لم يتخيل حبيب باشا السكاكيني عند وضع أول لبنة في قصره بميدان السكاكيني وسط مدينة القاهرة أن يصل حاله إلي ما هو عليه الآن من الإهمال. رغم مرور 24 عاما علي أول قرار جاد لترميم القصر عام 1991 إلا أن السنوات تمر ولم يتم الانتهاء من ترميم القصر ومن المرجح ان يكون سبب تأخر الترميم حتي الآن هو انشغال المجلس الأعلي للآثار بترميم آثار أخري تنتمي إلي العصور الأيوبية المملوكية وغيرها. وحالتها الإنشائية سيئة بخلاف القصر المتماسك الذي لا يعاني من أي انهيارات. يقف قصر السكاكيني شامخاً وسط الأبنية. يتباهي بتاريخه العريق فعمره تجاوز 118 عاما منذ بنائه عام 1897 علي يد حبيب باشا السكاكيني وعلي الرغم من تعرضه لأبشع أنواع النهب والسرقة بعد أن آلت تبعيته إلي أكثر من جهة منها الاتحاد الاشتراكي فاختفت الكثير من معالمه وسرقت آثاره ومقتنياته وتأثر بالعوامل الطبيعية. يقع القصر وسط الميدان المسمي باسمه بالقاهرة. وتحديدا في منطقة الظاهر المزدحمة بالسكان علي مساحة 2698 مترا مربعا ومكون من خمسة طوابق عدا البدروم كما يحتوي علي 50 غرفة و400 شباك وباب و300 تمثال.. وعرف محيط القصر لاحقا بحي السكاكيني وبني علي يد معماريين ايطاليين جاءوا خصيصا للمشاركة في بنائه ويحوي العديد من الطرازات المختلفة حول العالم. حصرت محتويات القصر الذي انشيء علي الطراز الأوروبي نهاية القرن ال 19 في وجود ترابيزة من خشب الأرو ودولاب بمرآة وكرسي من الجلد وبعض اللوحات الزيتية. حيث يتكون القصر من 5 طوابق وبدروم ويحيط بأركانه 4 أبراج يعلو كل منها قبة صغيرة. وينخفض البدروم 6 درجات عن الأرض وبه 3 قاعات متسعة و4 صالات ودورات مياه وغرفتان وخال من الزخارف وكان مخصصا للخدم والمطابخ.. أما الطابق الأول فيه صالة رئيسية مساحتها 60 متر وبها 6 أبواب تؤدي إلي قاعات القصر وانشئت أرضيتها من الرخام. وقاعات أخري للاحتفالات الرسمية والطعام. وفي الأخيرة غرفة مستديرة وبحوائطها بانوهات إطارات وبراويز مرسومة بيد رساميين ايطاليين والسقف مزين بالزخارف الزيتية. ويوجد طمس لبعض اللوحات الأثرية بسبب الدهانات والاستخدامات الخاطئة لها قبل تسجيل القصر اثرا عندما كان القصر مقرا للاتحاد الاشتراكي ثم متحفا صحيا وباقي الأدوار عبارة عن حجرات للنوم واستخدامات لمعيشة أسرة السكاكيني.. وتم تسجيل القصر أثر عام 1994 وتم نزع ملكيته للحفاظ عليه كأثر له قيمته التاريخية والمعمارية. ونتيجة تبعية القصر لعدة جهات سابقة تسبب ذلك في فقده لزخارفه ومحتوياته. وتم عمل ترميمات بسيطة في بعض الأرضيات والكشف عن بعض الزخارف وتثبيتها في التسعينيات من القرن الماضي. وتم وضع نظام ترميم متكامل يشمل دراسة وثائقية وتحليلية لجميع عناصره ومناطق التدهور وكيفية ترميمها من خلال متخصصين في الآثار والعمارة وجميع محتويات الأثر وان ترميم الأثر تكنيك لابد من اتباعه لإعادة الشيء لأصله وليس تجديده واعتبرت مع مرور الزمن يكاد يختفي القصر اليوم وسط الأبنية وظلام الميدان بالرغم من تصنيفه ضمن آثار القاهرة بل وتتخذه منطقة آثار وسط القاهرة مقرا إداريا لها. ومع ذلك يعاني القصر من الإهمال الشديد سواء من خارجه أو داخله. المكونات تحيط بالقصر حديقة تآكل نصفها ومحاطة بسور يطل عليها تمثال نصفي ل "حبيب باشا السكاكيني" صاحب القصر. بجانب تماثيل وزخارف ومحتويات تم نهبها وسرقتها علي مدي العصور بالاضافة إلي النقوش والتماثيل. التي طمست مع مرور الزمان. وتمثالان كبيران علي هيئة أسد تم محو وجهيهما. وكسر قدميهما الأمامية. كما يحتوي القصر علي عمودين يحملان تمثالين من المرمر علي جانبي المدخل اختفيا مع الزمن