تدشن مصر لمرحلة جديدة من الانطلاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد الزخم الكبير الذي تحقق من مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي عقد شهر مارس الماضي في شكل تعهدات ومنح دولية من دول ومنظمات إقليمية كصندوق النقد والبنك الدوليين وبنك الاستثمار الأوروبي وإقرار قانون الاستثمار الجديد في محاولة لعلاج أوجه القصور التي تقف أمام ضخ المستثمرين سواء في الداخل أو الخارج وتجديد فكر أدوات تنفيذه المتمثلة في الموظفين والمديرين ضمن منظومة الشباك الواحد من أجل مواجهة التحديات الداخلية والخارجية وفتح الآفاق لعلاقات دولية قائمة علي التعاون والاحترام المتبادل وتحقيق ما يصبو إليه المصريون من آمال وطموحات تغير من سنوات البؤس والشقاء والفقر وتحد من تنامي الرأسمالية المتوحشة التي استغلت واحتكرت السلع والخدمات علي حساب الغلابة والبسطاء من أبناء الشعب وإحداث نقلة نوعية للسياسات الحكومية حتي تتواءم مع احتياجات الغالبية العظمي من الشعب المصري الذي يرزح غالبيته تحت خط الفقر والتخلف والجهل وعدالة غائبة في توزيع الثروات والدخول. وإذا كنا ننتظر الكثير من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة من رجال الأعمال المصريين من تسارع وتيرة وحركة رؤوس الأموال العربية والأجنبية من أجل خلق أطر إنتاجية وقيم مضافة حقيقية تحقق معدلاً للنمو الاقتصادي السنوي يتراوح ما بين 3% و3.5% وفق تقديرات البنك الدولي مؤخراً إلي جانب خلق فرص عمل جديدة للشباب لتقليص معدلات البطالة التي وصلت إلي 14% تقريباً بحسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فالواجب أن يكون هذا مصحوباً برضا اجتماعي يشمل كافة فئات المجتمع المصري وهذا سيتحقق بتوفر خدمات صحية وتعليمية ولوجستية إلي جانب تحسين دخولهم ومستوي معيشتهم لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي كانت تحدث في السنوات العشرين الماضية عندما يحقق الاقتصاد معدلاً للنمو وصل إلي 6% واستفاد بهذا العائد الأغنياء والأثرياء ولم يكن له أي مردود إيجابي علي الفقراء والغلابة وأصحاب الدخول المحدودة والثابتة في شكل خدمات وسلع إنتاجية تتناسب مع إمكانياتهم واحتياجاتهم المعيشية وحان الوقت الآن لتغيير هذه المفاهيم وصولاً إلي أهداف العدالة المنشودة من قبل جميع المواطنين. وها نحن قد أنهينا المرحلة الأخيرة من خارطة الطريق وهي إجراء الانتخابات البرلمانية التي تعد بمثابة حجر الزاوية الرئيسي في الانطلاق للأمام لمواجهة هذه التحديات داخلياً وخارجياً باعتبارها جهة الرقابة والتشريع لإقرار الاتفاقيات التي تبرم مع حكومات ومؤسسات تمويل دولية ومستثمرين وشركات أجنبية وغيرها وضمان أمان لأموال الخارج المستثمرة في قطاعات إنتاجية وخدمية وسياحية وغيرها وإذا كنا نتطلع إلي آفاق مستقبلية رحبة يجب أن يكون العمل والإنتاج قضيتنا الرئيسية فلا مكان للمتكاسين والمتخاذلين بل يجب أن تدق ساعة العمل في المصانع والمزارع والمتاجر ومختلف المجالات من أجل البناء علي أرض صلبة وفق متطلبات المرحلة الراهنة ولاشك أن الرضاء الاجتماعي يجب أن يكون دالة رئيسية في النمو الاقتصادي وليس ديكوراً أو شيئاً عرضياً من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية باعتبار أنها أساس تقدم الأمم وتحقيق رفاهيتها ولذا تسعي الحكومات المتعاقبة إلي تنفيذ خطط وبرامج تخصص لها جزءاً من موازنة الدولة سنوياً لإنجازها وتفعيلها علي أرض الواقع وكل الآمال معقودة علي الحكومة الجديدة التي ستشكل عقب انتخابات مجلس الشعب القادم من أجل وضع هذا الملف الهام في صلب أولوياتها حتي تنجح في مسعاها لتحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة والمستدامة التي نحن جميعاً في أشد الحاجة إليها.