طراز إيطالى وثروة فنية تحتوى على أجمل الزخارف من كل العصور المبنى زاخر بالتحف والمقتنيات ويتمتع بأقدم أسانسير فى مصر الأثريون نجحوا فى حمايته من التعديات والمطلوب ترميمه ووضعه على الخريطة السياحية كتب: محمد طاهر تصور : خالد جمال يقوم د. ممدوح الدماطى وزير الاثار بصحبة د. مصطفى أمين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ود. محمد عبد اللطيف رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية خلال الأيام القادمة بزيارة تفقدية إلى قصر السكاكيني فى ميدان السكاكيني بحي الظاهر للوقوف على حالة القصر الأثري ومتابعة سير الأعمال ولإعداد مشروع لترميم القصر الذي يعد أحد أهم وأعظم القصور التي تحظي مصر بوجودها على أراضيها .. فمن ينظر إلى قصر السكاكيني يعتقد أنه أمام أحد القلاع في إيطاليا نظرا لأن مبنى القصر من الخارج مبنى على الطراز الايطالي الزاخر بالزخارف الدقيقة التي زينت جدرانه وواجهاته وحديقة القصر التى امتلأت بالتماثيل والأسود والشرائط الزخرفية التى تحكى أساطير إغريقية وترجع لعصر الباروكو والركوكو ويحيط بالقصر رصيف مرتفع نجح فى منع أي تعدي عليه كما أحيط الرصيف أيضا بأقماع المرور لمنع وقوف أو انتظار السيارات فى منطقة حرم الأثر وقصر السكاكيني من المواقع الهامة التي حظيت باهتمام كبير من المؤرخين لاسيما في العصرين المملوكي والعثماني، حيث كان الموقع قديما بركة من المياه تسمى ببركة الأمير قراجا التركماني ثم ردمها حبيب السكاكيني في سنة 1892 بعد أن امتلكها بمرسى المزاد سنة 1880 ثم شيد عليها قصره سنة 1897 – 1315 هجرية وخطط الميدان على الوضع الحالي .. "الأخبار المسائي" قامت بجولة في قصر السكاكيني اصطحبتنا خلالها الأثرية فاطمة محمد عثمان مفتشة الآثار المسئولة عن القصر. تاريخ "السكاكينى" أنشأ هذا القصر – كما تقول د. هند على حسن مدير عام منطقة آثار الضاهر – اللبنانى حبيب جبرائيل أنطوان إلياس وسمي بالسكاكيني نسبة إلى مهنة والده الذي كان يعمل بصناعة الأسلحة البيضاء، حضر والد جبرائيل من دمشق إلى مصر سنة 1830 نظرا لاضطهاد الأتراك للمسيحيين في سوريا، وفي سنة 1840 م ولد حبيب في مصر وعمل بالمقاولات واشترك بدور بارز في أعمال حفر قناة السويس واستغل في هذه الفترة وجود المهندسين المعماريين والفنانين والفنيين الأوروبيين الذين اشتركوا في حفر القناة فقاموا ببناء القصر على طراز القصور الأوروبية في هذه الفترة، وقد توفي حبيب السكاكيني باشا في 4 يونيو سنة 1923. وكان حبيب السكاكيني قد استغل قرارات صدرت فى القرن التاسع عشر بشأن تجميل القاهرة وذلك بتجفيف البرك لمنع انتشار الأمراض فرسيت بركة الأمير قراجا التركماني على "السكاكيني" لتعميرها لتكون خالصة له وهو أحد المغامرين من لبنان أتى أيام الخديوي إسماعيل وكان يعمل مقاولا أثناء حفر قناة السويس حيث كان الحفر يتساقط بفعل الفئران مما دعا السكاكيني لإرسال جملا محملا بالقطط إلى موقع الحفر لإنهاء المشكلة فبدأ يدخل التاريخ من هذا الباب وقام "حبيب" فى العصر التاسع عشر بإدخال الطراز الاسلامي