بالاضافة إلي تمثال فتاة "درة التاج" والتي تعتبر من أكثر التماثيل المنتشرة في أنحاء القصر بجانب بقايا تمثال علي هيئة تمساح ويتزين القصر بأشكال فتيات وأطفال اختفي لونها الأصلي وتماثيل صنعت من الرخام. أما البوابة الخلفية فتوجد بها نافورة جفت منها المياه وأمامها تمثالين لأسدين من الجرانيت الأبيض والرخام من إيطاليا بجانب حوامل التماثيل الملقاة علي الأرض وعلي الرغم من كافة صنوف الإهمال التي يشهدها القصر لم تتحرك الدولة لإنقاذة. آلت ملكية قصر السكاكيني إلي الدولة في عام 1961. ومع احتياجه إلي الترميم لم يصدر قرارا بترميمه إلا في أبريل 1991. عند ظهوره في برنامج "حكاوي القهاوي" والذي شاهده الرئيس الأسبق حسني مبارك ولفت انتباهه. وعلي الفور تم رصد مبلغ مليون جنيه من خزينة الدولة لترميمه. ومر الوقت ولم يتم ترميم القصر. القرار الثاني في عام 2013 قررت الهيئة العامة للآثار في عهد الدكتور محمد ابراهيم. وزير الآثار السابق تحويل القصر إلي متحف للطب وذلك لعرض الأدوات الطبية التي عثر عليها منذ عهد الفراعنة. كما اصدر وزير الآثار. توجيهاته لقطاع المشروعات ببدء مشروع الترميم الدقيق لواجهات القصر. والتماثيل الخارجية. وذلك من خلال مرممي الوزارة. وإلي الآن لم يتم الترميم. علي الرغم من وجود أعمدة الترميم علي جانبي القصر. في البداية يقول وعد الله أبوالعلا رئيس قطاع المشروعات: قرر المجلس الأعلي للآثار سابقا الاستفادة من هذا القصر وتوظيفه من خلال اقامة أول متحف لعلوم الطب المصرية ولكن الغيت هذه الفكرة وقررنا الاحتفاظ بالقصر كما هو لأن محتويات القصر والشكل المعماري لا يليق بوجود متحف لعلوم الطب به. اضاف أبوالعلا انه يتم حاليا عمل دراسات في مكتب استشاري معماري ليقوم بعمل ترميمات دقيقة لزخارف القصر كمحاولة لإعادته لما كان عليه موضحا ان أعمال الترميم تبدأ بأعمال التوثيق الأثري والتسجيل العلمي ويتم ذلك من خلال عمل تصوير فوتوغرافي لكل ما في القصر من زخارف وآثار وتحف وغيرها ثم تبدأ عملية التنظيف والغرض منها هو إزالة الاتساخات ونواتج التلف المشوهة للالوان والاخشاب الأثرية والرخام والزخارف الموجودة بالقصر وبعد ذلك تتم عملية التقوية والتثبيت للمناطق الضعيفة والهشة في القصر والمهددة بالانهيار ثم عملية المقاومة البيولوجية وتتم هذه العملية بازالة وتنظيف فضلات الحشرات والفطريات أولا ثم تأتي عملية الابادة والمقاومة للحشرات واليرقات والفطريات باستخدام المواد المناسبة التي تعاني من التفتت بالاضافة إلي اعمال الاستكمال والاستبدال للعناصر الخشبية التالفة بالقصر ومعالجة مظاهر التآكل والتدهور والتلف الموجودة بالأرضيات والتماثيل والسلالم وكذلك تلف وخلل كثير من الأرضيات والكوبستات والفازات الرخامية والهبوط الموجود في ارضيات الرخام والذي أدي إلي احداث شروخ. يقول سعيد حلمي رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية إن هناك مكتبا للاستشارات الهندسية يقوم بعمل دراسة وثائقية واثرية لاعداد مشروع ترميم شامل للقصر وانتهت إلي انه بالنسبة لأعمال إدارة الترميم الدقيق لشرق ووسط القاهرة بقطاع المشروعات فقد تم عمل محضر معاينة للعناصر الحجرية والرخامية بالواجهات الخارجية للقصر وتم عمل تنظيف ميكانيكي وكيميائي للواجهة الجنوبية والغربية وتم عمل تنظيف ميكانيكي وكيميائي للنافورة الرخامية بحديقة القصر والعمودين الرخاميين ولحامل الطرابيش الخشبي بمدخل الباب الجانبي الغربي. اضاف انه بالنسبة لاعمال الإدارة العامة للخدمات الفنية بقطاع المشروعات فقد تم عمل محضر معاينة وبدء عمل بمشروع إنارة حديقة القصر وتم عمل محضر