لقد سما الحق جل شأنه بالسنة النبوية المطهرة فرفعها إلي مقام رفيع ومكانة عظمي فكانت قاب قوسين أو أدني من مكانة القرآن الكريم» يقول الله تعالي في سورة النجم: "وما ينطق عن الهويہ إن هو إلا وحي يوحي". وأورد الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلي عليه وسلم أريد حفظه. فنهتني قريش عن ذلك. وقالوا: تكتب ورسول الله يقول في الغضب والرضا؟ فأمسكت. حتي ذكرت ذلك لرسول الله؟ فقال: أكتب. فوالذي نفسي بيده. ما خرج منه إلا حق. والسنة النبوية وحي. والقرآن الكريم وحي» إلا أن وحي السنة بالمعني من الله تعالي. ووحي القرآن باللفظ والمعني من الله تعالي. المنزل علي نبيه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. بواسطة جبريل. المعجز في لفظة المتعبد بتلاوته. المنقول لنا بالتواتر. المكتوب في المصاحف. والحق تبارك وتعالي يقول في سورة النحل: "... وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون". لتوضح للناس ما خفي من معانيه وأحكامه. ولكي يتدبروه ويهتدوا به ليس فقط من القرآن» بل كل ما شرع الله لعباده وأخبرهم به. والسنة هي المنهاج النبوي العملي الميسر لفهم الدين والمفصل لتطبيقه في كافة شئون الحياة. وقد ذكر العلماء أوجهاً لبيان السنة للقرآن. ومنها: أنها تأتي موافقة لما في القرآن. وتأتي مقيدة لمطلقه: ومخصصة لعمومه ومفسرة لمجمله. فالقرآن الكريم وبيان النبي صلي الله عليه وسلم لهذا القرآن "السنة" متكاملان ومتلازمان. فلا يعرف أحدهما بدون الآخر. ولايفهم أحدهما فهماً يقينياً إلا بالآخر. فقد أورد الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلي عليه وسلم قال: تركت فيكم أمرين. لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة نبيه. لقد بين النبي صلي الله وعليه وسلم أن السنة التي جاء بها هي مثل القرآن في كونها من الله تعالي. وحذر من الاكتفاء بما في القرآن وحده للأخذ به والانتهاء عن نهيه. فقد أورد الإمام أبو داود في سننه أن رسول الله قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه. ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه. ألا يوشك رجل ينثني شبعاناً علي أريكته يقول: عليكم بالقرآن. فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه. وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. فمن يزعم أنه لا حاجة للسنة. ويقول: نكتفي بالقرآن الكريم: نقول له إنه بذلك يرد كلام الله تعالي. حيث يقول سبحانه في سورة الحشر: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..." علاوة علي أن الأحكام المجملة في القرآن لايفسرها ولايبينها إلا السنة. ثم نقول له: لقد أختصمنا وتنازعنا والصواب الرجوع إلي القرآن الكريم فقد قال جل شأنه في سورة النساء: "... فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر..." فكيف يرد علي هذه الحجة القرآنية؟. إن ثاب إلي رشده وأذعن. فقد فاز. وإن استمر في ضلاله فقد أدان نفسه بنفسه. وخالف القرآن الذي يزعم أنه يكيفه. وبذلك نخلص إلي حقيقة جلية أنه لا غني للقرآن عن السنة. ولا غني للسنة عن القرآن.