وبعدها الطراز الأوروبي فى قصره واستجلب كل العناصر فى الدور الأول نهضة أوروبية والثاني على الطراز العربي فجمع بين الطرازين ووضع أعلى باب القصر تمثالا نصفيا له وسجل اسمه أعلى مدخل القصر "حبيب السكاكيني 1897". والقصر أقامه المكتب الهندسي الاستشاري الإيطالي العالمي في روما واشترط على عائلة سكاكيني باشا ألا يتم أي تعديل أو إصلاح أو ترميم إلا بإشراف المكتب الهندسي الذي أنشأه أول مرة وذلك لدقة كل جزء من أجزائه الخارجية والداخلية ولضمه تحفا قيمة من زخارف وتماثيل ما يعجز عن تقليده لا إنشائه من جديد أعظم فنان يعيش في هذا العصر والمبني يسجل تاريخا حافلا بالعز واليسر .. التماثيل منتشرة في الخارج والداخل كلها من الرخام الإيطالي الفاخر .. السلالم والأرضيات فيه بالرخام الملون المستورد من إيطاليا طبقا لرسوماته كذلك الأرضيات بالباركيه الملون ملصوق على أشكال هندسية غاية في الروعة والجمال والجدران مغلفة بالخشب والبانوهات التى تتوسطها لوحات فينوس إلهة الجمال. ويقع مبنى القصر على مساحة 2800 متر مربع من مساحة أرض القصر الإجمالية والتى تبلغ 4000 متر مربع تقع داخل دائرة ضخمه خالية من جميع الجهات وضع تصميم الميدان لصالحها وتفرع منه تسعة شوارع رئيسية ومساحة هذه الأرض محاطة بسور حديدي وهي عبارة عن حديقة يتوسطها تماثيل لأسود "تفانوت" وبداخل القصر بعض المقتنيات والأثاث الأثري مثل ترابيزة من خشب الأرو وكرسي جلد بقرون جاموس وبرافان من الخشب أربع دلف وثمانية لوحات زيتية شغل يدوى ودولاب بمرآة بلجيكي واثنان تنور نحاس كما توجد مجموعة من أدوات الجراحة مهداه من الدكتور هنري أمين عوض. حالة القصر يعاني قصر السكاكيني من الاهمال التام منذ سنوات كثيرة فلم تجر أي تعديلات أو إصلاحات به منذ أن استعمل استعمالا جافا بمعرفة الإتحاد الاشتراكي الذي سكنه فترة من الزمن ثم تم إخلائه واستخدمته وزارة الصحة في 1962 حيث شغلت فقط الدور الأرضي والأول لعرض معروضات المتحف الصحي والدور الثاني لعرض معروضات متحف تاريخ الطب والصيدلة . ظهرت شروخ طولية بالقصر مما جعل وزارة الصحة تلجأ لمصلحة الآثار آنذاك فتم أولا تسجيله كأثر بقرار وزير الثقافة عام 1986 وبالفعل حضر خبراء من هيئة الآثار وعاينوا القصر وقرروا ترميمه تحت اشرافهم وقرروا مبدئيا مبلغ مائة واثنين وخمسون ألف جنيها ترميمات معمارية ومائة وخمسون الف جنيه للكهرباء وثلاثون ألف جنيه لزراعة الحديقة وكان هذا عام 1986 وسددت وزارة الصحة بالفعل في سبتمبر 1989 مبلغ خمسون ألف جنيه لهيئة الآثار وبدأت الهيئة في أعمال الترميم المعماري بالقصر من ديسمبر 1989 بعد نفاذ المبلغ أعلنت هيئة الآثار وزارة الصحة بقرب توقفها عن الترميم لنفاد المبلغ وأنها في حاجة ماسة إلى أربعمائة ألف جنيه لاستكمال الترميم المعماري في الأدوار الخمسة المكون منها القصر ولكنه توقف للأسف مما أدي إلى سوء حالة القصر والمطلوب عملية درء خطورة سريعة واستعادة المبنى إلى حالته الأصلية خاصة أنه يحتاج لفنيين ماهرين فى الحرف الأثرية وأخصائيو ترميم محترفين ومهندسين أكفاء وفنيين