تضم مصر علي ارضها العديد من القصور التي تعتبر تحفا أثرية ومعمارية أغلبها بني في الفترة من عام 1850 الي بدايات القرن العشرين، وصمم هذه القصور كبار المهندسين من أوروبا في ذلك الوقت مما جعلها تحفة فنية لذلك لابد من الاهتمام بهذه القصور والمحافظة عليها من أي عوامل سواء طبيعية أو صناعية يمكن أن تؤثر عليها بالسلب.. بل ومحاولة استخدام وتوظيف هذه القصور بشكل يساعد علي احيائها وعودتها للحياة بدلا من تركها للضياع واهمالها فمصر تملك آلاف القصور التاريخية. وتكمن أهميتها في كونها وثائق تعبر عن تاريخ عصرهم بالاضافة إلي انها شهدت العديد من الاحداث التاريخية التي مر بها التاريخ المصري فمثلا قصر البارون إمبان، ذلك القصر الأثري بالغ الروعة والجمال قد شهد عصر بناء حي مصر الجديدة أرقي أحياء مصر وقصور عصر الخديوي اسماعيل صورت الحالة التي كانت عليها القاهرة انذاك حيث حاول الخديوي اسماعيل تجميل القاهرة ليجعلها مماثلة لأعظم مدن أوروبا لذلك استقدم من أجلها خبرة مهندسي الغرب ومصمميه ليجعلها قبلة للجمال المعماري في الشرق الأوسط فانشأ عددا كبيرا من القصور أهمها قصر عابدين وقصر الجيزة وقصر القبة وقصر الزعفران وقصر الاسماعيلية. قصر السكاكيني و لعل من أهم التحف المعمارية الموجودة في القاهرة قصرالسكاكيني الذي انشأه حبيب السكاكيني الذي ينتمي إلي أسرة السكاكيني وهي أسرة عريقة تعود الي القرن 15 الميلادي وهي من اصل سوري -لبناني وكانت مشهورة بصناعة السلاح والسكاكين ولذلك اطلق عليه اسم سكاكيني. وقد نزلت هذه الاسرة مهاجرة الي مصر في النصف الاول من القرن 19 وكانت نزلة خير حيث الثروة والرخاء والشهرة وكانت بداية نزوح هذه الاسرة الي مصر عندما هرب جبرائيل انطوان الياس حنا والد حبيب سكاكيني مع زوجته اغابي بيطار الشامي من دمشق الي مصر وذلك بسبب ظلم الاتراك في الشام واستقر بهما المقام في الفجالة ( كمال صدقي حاليا) وكان جبرائيل مسيحي الديانة كاثوليكي المذهب ولقد ولد حبيب سكاكيني وتم تعميده في 15 نوفمبر 1842م ثم بزغ نجمه وهو في العشرين من عمره حينما بدأ ديليسبس حفر قناة السويس وكان ضمن فريق عمل ديليسبس الا ان العمل توقف بسبب توغل الفئران في منطقة الحفر واهتدي حبيب الي طريقة لإبادة الفئران وهي انه جمع عددا كبيرا من القطط واخذها الي قناة السويس فقضت علي تلك الفئران واستمر الحفر بعد ذلك دون معوقات بيئية وعلم الخديوي اسماعيل بذلك فقرب اليه حبيب سكاكيني وبدأ يكلفه ببعض الاعمال الانشائية والبنائية وقد برع حبيب في المهمة التي كلفه بها الخديوي فكان له النصيب الكبير في انشاء دار الاوبرا القديمة حيث استخدم جذوع النخيل في انشائها. موقع القصر قام السكاكيني ببناء القصر في مكان كان يوجد به بركة مياه تقع علي الجانب الشرقي للخليج المصري وكانت تسمي بركة الامير قرجا التركماني واكتسبت هذه البركة اهمية كبيرة عندما ردمها حبيب السكاكيني في سنة 1892 وشيد عليها قصره سنة 1897 وقد امتلك السكاكيني هذه البركة بعد شرائها في مزاد صادر من محكمة مصر المختلطة في 10يونيو 1880م وذلك عكس ادعاء حفيدة السكاكيني بأن الخديوي اسماعيل اهداها الي حبيب السكاكيني.