أرست محكمة القضاء الاداري بالاسكندرية الدائرة الأولي للبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي مفهوما جديدا للتحريض علي العنف في الجامعات واعتبرت الاساءة الموجهة ضد الجيش المصري تحريضاً علي العنف يلزم رؤساء الجامعات بفصل مرتكبيها من أجل انتظام الدراسة ولا تتكبده الدولة من أعباء آلية لتعليم الشباب واعداد قادة المستقبل وذلك في أول تطبيق لقرار رئيس الجمهورية بحظر العنف في الجامعات وقضت المحكمة بعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاوري بتأييد قرار رئيس جامعة الأزهر بفصل عشرة طلاب وطالبات بكلية الدراسات الاسلامية والعربية بالاسكندرية فرع دمنهور وكلية اللغة العربية فرع ايتاي البارود قاموا بالاساءة إلي الجيش بعبارات تخرج عن حدود اللياقة والأدب. قالت المحكمة انه عقب ثورتين للشعب المصري في 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 ضد نظامين مختلفين لقوي الظلم والفساد والاستبداد وكان الشباب هوالعنصرالغالب فيها وما تبعهما من أحداث أدت إلي قيام قوي الثورة المضادة المعروفة في علم الثورات باستغلال طاقات بعض الشباب في أحداث التخريب والتحريض علي العنف بكل صوره أو استخدام القوة داخل الجامعات خاصة جامعة الأزهر الشريف مما ترتب عليه نتائج ضارة بالعملية التعليمية وتعريض حياة الطلاب والاساتذة للخطر وتعطيل عجلة التقدم والانتاج. وأصبحت الجامعات بدلا من ان تكون المنارة المضيئة صارت ساحة للاقتتال. لذا بادر رئيس الجمهورية بإصدار قرار جهوري بقانون رقم 134 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن اعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها بقصد حماية المجتمع الجامعي من مظاهر العنف والتخريب وسعيا لتحقيق الاستقرار لمناخ التعليم ومنح بمقتضاه لرئيس جامعة الأزهر أن يوقع عقوبة الفصل من الجامعة علي كل طالب يرتكب أو يسهم في ارتكاب أي من المخالفات الأربع التالية: الأولي: ممارسة أعمال تخريبية تضر بالعملية التعليمية أو بالمنشآت الجامعية أو تعرض أيا منهما للخطر. الثانية: ادخال أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أية أدوات من شأنها ان تستعمل في إثارة الشغب أو التخريب. الثالثة: إتيان ما يؤدي إلي تعطيل الدراسة أو منع أداء الامتحانات أو التأثير الي أي منهما. الرابعة: تحريض الطلاب علي العنف أو استخدام القوة. وأضافت المحكمة ان المشرع لم يحدد مفهوم التحريض علي العنف الا ان التحريض علي العنف كوسيلة من وسائل المساهمة يعد عملا إرادياً ومن ثم يتسع مفهوم التحريض علي العنف ليشمل الأفعال والأقوال بحسبان التحريض من صور المشاركة والمساهمة في ارتكابه. وعلي هذا النحو فإن التحريض علي العنف يمكن ان يكون جسديا أو لفظياً وفي هذه الحالة الأخيرة عندما تكون الأقوال تمثل تشجيعاً علي العنف لدي الغير وتتمثل كذلك عندما تبلغ تلك الأقوال حدا يصل إلي مهاجمة مؤسسات الدولة كالجيش والشرطة والقيادة العليا للدولة فحينئذ تغيب في تلك الحالة فكرة المطالبة بالحقوق المشروعة ليحل محلها التحريض علي العنف بالوسائل اللفظية التي تصل إلي حد العصيان لفكرة الدولة والتصرف الهمجي والتمرد الفج الذي يؤدي إلي الفوضي في المجتمع الجامعي والي ينعكس أثره علي تشجيع الغير فينهار المجتمع ويهوي إلي الهلاك ولخطورة تلك الآثار علي أمن المجتمع واستقراره منح المشرع لرئيس الجامعة السلطة في بتر الطالب من الحياة الجامعية الذي يسهم في تحريض الطلاب علي العنف أو استخدام القوة بفصله من الجامعة حفاظا علي بقاء المجتمع الجامعي. وحتي تتحقق ضمانة جوهرية للطالب أوجب القرار الجمهوري سالف الذكر الا يصدر