بعد انتهاء مجلس النواب من دراسة بيان الحكومة أتصور أنه مواجه من حيث كونه مجلساً استثنائياً جاء بعد ثورتين بملف خطير وهو العدالة الاجتماعية وعليه أن يعمل عليه بشكل واع وسريع ومدروس لامتصاص بذور الغضب من الشارع المصري. وقد يقول البعض إن بيان الحكومة نص في جزء منه علي رؤية لفكرة العدالة الاجتماعية ووسائل تطبيقها سواء في زيادة ميزانية الصحة والتعليم وأعداد المستفيدين من معاش كرامة وتكافل والخدمات التي تقدمها وزارة التضامن بشكل خاص إلا أن هذه الرؤية قاصرة وعلي مجلس النواب أن يعيد تصحيحها.. فالحكومة حتي الآن تنظر لمفهوم العدالة الاجتماعية علي أنها في جانب كبير منها مساعدات وعمل خيري وهو ما يجعل ملايين الفقراء في مصر مكانك سر!! العدالة التي يجب أن يتبناها مجلس النواب هي المساواة في الفرصة أولاً لكل الفقراء وبالطبع لا نطالب بالمساواة في النتيجة فبيننا فروق فردية وهناك فرق بين من يعمل ويجتهد ومن يتكاسل ولا يؤدي.. بمعني أن نتيح فرصاً تعليمية مناسبة ومتساوية للجميع فلا نترك الغالبية العظمي من أطفال المصريين في مدارس متدنية ويحظي أولاد الأغنياء بتعليم دولي متطور وبالتالي وظائف مرموقة ثم نرفع شعار غير لائق اجتماعياً ونجد بعد ذلك من يدافع عنه.. الكل يجب أن يعطي نفس الفرصة ونترك للتفوق والقدرة تحديد من يقف في المقدمة وما ينطبق علي التعليم ينطبق علي الصحة والخدمات والسكن والغذاء.. علينا باختصار توفير حد أدني آدمي ومناسب يبدأ منه الجميع وبعد ذلك فليتنافس المتنافسون. وما ينطبق علي التعليم وغيره هو نفس معضلة التعامل مع تحت خط الفقر عبر معاش كرامة وتكافل أو مساعدات بنك ناصر وغيرها فهو تعامل قاصر مع الفقر ومن الآن أؤكد للسيدة غادة والي وزيرة التضامن أن المليارات التي رصدها بيان الحكومة لزيادة عدد الأسر المستفيدة إلي ثلاثة ملايين أسرة ستذهب هباء فقيمة المعاش لن تحرك أحوال هذه الأسر خطوة واحدة للأمام فضلا عن ترسيخ مبدأ الاتكالية وعدم العمل والأفضل أن نفكر في كيفية استخدامها في نشاط منتج ومثلها إعانة البطالة المقترحة للشباب فهو اقتراح غير مفهوم ولا يتناسب مع أهمية استغلال هذه الطاقات المنتجة.. والأجدي أن نصلح منظومة المشروعات الصغيرة بعد أن تحولت لباب ملكي لدخول الشباب السجون بفعل الشروط التعجيزية والفوائد الباهظة. مجلس النواب مواجه أيضا في هذا الملف بمشكلة 9 ملايين مواطن من أصحاب المعاشات الذين يملكون 925 مليار جنيه ويتسولون الحق في الحياة والعلاج.. هل يعلم أعضاء المجلس أن أصحاب المعاشات لا يتساوون حتي مع أقل موظف حكومي في الحد الأدني وهم مواجهون بجحود كبير من الحكومة بعد رحلة عطاء لم يبخلوا فيها بالجهد والعرق. ملف العدالة الاجتماعية شائك وكبير لكنه عاجل وملح ويحتاج لتعامل سريع وتصحيح للمفهوم قبل وضع الخطط.. العدالة الاجتماعية حق للمصريين وليست عملاً خيرياً تمن به الحكومة عليهم.