انتصار كبير وذكري عظيمة وقف أمامها التاريخ متعجبا ومعجبا.. مرت دون أن نلتفت إليها وبالتحديد يوم ال29 من أكتوبر الماضي لأسباب غير معلومة يوم قهر العدوان الثلاثي علي مصر. وانشغلنا بأزمة ريهام سعيد.. وثمن الصوت الانتخابي. ولتبسيط الأمر في الأذهان.. فقد قام العدوان الثلاثي علي مصر "بريطانيا وفرنسا وإسرائيل" يوم 29 أكتوبر عقب إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس ولكل دولة مبرراتها الخاصة بها واتفقت المصالح بينهم فبريطانيا كان التأميم بمثابة إنهاء التربح من القناة التي كانت تديرها قبل التأميم وفرنسا هبت انتقاما من مصر لمساندتها ثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي وإسرائيل خوفا علي مشروعها بأن تصبح دولتها من النيل إلي الفرات وعقب توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي لتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة والمتطورة لردع إسرآئيل وذلك بعد رفض الدول الغربية وأمريكا تزويد مصر بالسلاح. هذا العدوان لم يستطع احتلال إلا محافظة واحدة وقاومهم الشعب كله.. وانسحبوا يجرون أذيال الخيبة لسبب رئيسي وهو مقاومة الشعب المصري الباسل.. أليس هذا انتصارا عظيما بكل المقاييس؟ نعم.. وألف نعم.. وهذا ما حدث مثله بالضبط عام 1956 الذي لم يتذكره أحد وتشاغلوا بريهام سعيد وأزمات عابرة ليس لها قيمة أو معني.. وأبناء بورسعيد الأبطال الذين صنعوا من المعجزات ما يعجز غيرهم عنها.. وقاتلوا جميعا نيابة عن الشعب المصري.. بأطفالهم قبل كبارهم.. وبنسائهم قبل رجالهم.. وبالعجائز منهم قبل شبابهم.. للأسف المصريون الآن لا يعرفون عن بورسعيد إلا أنها المدينة الحرة من المنطقة الحرة.. ولا يعلمون أن لقب المدينة الحرة من أبطالها الأحرار. في هذا العدوان حدثت بطولات ولا أروع.. من بورسعيد وأهلها.. من المقاومة الشعبية.. من أفراد القوات المسلحة الذين تخفوا في ثياب الفدائيين من القوات البحرية الذين قامت زوارقهم البسيطة بإغراق أكبر مدمرة فرنسية آنذاك "المدمرة جان دارك".. واستخدموا زوارق طوربيد بسيطة واستشهد أفراد الزوارق جميعا بما فيهم الضابط السوري الشهيد جول جمال والمقدم الشهيد المصري جلال الدسوقي وغيره من أبطال القوات البحرية وذلك في موقعة البرلس.. يومها قامت الطائرات البريطانية بقصف إذاعة صوت العرب والإذاعة المصرية فهتفت الإذاعة السورية.. صوت العرب من دمشق.. يومها قام عمال الموانيء في جميع أنحاء الوطن العربي بمنع تحميل أو تفريغ السفن الغربية وتطوع العديد من العرب في المقاومة الشعبية ومنهم الأمير سالمان "خادم الحرمين الشريفين الآن" يومها خطب الزعيم عبدالناصر من الجامع الأزهر تحت القصف الجوي.. وهتف هتافه الشهير.. سنقاتل ولن نستسلم.. وانتفض العالم الحر كله للدفاع عن مصر ضد العدوان الغاشم.. وقام زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك "بولجانين" بتوجيه إنذار بضرب لندن وباريس بالصواريخ إن لم يقوموا بوقف عدوانهم والانسحاب.. يومها قام الرئيس الأمريكي ايزنهاور بالضغط علي الدول المعتدية للانسحاب.. ليس لعيون مصر لا سمح الله وإنما لحفظ ماء وجه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل إثر المقاومة الباسلة لكل المصريين.. ولأبناء بورسعيد وبعدها سقط التاج البريطاني والغطرسة الفرنسية إلي الأبد وانتفت عنهما لقب الدولتين الأعظم. أليس هذا انتصارا عظيما يستحق منا الذكري والاهتمام؟ أليس هذا انتصارا أيها الإعلام.. تحية إلي أبطال بورسعيد.. إلي أبطال الشعب المصري.. إلي القوات المسلحة إلي العالم الحر.. تحية إلي روح الزعيم جمال عبدالناصر وإلي كل شهيد ضحي بحياته من أجل مصر.