وقد اعطت مصلحة التنظيم رسما سنة 1880م لحبيب السكاكيني يتضمن تقسيم جزء من تلك الاراضي ورخصت له بالبناء لكن حبيب السكاكيني خالف ذلك التنظيم مما دعا الطرفين الي نزاع كبير بين كل من حبيب والحكومة وذلك بسبب قيامه بتشييد العديد من الشوارع في هذه الاراضي والتي كانت تبلغ مساحتها 9أفدنة حيث انه ردم تلك البركة واصبحت تلك البركة والاراضي المحيطة بها وهي حدودها مابين شارع العباسية بحري ومسجد الظاهر بيبرس بين كل من الخليج المصري ( شارع بورسعيد ) وباب الحسينية ملكا لحبيب السكاكيني وقد تم الصلح بين حبيب السكاكيني والحكومة المصرية بعدة شروط. الوصف المعماري للقصر يتكون القصر من " بدروم وثلاثة طوابق وبرج رئيسي وطوابقه وقبة البرج الرئيسي والابراج الركنية وطوابقها وقبابها وحديقة محيطة بالقصر وجزء تم اضافته علي يد هنري سكاكيني عام 1939" ويتكون بدروم القصر من سبع حجرات وتعتبر هذه الحجرات هي التخطيط الاساسي للقصر لانها هي الأساسيات الأصلية للقصر. يتقدم هذه الحجرات ممر مستعرض من الجهة الغربية ويستخدم بدروم القصر الجزء الشرقي مطبخًا وبه اسانسير للطعام وباقي البدروم كان يستخدم كإسطبل للخيول والعربات.أما الطابق الأول من القصر يتكون من مدخلين المدخل الجنوبي هو المدخل الرئيسي للقصر.ذات السلم الرخام والذي يتقدمه تمثالين من الرخام يمثلان كلبين. في حالة الافتراس وهذا المدخل يؤدي بدرجاته الرخامية الي الطابق الأول فقط والمدخل الغربي للقصر هو الذي يؤدي الي بئر السلم ( الاسانسير) ويوجد به سلم رخام مكون من اثنتي عشرة درجة من الرخام الكرارة وباقي درجات السلم من الخشب ويؤدي الي الطابق الثاني والثالث، ويتكون الطابق الاول من قاعة الاستقبال هذة الصالة مستطيلة تمتد من الشمال الي الجنوب طولها 9.15م2 وعرضها 4.80م2 وهذه الصالة هي الرئيسية للقصر لذلك يفتح عليها 6 أبواب تفضي الي جميع قاعات القصر في الطابق الأول، وحجرة السفرة وهي تقع في الجهة الشمالية من القصر وهي قاعة مستطيلة في ركنها الشمالي الغربي لوجود عقد يفضي الي الحجرة الدائرية الشمالية الغربية ويفتح بجدران هذة القاعة 5 أبواب ويغطي هذه القاعة سقف مزخرف باللوحات الزيتية وكذلك الجدران التي تحتوي علي زخارف مغطاة بدهانات مستحدثة اما الارضية فهي من خشب الباورك وقاعة الاحتفالات الرئيسية والتي تقع بالجهة الشرقية من مبني القصر الاصلي الا أنه بعد اضافة الزيادات الشرقية الي القصر أصبحت تتوسط قاعات الطابق الأول وتمتد من الشمال الي الجنوب وندخل إليها عن طريق باب بالجهة الغربية وتنقسم هذة القاعة إلي ثلاثة أقسام صغيرة يفصل بينها أربعة أعمدة ترتكز علي قواعد مربعة وذات تيجان مركبة وقسم السقف إلي ثلاثة أقسام ويتطابق القسم الشمالي والقسم الجنوبي في المقاسات والأرضيات والزخارف ويختلف القسم الأوسط عنهما. وسقفها تحفة من الزخارف الزيتية واللوحات الرائعة بجانب أعمال الجص الباهرة.