أجمع شيوخ القضاة وأساتذة القانون الجنائي علي أن محكمة النقض تعتبر الضامن الحقيقي للعدالة الصحيحة والناجزة. وطالبوا المشرع بضرورة إجراء تعديلات علي قانون الإجراءات الجنائية وقانون إجراءات وحالات الطعن بالنقض حتي يتمكن قضاة النقض من نظر القضايا من الناحية الموضوعية والشكلية. حتي يتحقق مبدأ العدالة الناجزة وهي التي يطالب بها الجميع. قال المستشار إسماعيل حمدي عضو مجلس القضاء الأعلي سابقا إنه بشأن ما أثير حول وجود أدلة ثابتة في القضية المعروفة إعلاميا بمذبحة كرداسة فإنه لا مجال لهذا لأن نص المادة 30 من قانون النقض المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 تقضي بأن لكل من النيابة والمحكوم عليه والمسئول عن ا لحقوق المدنية والمدعي بها الطعن بالنقض إذا كان المطعون فيه مبنيا علي مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله إذا وقع بطلان في الحكم وإذا وقع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وعلي هذا فإن الطعن بالنقض لا ينقل الدعوي برمتها إلي محكمة النقض وإنما ينقل جزءا منها فحسب وهو جزء القانون. أشار المستشار إسماعيل حمدي إلي أنه عند نظر محكمة النقض لأول طعن علي الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات فإنها لا تنظر حول ما إذا كانت الواقعة ثابتة أو غير ثابتة كما انه لا يصلح وجها للنقض الجدل حول تقدير محكمة النقض للوقائع مثل القول بأن المتهمين اطلقوا الرصاص علي المجني عليهم من أي اتجاه فتلك أمور تتضمن البحث في وقائع الدعوي ولا تختص بها محكمة النقض. شدد عضو مجلس القضاء الأعلي سابقا علي ضرورة تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث يسمح لمحكمة النقض بنظر موضوع الدعوي إذا ما قبلت المحكمة بالنقض في أول مرة دون حاجة إلي إعادتها لدائرة جنايات أخري لتفصل فيها مجددا وعلي المشرع ¢مجلس النواب¢ ضرورة تعديل قانون الإجراءات الجنائية في هذا الشأن إذا أردنا أن نختصر الوقت. كما طالب المستشار سيد غانم الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة بضرورة الإسراع في تعديل قانون الإجراءات الجنائية للسماح لمحكمة النقض إذا نقضت الحكم الإمضاء سيرا في نظر الدعوي والتصدي لها دون اعادتها مرة أخري للنظر فيها من جديد. أكد المستشار غانم علي أن محكمة النقض وقضاتها من خيرة رجال القضاء وشيوخهم وأنهم طبقوا صحيح القانون في حكمهم بإعادة المحاكمة في القضية المعروفة إعلاميا بمذبحة كرداسة مشيرا إلي أن القضاة يراعون الله ولا يتأثرون بالرأي العام إنما هم محكومون بما تنطق به الأوراق. وأضاف الرئيس بمحكمة الاستئناف علي أن التشريع القانوني هو الذي يكبل يد رجال القضاء كما انه ليس من مصلحة القاضي عدم الفصل في القضية علي وجه السرعة فهو محكوم بإجراءات مازال يتم تعديلها. ناشد المستشار غانم الجميع بعدم التعليق علي الأحكام إلا بعد قراءة أوراق القضية وأن يعلق المتخصصون علي الأحكام حتي لا يتم التشكيك في أهم المحاكم علي مستوي العالم والتي يستقي منها قضاة المحاكم في الدول العربية أحكامها وثوابتهم القانونية. ذكر المستشار إميل حبشي مليكة رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية سابقا ان إعادة محكمة النقض الحكم في قضية مذبحة كرداسة لا يؤثر علي الحكم الصادر إذا تم تلافي الأسباب التي بني عليها حكم النقض بإعادة المحاكمة. أضاف المستشار مليكة ان محكمة النقض عندما تجد قصورا في التسبيب وعدم الرد علي الدفوع فإنها لابد أن تستكمل القصور وتحكم في القضية أما إذا كان هناك بعض الطلبات بسماع الشهود فإنه ليس من اختصاصها طبقا للقانون وإنما هو من اختصاص محكمة الجنايات. من جانب آخر تساءل الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقا عن سبب غضب الرأي العام قائلا ¢هل شاهد الجميع ارتكاب ال 145 متهما للجريمة؟.. وقال كيف نطالب بالعدالة؟.. وأضاف ان الجميع يتمني مراقبة الفاعلين الأصليين والشركاء الحقيقيين والحكم عليهم بالإعدام بقدر ما نتمني ألا يعاقب إنسان لا علاقة له بالواقعة وهو ما يراه أيضا أهالي شهداء الشرطة بعدم رغبتهم في إدانة أي برئ. ذكر الدكتور كبيش ان الذي يضمن سير العدالة الصحيحة وفقا للقواعد المقررة قانونا هي محكمة النقض التي تراقب صحة الحكم الذي اصدرته محكمة الجنايات ولابد أنه تبين لمحكمة النقض أن الحكم وقع في أخطاء بما يتعين نقضه أو إلغاؤه مشيرا إلي أن هذا لا يعني اعتراض محكمة النقض علي الإدانة وحكم الإعدام لأنها لا علاقة لها بالعقوبة والوقائع من حيث حصولها أو عدم حصولها وإنما هي تحاكم الحكم. أشار الدكتور كبيش انه إذا كنا نرغب في محاكمة عادلة وفقا للإجراءات المحددة قانونا فإن النتيجة الطبيعية هي الاعتماد علي تحريات الأجهزة الأمنية من مصادر سرية ولا حاجة لنا بالقضاء والمحاكمات وفي النهاية فإن هذا لا يقيم دولة. ذكر عميد حقوق القاهرة سابقا انه يمكن للمشرع إجراء تعديل قانون إجراءات وحالات الطعن بالنقض بحيث إذا انتهت محكمة النقض لنقض الحكم أن تتصدي لنظر موضوعه إلا أنه يري أن هذا سيلقي بعبء ثقيل علي محكمة النقض أخذا في الاعتبار أن جميع أحكام الإدانة وبعض أحكام البراءة يطعن عليها بالنقض بسبب خلل في منظومة العدالة بمجملها اعتبارا من لحظة الاتهام والمحاكمات حتي صدور الأحكام.. كما انه لابد من الأخذ في الاعتبار أن محكمة النقض مازالت هي الضابط الحقيقي لقواعد المحاكمات العادلة ولذلك لابد من عدم هدم الجهة القضائية الوحيدة التي بدونها تنهار كل أسس العدالة. يري الدكتور السيد عتيق استاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بحقوق حلوان ان محكمة النقض هي المحكمة التي لا يعلو عليها محكمة أخري وإذا كانت محكمة الجنايات تحاكم متهما فإن محكمة النقض تحاكم الحكم ومدي اتفاقه مع صحيح القانون وأما تؤيد الحكم أو يتم إلغاؤه وإعادة المحاكمة أو البراءة. طالب الدكتور عتيق بأن يكون النقض مرة واحدة في حالة قبول الطعن وفي حالة الاعادة فإن محكمة النقض تنظر القضية كمحكمة موضوع بهدف سرعة التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة مشيرا إلي أن دولا عربية عديدة وحتي فرنسا جعلت النقض مرة واحدة. كما اقترح أن يكون سماع الشهود تقديريا للمحكمة وألا يظهر اسم أو صورة الشاهد حفاظا علي حياته وحتي يتحقق مبدأ مناقشة الخصم أو الشاهد.