شهامة.. نخوة.. رجولة.. جدعنة.. صاحب صاحبه ابن بلد يحبها ويخاف عليها.. يثور لمن يذكرها بسوء.. ينصر المظلوم ويقف في وجه الظالم.. يهدب روحه دفاعاً عنها.. يعشق تراب الوطن هذه كانت الصفات الغالبة لجميع المصريين.. اليوم طفت علي السطح بعض الصور المغايرة لهذه الطباع الأصيلة في وجدان المصريين لماذا تبدلت الأحوال هكذا؟ وكيفية الفكاك من الأمراض السلوكية والأخلاقية التي أصابت المصريين حول ماذا حدث للشخصية المصرية نقرأ السطور التالية. الشخصية القومية الدكتور أحمد زايد عميد كلية الآداب بجامعة القاهرة السابق يشرح ماهية الشخصية المصرية وما أثر عليها من تحولات.. بداية يمكن اعتبار أن الشخصية القومية تعني مفهوم النمط "النسجة" وبناء عليه يمكن أن يكون شخصية عامة أو قومية.. ثم ظهر مفهوم الشخصية المتوالية أي التكرارية وهي السمات التي تميز بلد عن الآخر.. فالثقافة هي الوجه الآخر التي يمكن دراسة الشخصية من خلالها. والعناصر الشعبية فتكون هي الدالة علي الشخصية وإن كان هذا الاتجاه قد تعرض للانتقادات كونها لا تضم التفاصيل الكثيرة الموجودة في ثقافة الشعوب والسمات لأي مجتمع متغيرة عبر الزمن ووفقاً للظروف المحيطة من النمط المعيشي. ماذا كتب عن الشخصية المصرية؟ أول من كتب عنا بعض المستشرقين أثناء الاستعمار "الفلاحون" كتبه إدوار وليم لين سجل فيه انطباعاته عن عادات المصريين وشمائلهم وكتابات الحملة الفرنسية رصدت أوصاف تنم عن الصبر والإيمان بالقدر وإهتمام بالحياة الآخرة أكثر من الدنيا. وحديثاً ظهرت كتابات لنا منها : الفكرة المصرية ويستطرد د. أحمد زايد الأعمدة السبعة كتاب للدكتور ميلاد حنا يمجد الفكرة المصرية ويعزف فيه حباً مفرطاً وجارفاً للوطن.. أما موسوعة شخصية مصر للمفكر جمال حمدان فقد أفرد فيها الشرح التفصيلي لجغرافية المكان وموقعنا الإقليمي وتوسطنا للعالم مما جعلنا مطمعاً عبر العصور للمستعمر وبعد النكسة ظهرت كتب جديدة تفند الشخصية المصرية وكانت مجلة الفكر المعاصر يتباري فيها نخبة من المفكرين وأساتذة الاجتماع والتاريخ منهم د. سيد يس د. سيد عويس د. علي فهمي د. مصطفي سويف تصنف الشخصية المصرية بكل أبعادها وصفاتها إلي أن الدكتور حامد عمار برصده للشخصية الفهلوية "القيمة" التي تلتف حولها الشخصية المصرية والجامعة لصفات متناقضة. ولاقت هذه الكتابات صدي كبير في مصر ولكنها تطورت فيما يخص الفقراء وبدأ الدكتور صفوت فرج بحثا علمياً عام 1979 حول شخصية المصري المعاصر وكنت ضمن فريق العمل وسجلت النتائج التي وصلنا إليه وأهمها أن سمة الصبر مثلاً ليست دائمة عند المصريين فلو إصطدم الإنسان بما يمس الشرف أو لقمة العيش فيستبدل إلي شخصية أخري تماماً بعيداً عن معني الصبر.. أما التدين فأخذ أنماطاً جديدة. الأرض.. والانفتاح يضيف د. أحمد زايد أن المصري كان يمجد الأرض ويمكنه أن يدافع عنها حتي الموت!! لا أن سياسة الانفتاح الاقتصادي بنهاية السبعينيات أدت إلي تفكك العلاقة الأزلية للإنسان بالأرض وتحولت إلي سلعة يمكن بيعها ونزعت عنها القيمة العظمي التي كانت تعيش في الوجدان كما أن الانفتاح أثر أيضاً علي رأسمال الاجتماعي وتلاشت علاقات إنسانية كثيرة. ماذا حدث؟ الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض "الخبير الدولي في مفاوضات طابا" يتساءل ما هي الظروف التي غيرت الشخصية المصرية اليوم؟ ونحن لن ننسي أبداً ما حدث في المجتمع المصري أثناء حرب اكتوبر 1973 لم تحدث حالة سرقة واحدة.. بعكس اليوم فالمجتمع يموج بالخطر من سرقات وخطف وغيرها إستغلال وإبتزاز وسلوكيات مرفوضة كفيلة بإنهيار أي مجتمع. مجتمع مريض سهام إبراهيم رئيس جمعية طفولتي أثارت مأساة أطفال الشوارع في المجتمع متساءلة لماذا تجاوب الناس مع هؤلاء الضحايا مختلف وضاعت النخوة ولم تعد إلا من رحم الله لدرجة أن المجتمع هو المريض وليس أطفال الشوارع وليس طفل الشارع المحتاج ليد رحيمة تأخذه إلي حيث الأمان والعلاج بدلاً من القسوة عليهم مما يشحن صدور الصغار تجاه المجتمع. ملوثات أخلاقية د. هدي زرقانة استاذ بكلية طب قصر العيني تنبه أن المجتمع المصري طرأت عليه متغيرات من الملوثات الأخلاقية نتيجة السفر خارج مصر خاصة إلي دول الخليج والعودة بأخلاق مغايرة لطبيعة المصريين.. وأصبح فيها هذه المتغيرات كل شيء يباع ويشتري حتي الأسرة الواحدة طالتها هذه الثقافة "بكام؟" وإنهارت أمام هذه الكلمة ثوابت أساسية في المجتمع من علاقات عائلية وإنسانية ومجتمعية. لابد من وقفة مع أنفسنا لعلاج هذه الملوثات التي تبعد كثيراً عن طبيعتنا بدلاً من ترسيخها في وجدان الصغار.. أما الإعلام ودوره في تكوين الشخصية المصرية مع مرض الأمية الذي ينخر في عظام المجتمع يصنع تأثيرات غير مرغوبة ومرعبة لابد من العودة من هذا الطريق لأن نهايته غير آمنة علي مصر والمصريين. تبديل الأدوار منال الخضراوي كبير أخصائيين بقطاع تكنولوجيا المعلومات بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء تثير اشكالية خطيرة تعاني منها نسبة ملحوظة في البيوت المصرية وهي تبديل الأدوار بين الرجل والمرأة فأصبحت المرأة هي العائل الرئيسي للأسرة والرجل يبتزها ويأخذ ما تتقاضاه إلا القليل لتسد به احتياجات الصغار.. هنا جرس إنذار كبير يدق معلناً تراجع خطير للأخلاق والقيم وذوبان العقيدة الدينية الملزمة للرجل بالقوامة والانفاق علي بيته وأسرته. إنهيار التعليم الدكتور إبراهيم فوزي رئيس جمعية الصداقة المصرية الأمريكية ووزير الصناعة الأسبق يري أن ما وصلت إليه الشخصية المصرية من تغير سلبي هو النتيجة الطبيعية للانهيار التدريجي للتعليم وما أثر علي المصريين وجعل عاداتهم غريبة وشاذة كثيراً. الحضانة والجامعات فالصغار في المدارس وما يواجهونه من تذويب للهوية وطمس الانتماء وقتل الولاء للمجتمع هو الخطر الداهم الذي يظلل رءوس الجميع فقد كنا صغارا ولم نقضي ليلة واحدة خارج البيت إلا بعد استئذان الأسرة كلها ويكون المبيت عند العم أو الخال فقط أما اليوم فقد أصبح البنيان يبيتون في أماكن لا يعلمها الأباء وتلك الطامة الكبري فقد ضاعت القواعد الحاكمة التي كانت ترسخ القيم والعيب والالتزام في وجدان الصغار بعدما يتعرضون كل لحظة لما يبث في وسائل الإعلام من صور تجمل الانفلات في عيونهم وتدربهم علي الحيل والمهارات والأفكار للفكاك من رقابة الأسر التي ضاعت عند الكثير. الفكرة الناظمة.. الأعراف الدكتور أحمد زايد يجيب علي التساؤلات التي طرحت حول ما حدث للشخصية المصرية فأكد علي أن المجتمعات تضبط لو فيها فكرة ناظمة.. فلا يجوز ترك كل واحد وشأنه ولابد أن تكون هناك أكواد غير مكتوبة أو بمعني آخر الجوانب غير التعاقدية في العقد "الأعراف" ورقابة دقيقة والعقاب فالمجتمع للأسف ترك نهباً لعوامل ومتغيرات دخلت في غيبة الأكواد والرقابة والأعراف والسياق العام للمجتمع ترك وشأنه فمن يملك المال يفعل ما يحلو له بحرية كاملة هنا الدولة لابد أن تضبط حركة رأس المال فالاقتصاد الذي