ثم الحجرة الجنوبية الغربية التي تتقدم غرفة المكتبة نصل إليها من فتحة باب بالجدار الغربي للصالة الرئيسية وهي صغيرة وغير منتظمة الشكل وبالركن الجنوبي الغربي فتحة باب يعلوها عقد نصف دائري تفتح علي حجرة المكتبة الجنوبية الغربية وأرضية هذة الحجرة من الباورك وسقفها مسطح وتوجد بها نافذة تفتح علي دركاة المدخل الجنوبي.و قد أضاف هنري سكاكيني1939م قاعتين بالدور الأول وهي القاعة المضافة لقاعة الاحتفالات وقاعة المدفأة ثم نصل الي الطابق الثاني للقصر عن طريق سلم خشبي يفضي الي بسطة كبيرة يفتح عليها ثلاثة أبواب.و يوجد بالطابق الثاني ست حجرات وصالة (القاعدة العربية) هي اغني قاعات القصر ثراء زخرفيا وجمالا سقفًا وجدرانًا وسميت بذلك لأن كل زخارفها تشمل الطراز العربي في الزخرفة والتصميم لجدرانها سقفا وجدارا وارضية .وعندما أضاف المعمار الجزء الشرقي للقصر دمج الحجرة التي تتوسط الجانب الشرقي لهذا الطابق مع الحجرة الوسطي المضافة وأوجد قاعة وسطي ضخمة وبالتالي يصبح التخطيط المعماري للطابق الثاني ثماني حجرات والقاعة العربية والصالة بجانب أربع حجرات دائرية تشغل الابراج الاربعة الركنية والمنافذ وتعتبر الحجرات الدائرية هي آخر الأبراج الأربع بالدور الثاني وتم إضافة ثلاث حجرات بالطابق الثاني وثلاثة حمامات وصالة صغيرة تشبه الممر التوزيعي بالجهة الشرقية من القصريعد القصر من حيث التخطيط من التحف ذات التخطيط المعماري الدائري في مصر ويضم اربعة ابراج تشغل الاركان الاربعة له، يوجد بكل برج ثلاث حجرات في ثلاثة طوابق ويعلوه قبة مزخرفة من الخارج بزخارف جصية ويعلو القبة صاري مغطي بالزنك وهو من الخشب وهذه الحجرات تتشابه في تخطيطها المعماري وتختلف في وظائفها ترميم القصر قرر المجلس الأعلي للآثار الاستفادة من هذا القصر وتوظيفه من خلال اقامة أول متحف لعلوم الطب المصرية لذلك يقوم بعمل ترميمات دقيقة لزخارف القصر كمحاولة لإعادته لما كان عليه وتبدأ أعمال الترميم بأعمال التوثيق الاثري والتسجيل العلمي ويتم من خلال عمل تصوير فوتوغرافي لكل ما في القصر من زخارف وآثار وتحف وغيرها ثم تبدأ عملية التنظيف والغرض منها هو ازالة الاتساخات ونواتج التلف المشوهة للالوان والاخشاب الاثرية والرخام والزخارف الموجودة بالقصر وبعد ذلك تتم عملية التقوية والتثبيت للمناطق الضعيفة والهشة في القصر والمهددة بالانهيار ثم عملية المقاومة البيولوجية وتتم هذه العملية بازالة وتنظيف فضلات الحشرات والفطريات اولا ثم تأتي عملية الابادة والمقاومة للحشرات واليرقات والفطريات باستخدام المواد المناسبة التي تعاني من التفتت بالاضافة إلي اعمال الاستكمال والاستبدال للعناصر الخشبية التالفة بالقصر ومعالجة مظاهر التآكل والتدهور والتلف الموجودة بالأرضيات والتماثيل والسلالم وكذلك تلف وخلل كثير من الارضيات والكوبستات والفازات الرخامية والهبوط الموجود في ارضيات الرخام والذي أدي إلي إحداث شروخ وانفصال في البلاطات الرخامية .