كهرباء ومهندسين زراعيين لأنه يمثل ثروة فنية يجب الحفاظ عليها سواء بتمويل من الخارج أو بمساهمات من رجال الأعمال المخلصين. الأثري ياسر عبد الكريم مدير عام شئون المناطق وسط القاهرة يؤكد أن القصر يمثل عصر النهضة الأوروبية مع مزيد من الزخرفة الاسلامية في القاعات العلوية وكان القصر متحفا لتاريخ الطب "متحف القاهرة الصحي" ثم جاء قرار مباشر من مجلس الوزراء للاستيلاء على كامل القصر وتم تسجيله عام 1987 بالقرار الوزارى رقم 1691 ويحتوي على أجمل الزخارف من كل العصور عصر النهضة متمثلة في الباروكو والركوكو واختلاط النماذج ولذلك لابد من وضع القصر بعد ترميمه على الخريطة السياحية. مكونات القصر عند الدخول إلى القصر من الباب الرئيسي تجد نفسك أمام أسانسير من أقدم الأسانسيرات الموجودة بمصر ويتكون القصر من خمس طوابق وبدروم ويحيط بأركان القصر أربعة أبراج يعلو كل برج قبة صغيرة والبدروم منخفض 6 درجات عن الأرض مكون من 3 قاعات متسعة و 4 صالات ودورات مياه وغرفتين وكلها خالية من الزخارف . ويضم الطابق الأول كما يقول الأثري أحمد قدري مدير عام الشئون الأثرية بقطاع الاثار الاسلامية والقبطية الصالة الرئيسية مساحتها 6 × 10 متر تحتوي على 6 أبواب مؤدية إلى قاعات القصر منها المدخل الرئيسي الذي يبلغ ارتفاعه 5 متر وهو من الخشب المصبع بالحديد المشغول الايطالي والزجاج البلور وأرضية الصالة بالرخام القطع الكبيرة بلون أبيض وأسود أما السقف زاخر بالزخارف البيزنطية الرائعة . تؤدي الأبواب إلى القاعات من قاعة الاحتفالات الرسمية التي يتفرع منها قاعتين وأرضيات الكل بالباركيه الملون والممتد من القاعات محمولة على أعمدة على الطراز الأيوبي وتحوي القاعات الثلاث على حليات زخرفية بارزة بالسقف بأوراق الذهب الخالص وكذا حوائط القاعة الرئيسية كلها زاخرة بالزخارف الملونة حتى الأعمدة عليها أحزمة من حليات بيزنطية كما توجد غرفتين مستديرتين يوجد بكل منهما مرايا زاخرة بالحليات الملونة وهي التي تأخذ شكل الأبراج من الخارج كما يوجد باب بالقاعة الرئيسية يؤدي إلى حجرة المدفأة ويوجد في صدر الحجرة دفاية مكسو حولها وأعلاها بالخشب الأويمة البديع الصنع وهي تحفة قائمة بذاتها. والقصر من الخارج روعة في الفن المعماري على طراز بيزنطي يشتمل على أبراج مستديرة وتماثيل رائعة وحليات وزخارف متقنة الصنع على يد فنانين ايطاليين أجادوا وأبدعوا وحول القصر يوجد حديقة بها أشجار وبداخل الحديقة نافورة بالجهة الشمالية في غاية الروعة بالإضافة إلى نافورات أخرى بأركان القصر . قاعة الطعام وعلى محور المدخل الرئيسي يوجد باب يؤدي إلى قاعة الطعام وهي مستطيلة ملحق بها غرفة مستديرة ويوجد بحوائط حجرة الطعام بانوهات مرسومة بيد الرسامين الإيطاليين وكذلك السقف مزخرف بالزخارف الزيتية ومحاطة بحليات مستديرة ويوجد بالحجرة المستديرة الملحقة نيش من الخشب لوضع الأواني والأطباق فيه وسقف هذه الغرفة مزخرف بالرسوم الزيتية . أما قاعة الموسيقي مزينة بتماثيل تمثل كيوبيد الحب لثلاث أطفال مكفوفين يحملون الأدوات الموسيقية وسهام الحب وفقا