول إلى أهلهم وإعادتهم، وهم ثلاث حالات. وعن آلية البحث عن المسنين، يكشف وحيد عبر إبلاغ الأهالي والأصدقاء عن وجود حالات صعبة. ويوجد بالدار الآن سبعة مسنين، بينهم سيدتان.
الدعم صفر
رغم حداثة إنشاء الدار التي لم تتجاوز شهرًا، ولكنه لم يحظ بأي دعم حتى الآن. في هذا السياق يقول محمود: "أمامي وقت طويل حتى أحصل على الدعم الكافي من الجهات المختصة". متابعًا: "أتحمل تكلفةً ماديةً شخصية شهريًّا لا تقل عن 10 آلاف جنيه، وهو حملٌ مادي كبير، وآمل في الحصول على دعم مادي". ولكنه لم يتخذ أي خطوات خاصة بالدعوة لحصول على دعم مادي. مفسِّرًا: "منتظر استكمال أوراقي الرسمية من وزارة التضامن الاجتماعي". ويدرك وحيد العبء الكبيرَ الواقع على عاتق الحكومة في التعامل مع الملفات الصعبة، ولكنه ناشد الأفرادَ أن يقوموا بواجباتهم ومساعدة الحكومة. والمطلوب من الحكومة فقط تيسير الإجراءات والأوراق المطلوبة لتيسير الأعمال الخيرية.
وعن إمكانية هروبهم من دار المسنين، يقول وحيد: "أنا لا أفرض المكان عليهم، فهم جاءوا إلى الدار بقرارهم". وتابع: "بالتأكيد هناك من يرفض، إما لديهم شراهة في التسول في الشوارع، أو أنهم يخشون الجلوس في مكان مغلق، ويفقدون الثقة في الآخرين".
والأمر الذي أثار دهشة وحيد، هو الغيابُ الكامل لبند المشردين من كبار السن في لائحة وزارة التضامن الاجتماعي المختصة بتقديم الإعانات المادية للجمعيات، فبند المشرَّدين يقتصر على من تتراوح أعمارهم بين يوم و18 سنة. ما يعني غياب كامل لبند المشردين المسنين من لائحة الوزارة. وهذا ما يفسر سبب عدم وجود دعم مالي لهذه الشريحة من المحرومين في المجتمع المصري. بيد أن الوزارة المعنية طالبت من محمود وحيد تقديم طلب لتعديل اللائحة بفكرة مقترحة، وهو أمر وصفه وحيد، وعلى حق، بالصعب والمعقد. فتلك مهمة تقع على عاتق المشرعين وخبراء القانون.
ويُعدُّ الروتين الحكومي من أصعب التحديات التي تواجهه. ويأمل وحيد في إنشاء مبنى كبير لجمع المشرَّدين من كبار السن بكافة الأنشطة والمستلزمات الطبية.
رسالة العم محسن: شكرًا محمود
يبدأ محسن عز الدين، 68 سنة، أو "عم محسن"، كما يناديه المارة في الشارع، الحديثَ عن حكايته قائلًا: "أقمت في محطة أتوبيس في دار النزهة لمدة عام ونصف، وتم تغيير ناظر المحطة وأراد طردي من المكان". وعن سبب وجودِهِ في الشارع، أضاف: "أولادي لا يرغبون في بقائي في المنزل؛ إذ لا يملكون مالًا كافيًا لتغطية نفقة معيشتي". وبدأ يوضح أسبابَ قبوله للعيش في دار مسنين قائلًا: "لم أعد أتحمل وجودي في الشارع؛ لأنه مؤلمٌ، ولم أَعُد أتحمل مضايقات ناظر محطة الأتوبيس، وعايز أدخل الحمام براحتي".
وتابع: "محمود ابلغني إني هاكل وهشرب وهنام كويس". وبدأ يكرر جملة "الحمد لله وشكرًا محمود أنا هنا بسبب محمود".
لم تتمكن DW عربية سوى الحديث مع محمود محسن، فباقي المسنين لا يتحدثون، ولديهم أمراض ذهنية تعجزهم عن الحديث.
كبار السن أدوا دورهم في المجتمع
ويعلِّق أستاذ علم الاجتماع في كليَّة الآداب في جامعة حلوان الدكتور رفعت عبد الباسط الأنصاري عن المبادرة، قائلًا: "كبار السن أدوا دورَهم في خدمة المجتمع في أثناء شبابهم، سواءٌ كانوا عمالًا أو فلاحين أو حرفيين، وعلينا تقديرهم". وهذه الحالة الفردية تُعدُّ إيجابيةً، فمن المطلوب أن يوفر لهم المجتمع الخدماتِ الأساسيةَ، فليس له ذنبٌ أن وجدَ نفسَه وهو مسن في الشارع".
وطالب الخبير الاجتماعي وزارة التضامن الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني بالاهتمام بهذا الملف، فلا يمكن تركُه لشاب واحد لوحده أو حتى لمجموعة من الشباب. مشيرًا إلى مشكلة أكبر قائلا: "كما توجد قنبلة موقوتة ممثَّلة في أطفال الشوارع، من باب أولى رعاية كبار السن أيضًا". وتابع: "فالأديان السماوية جميعها تحثُّ على الاهتمام والتعاطف مع كبار السن، وعلى وسائل الإعلام المختلفة أن تقدم مثلَ هذه النماذج، وإظهار كيفية استثمار الشباب فراغه في ِأشياء تعود بالنفع على المجتمع وتحويلهم إلى قدوة يُحتذَى بها".
وطالب بتخصيص يوم للوفاء، على غرار يوم اليتيم أو الأم، لتقدير مثل هذه الأعمال التي قام بها الشاب المصري محمود وحيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.