لا ينتج الثروة هو اقتصاد هش وما يحدث في مصر هو تداول للنقود وليس صناعة للاقتصاد.. والتطرف طال كل شيء بدءا من السلوكيات حتي التدين.. وعلي سبيل المثال كم الإعلانات المستفزة التي تحيط بنا وتهاجمنا علي جوانب الطرق.. أما حقيقة ما حدث للطبقة الوسطي بالمجتمع وهي التي تمثل الكنز الأساسي للمصريين فهي الفتية والعاملة فقد تفككت ويخشي علي الوطن من إنهيارها.. لابد للإرادة السياسية التدخل بالقوانين وتفعيلها لإنقاذ المجتمع فالتعليم بحالة اليوم ينتج أعداداً بشرية وليس كتل معرفية تبتكر وتجدد وتصنع أطرا جديدة للحياة.. لو ترك المجتمع هكذا فالنتائج مخيفة. ويؤكد د. زايد علي أن بناء الأمة لابد أن يكون هو المشروع القومي الأول لأي حكومة ليس في مصر وحدها بل في أي بلد علي وجه البسيطة. بنك الأفكار هالة أحمدين : خريطة سكانية جديدة تقضي علي التزاحم نطرح في هذا الباب رؤي وافكار تتناول المشكلة السكانية وتداعياتها علي الجميع من تكدس بالوادي الضيق للنهر ودلتاه.. بالرغم من المساحة الهائلة من الصحراء المصرية التي تنتظر زراعة البشر فيها وهذه الافكار والرؤي نضعها أمام المسئولين واصحاب القرار لتساهم في صناعة الحلول الجذرية للمشكلة الابدية من التزاحم السكاني في مساحة لاتزيد علي 8% من المساحة الكلية للجمهورية معنا اليوم في البنك هالة احمدين مدير عام الجمعيات الاهلية التابعة لوزارة البيئة تبدأ طرحها لحل التزاحم السكاني الذي يعاني منه المجتمع من خلال اسس اولية وهي : تحديد المشكلة كيفية حلها والخطوات اللازمة لصناعة الحلول تقول ان المشكلة واضحة للجميع أننا نعيش في شريط ضيق حول نهر النيل ودلتاه وعدد من المدن الساحلية في مساحة لاتتجاوز ال8% من مساحة الجمهورية ونترك المساحة المتبقية من الوطن شاغره وبتعبير مسرحي نعيش في غرفة واحدة من الشقة ونترك بقية الغرف!! ليس لاننا نهوي التزاحم ولكن لان بقية المساحة غير مهيأة للحياة. اما كيفية الحلول فتكون بالبحث عن البدائل للزحام وتتلخص في جملة سحرية في تهيئة المساحة المتبقية لتصبح صالحة للحياة والعيش فيها. وتأتي الخطوات الصانعة للحلول ولنبدأ من الان برسم خريطة جديدة للوطن تؤسس فيها مدن وقري للبسطاء والفقراء الذين يعملون علي دراعهم وينقصهم مأوي صحي كامل المرافق من مياه شرب وصرف صحي آمن وانارة ومدارس للابناء وخدمات صحية تتوسط هذه التجمعات السكنية والاهم من ذلك كله توزيع هذه البيوت علي المستحقين والمحتاجين فعلا لتحميهم من التزاحم وتؤمنهم من خوف ولايطمع فيها القادرون ويستولوا عليها بأموالهم ويبقي الحال علي ما هو عليه بل وتزداد المشكلة تعقيدا بالتزاحم التلقائي للفقراء حول ومع ذويهم والمدن الجديدة تسكنها الاشباح بفلوس الاغنياء فالحل متاح بقرار ملزم للجميع ولنبدأ من الان في ذلك لاعادة رسم وتوزيع الخريطة السكانية علي مستوي الجمهورية وقتها سنحس بأن التزايد السكاني سيصبح نعمة بدلا من كونه نقمة وعذاب واهدار لمجهودات تنموية تضيع مع التوالد اليومي. مجلس السكان الدولي: ثقافة الصمت ..وراء جهل الشباب بالصحة الجنسية المعرفة بوسائل تنظيم الأسرة لا تتعدي النصف الشباب الملتزم أيضا يعاني من مشكلات صحة إنجابية هبة الشرقاوي لماذا الاهتمام بالصحة الانجابية؟ هذا السؤال هو المحور الذي تجيب عنه الدراسة التي تصدي لها مجلس السكان الدولي بعنوان دعم الصحة الانجابية للشباب في مصر. اشارت الدراسة الي أن ثورتي 25 يناير و30 يونيو اثارتا اهتمام الباحثين والمسئولين نحو أهمية دور الشباب من الناحية السياسية والاقتصادية فازدادت في السنوات الاخيرة برامج توظيف الشباب ودعم مشاركتهم في الحياة السياسية الا انه لم تحظ صحة الشباب وخاصة الصحة الانجابية بنفس القدر من الاهتمام من قبل المسئولين ووسائل الاعلام علي الرغم من ان النشء والشباب في الفئة العمرية 10-29 سنة يمثلون حوالي 40% من اجمالي سكان مصر اي حوالي 34 مليون نسمة. وعلي الرغم من اهمية الصحة الانجابية للشباب الا انه نظرا للعادات والتقاليد التي تحول دون الحديث في هذا الموضوع بسبب ثقافة الصمت السائدة بالمجتمع في هذا الشأن.. وهو ما أدي الي وجود نقص في المعلومات لدي الشباب في المعلومات الخاصة بصحتهم الانجابية فكما اشار المسح مسح النشء والشباب 2014 والذي قام به مجلس السكان الدولي بالتعاون مع الجهاز المركزي للاحصاء والذي اجري علي عينة من عشرة الاف شاب وفتاة في عمر "13-35" اتضح ان نصف العينة تقريبا من الذكور والاناث لم يسمعوا عن الامراض المنقولة جنسيا وحوالي خمس العينة فقط يعرفون طرق نقل العدوي بفيروس نقص المناعة البشرية و61% من الشباب والفتيات افادوا ان ممارسة الختان امر ضروري وقد كانت هذه النسبة اعلي بين الاناث مقارنة بالذكور.. اما عن وسائل تنظيم الاسرة فقد اظهرت النتائج ان ما يزيد علي نصف العينة فقط يعرفون عن وسائل تنظيم الاسرة وترتفع هذه النسبة بين الاناث مقارنة بالذكور 5.71% و52% علي التوالي. فحسب نتائج مسح النشئ والشباب 2014 فان مايزيد عن ربع الفتيات المتزوجات البالغات من العمر 25-29 عاما قد تزوجن قبل سن الثامنة عشر "27%" وتكمن اعلي نسب للزواج المبكر في ريف الوجه القبلي "33%" ويرتبط الزواج المبكر بالتسرب من التعليم حيث ان نصف الفتيات المتزوجات قبل سن 18 سنة لم يلتحقن بالمدرسة وهو ما يؤكد علي دور التعليم في الوقاية من الزواج المبكر ويعد الفقر والمفاهيم الخاطئة حول حماية شرف الفتاة وسترتها من اهم اسباب الزواج المبكر.. اشارت الدراسة ان التحرش الجنسي يعد من المشكلات التي تواجه الفتيات في مصر فبالاضافة الي انه يمثل انتهاكا لكرامة الفتاة وخصوصيتها فهو ايضا يحد من حرية الفتاة في التنقل ويحرمها من فرص التعليم والتوظيف والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية وبالرغم من وجود قانون يجرم التحرش الجنسي الا ان نتائج مسح النشئ والشباب لعام 2014 تشير الي ان اكثر من ثلث الفتيات في الفئة العمرية 13-35 تصل 40% قد تعرضن للتحرش الجنسي وترتفع هذه النسبة في المناطق العشوائية تصل 62%. اما الممارسات الجنسية.. فبالرغم من التزام معظم الشباب المصري بالتعاليم الدينية والعادات والتقاليد التي تحظر العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج الا ان هناك بعض الشباب والفتيات يمارسون علاقات تعرضهم لمخاطر صحية ونفسيه كبيرة.. ولكن بسبب حساسية الموضوع فإن البحوث التي تطرقت للعلاقات الجنسية خارج اطار الزواج محدودة للغاية.. توصلت الدراسة الي عدد من التوصيات أولها: - أهمية رفع وعي المجتمع بأهمية التواصل بشأن الصحة الانجابية وتثقيف الشباب حول الصحة الانجابية والجنسية مع تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للشباب وهي تقع علي عاتق وزارة الصحة مثل زيادة عدد العيادات صديقة الشباب وخدمات رعاية ما قبل الزواج مع تمكين الشباب اقتصاديا واجتماعيا.. واجراء المزيد من البحوث لفهم الجوانب المختلفة لصحة الشباب وسلوكياتهم.