للأساطير الرومانية أما قاعة المجد "الإحتفالات" فقد أضافها هنرى حبيب ابن السكاكينى سنة 1930. قاعة المكتبة يوجد على شمال المدخل الرئيسي للقصر فتحة باب تؤدي إلى حجرة المكتبة وهي عبارة عن حجرة مربعة ملحق بها غرفة مستديرة منفصلتين بعقد دائري تحوي المستديرة على مكتبة من الخشب من ضمن الحائط وسقف بالرسوم الزيتية محاطة بزخارف وحليات مستديرة. أما الطابق الثاني فيتم الصعود إليه بواسطة سلم دائري من الخشب ويوجد مصعد بأبواب من الحديد المشغول والبلور ويتكون الطابق الثاني من عدة قاعات منها القاعة العربية والقاعة الوسطى وحجرات للنوم ملحق بها دورات مياه وهناك تمثال نصفى للسكاكيني حوله الملائكة داخل القصر في السقف والطابق الثالث عبارة عن صالة وسطها سلم من الخشب يصعد إلى القبة الكبيرة المركزية يوجد في هذا الطابق 4 غرف ودورة مياه ويمثل الطابق الرابع قاعة كبيرة وسطها سلم حلزوني عريض يصعد إلى الطابق الخامس الذي يعد فراندة وسطها أعمدة تحمل قبة مستديرة وهي المقعد الصيفي . حماية القصر ويظهر الدور الإيجابى والوطنى للأثري في هذا القصر ففى التوقيت الذي تعاني فيه وزارته من أزمة مالية طاحنة يقوم من خلال الامكانيات المتاحة ومن خلال مخاطبة الجهات المختلفة بالتعاون مع الحى بتقديم ولو القليل حفاظا على الأثر المسئول عنه بدلا من تصدير صورة مشوهة لمصر عبر مواقع التواصل الاجتماعى ونشر الشائعات التى لا أساس لها من الصحة حيث يظهر دور الأثريين بالقصر فى قيامهم وبجهود ذاتية مخلصة بوضع كشافات لإضاءة القصر ليلا ليبدوا للمارة ساحرا كما يقومون بتسديد قيمة إزالة القمامة على نفقتهم الخاصة مما جعل المكان نظيف جدا كما أن تفتيش الاثار نجح فى منع التعديات على القصر من خلال متابعة الاجراءات وليس الاكتفاء باتخاذ إجراءات ورقية فقط .. وخلال جولتنا بالقصر شاهدنا أخصائيو الترميم التابعون للإدارة المركزية لصيانة وترميم الاثار يقومون بتنظيف وترميم الواجهات وتماثيل القصر والنافورات ويغلفونها بالأكياس البلاستيكية حفاظا عليها من الأتربة والرياح ومخلفات الطيور والأشجار كما أن الحديقة حول القصر تبدو عليها مظاهر الاعتناء فمن الواضح أنها تحظي على اهتمام مفتشي الآثار ويتوسط أحواض الزهور تماثيل لأسود "تفانوت" وذلك يمثل نافورة. ليس هذا فقط إنما المنظومة بالكامل لابد أنها تسير بشكل جيد فإيجابية الأثريين انعكست على رئيس الحى ومأمور القسم التابع له القصر فوفقا لما أشارت إليه الأثرية سلوى حيرم مدير عام منطقة اثار وسط القاهرة فرئيس حى الوايلي اللواء عصام وهبه والعميد محمد هانى مأمور قسم الضاهر شديدى التعاون حيث استجاب رئيس الحي لشكوى إدارة القصر من لافتات انتخابات النواب التى وضعها المرشحون على أسوار القصر وقام بإزالتها بشكل فوري إلى جانب وضع أقماع المرور حول القصر لمنع السيارات من الوقوف بحرم القصر والغريب أنه حتى العامل الوحيد فى القصر ويدعى محمود محمد صبحى والذي يعيش في بدروم القصر ويقوم على حراسته 24 ساعة فقد لاحظنا أثناء إجراء هذا التحقيق أن هذا العامل لم يجلس لحظة فهو دائم العمل.