انتهاء اعمال الكهرباء وهي عبارة عن تثبيت اللوحة العمومية وتثبيت عدد 18 عمودا مثبتا عليها 18 كشافا. أما بالنسبة لأعمال الإدارة المركزية للحدائق والتجميل فقد تم عمل محاضر لمعاينة الاشجار وقد اتضح وجود مشاكل بها مع العلم بأنها اشجار غير اثرية ومتواجدة بوفرة في السوق المحلي موضحا انه تم التوصل بضرورة عمل شبكة صرف زراعي بالحديقة لتحسين الصرف بالموقع. أكد انه في الوقت الحالي هناك دراسات ومشروعات للترميم ولكن غير محدد حتي الآن وقت الانتهاء من الترميم حيث ان هذه الأعمال تحتاج لفترات طويلة. المنطقة المحيطة وعن المنطقة المحيطة بقصر السكاكيني والآثار الموجودة بيها فهو يوجد مسجد الظاهر بيبرس وهو أكبر جوامع القاهرة حيث تبلغ مساحته 103 في 106 أمتار ولم يتبق منه سوي حوائطه الخارجية وبعض عقود رواق القبلة. كما أبقي الزمن علي كثير من تفاصيله الزخرفية سواء الجصية منها أو المحفورة في الحجر. وتعطينا هذه البقايا فكرة صحيحة عما كان عليه الجامع عند إنشائه من روعة وجلال وتخطيطه علي نسق غيره من الجوامع المتقدمة يتألف من صحن مكشوف يحيط به أروقة أربعة أكبرها رواق القبلة كانت عقودها محمولة علي أعمدة رخامية فيما عدا المشرفة منها علي الصحن فقد كانت محمولة علي أكتاف بنائية مستطيلة القطاع كذلك صف العقود الثالث من شرق كانت عقوده محمولة علي أكتاف بنائية أيضا. أما عقود القبة التي كانت تقع أمام المحراب فإنها مرتكزة علي أكتاف مربعة بأركانها أعمدة مستديرة. وكانت هذه القبة كبيرة مرتفعة علي عكس نظائرها في الجوامع السابقة فإنها كانت صغيرة متواضعة. أما وجهات الجامع الأربعة فمبنية من الحجر الدستور فتحت بأعلاها شبابيك معقودة وتوجت بشرفات مسننة وامتازت بأبراجها المقامة بأركان الجامع الأربعة وبمداخلها الثلاثة البارزة عن سمت وجهاتها. ويقع أكبر هذه المداخل وأهمها في منتصف الوجهة الغربية قبالة المحراب. وقد حلي هذا المدخل كما حلي المدخلان الاخران الواقعان بالوجهتين البحرية والقبلية بمختلف الزخارف والحليات فمن صفف معقودة بمخوصات إلي أخري تنتهي بمقرنصات ذات محاريب مخوصة إلي غير ذلك من الوحدات الزخرفية الجميلة اقتبس أغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية. وكانت المنارة تقع في منتصف الوجهة الغربية أعلي المدخل الغربي. يقول الأثري سعيد حلمي رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية أنه تم استئناف أعمال ترميم مسجد الظاهر بيبرس بمنطقة الظاهر بعد توقف دام 4 سنوات حيث يتم في الوقت الحالي بخفض منسوب المياه الجوفية وعمل دورة جديدة لها. أوضح ان بدء أعمال الترميم في المسجد جاء بناء علي قرار من اللجنة الدائمة باستئناف الأعمال حيث ان العمل بالمشروع يتم بمنحة من كازاخستان وعقب الانتهاء من خط المياه سيتم ترميم الأروقة والأعمدة والقبة مشيرا إلي ان العمل بالمشروع بدأ في عام 2007 ثم توقف في عام 2011 نتيجة استخدام الطوب الوردي في عمل الدعامات والعقود والذي لا يتناسب مع الطبيعة الأثرية للمسجد حيث تم الاتفاق علي استخدام الطوب الطفلي في أعمال الترميم وهو أقرب ما يكون للطوبة الأصلية للمسجد وهذا النوع من الطوب قد تم استخدامه من قبل في أعمال ترميم مسجد زغلول بمدينة رشيد. كما ان تكلفة العمل بالمشروع تبلغ حوالي 88 مليون جنيه مصري تم صرف 35% من اجمالي المبلغ حتي الآن بقيمة 31 مليون جنيه وهو عبارة عن منحة مقدمة من الجانب الكازاخستاني وتم اعتماد منحة أخري بنفس القيمة السابقة لاستكمال أعمال الترميم بالمسجد والتي تشمل القبة والمئذنة الخاصة به وذلك بعد الانتهاء من اجراءاتها القانونية في كازاخستان.