قرار الفصل إلا بعد تحقيق تجربة الجامعة وأكدت المحكمة ان التحريض علي العنف داخل الجامعات صار صيداً ثميناً لخبرء الدسائس واشعال الحرائق في البلاد وتدمير القيم والمثل العليا مما يتعين معه تجفيف منابع الفكر الظلامي الذي يؤدي إلي اهدار ثروة الوطن من شبابه ويقود المجتمع الي الهلاك. وان ظاهرة التحريض علي العنف بين طلاب الجامعات لا تخرج من فراغ وانما ترجع في الأساس الي تقصير دور الأسرة والمدرسة والجامعة في القيام بواجبهم نحو تبصير النشء بأسس التربية السياسية الصحيحة لهم والتقصير عن أداء واجبهم كذلك في الحوار والنقاش وقبول الرأي الآخر والموعظة الحسنة وتعليمهم - وهم الأمانة في أعناقهم - وذلك للحد من ظاهرة عزوف الشباب عن المشاركة السياسية في البلاد. مما يتعين معه الاهتمام بتجارب الدول المتقدمة فيما يتعلق بالبرلمانات الشبابية التي يجدون فيها الفرصة للتعبير عن أنفسهم للحيلولة دون احتكار الجيل القديم مواقع القوة والنفوذ في جميع مؤسسات الدولة والتي يكاد يكون دور الشباب فيها محدودا وضئيلا. فضلاً عن الأخذ بالنظام المعروف في انجلترا الذي يعني القيام باتخاذ مجموعة من التدابير والاجراءات التي تهدف للقضاء علي ظاهرة العنف في الجامعات. كما لا يمكن انكار المساهمة في إحداث التحريض علي العنف في الجامعات ماتقدمه المواد الاعلامية بكافة فروعها تسترا بدعوي الابتكار والابداع من مخاطبة الغرائز الدنيا للشباب وتزيين السلوكيات المخالفة للقيم السامية والمباديء العليا التي تكون من شأنها تشجيعهم علي الانحراف كأن تجعل من موضوعاتها تمجيد العنف أو الجريمة أو أضفاء أوصاف علي أيهما تجعله محببا لنفوس الشباب وتصوير العنف علي أنه عمل بطولي وتمجيد التعصب لرأي معين. ذلك ان الرسالة الاعلامية الراقية يجب ان تقوم علي تقديم مواد تحمي ولاتهدد وتصون ولا تبدد. وتلك التي تذكي قيمة عليا من قيم المجتمع وتبلور احساساً وشعوراً رفيعا لمعني من المعاني السامية وأهمها المعاني التي تجسد قيمة العقل وأهمية الابداع وتلك التي تتعلق بقيم الحق والعدل والشجاعة والمساواة بين الناس كافة واحترام الآخرين وجودا ورأيا وحرية وتقبل الآخر بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو عنصره أو أصله الاجتماعي أو اعاقته أو أي وجه من وجوه التمييز وتلك التي تربط بين الوطنية والوطن بما يكفل اعلاء الانتماء والولاء لمصر. وذكرت المحكمة انه بتاريخ 4 ديسمبر 2014 قامت بعض الطالبات بكلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بالاسكندرية فرع دمنهور بجامعة الأزهر بالاشتراك في المظاهرات داخل الحرم الجامعي وقمن بالهتاف ضد الجيش والشرطة والقيادة العليا بالبلاد والكتابة علي الحائط بفرع الكلية بذلك. فأجرت الادارة العامة للشئون القانونية ادارة التحقيقات بجامعة الأزهر التحقيق معهن وسماع أقوالهن وقد ثبت في حقهن تلك المخالفات بشهادة الشهود واذ كان الهتاف ضد الجيش والشرطة والقيادة العليا في البلاد انما هو تحريض لفظي علي العنف باعتبار ان التظاهر في الحالة الماثلة لا يعبر عن حقوق مطالب بها تجاه المجتمع وانما هو دعوة صريحة لإسقاط سلطات الدولة التي تحمي أرض الكنانة من المخاطر الخارجية والداخلية. وبهذه المثابة يمثل هذا التحريض اللفظي علي العنف عصيانا لفكرة الدولة وتصرفا همجياً وتمردا فجا يؤدي الفوضي في المجتمع الجامعي الذي ينعكس أثره علي استقرار البلاد فأصدر رئيس جامعة الأزهر القرار بفصل هؤلاء الطالبات وأضافت المحكمة انه بتاريخ 28 أكتوبر 2014 قام آخرون بالخروج عن آداب اللياقة أثناء افتتاح المؤتمر العلمي الدولي الأول في مقر الكلية وقاموا بالهتاف ضد فضيلة الامام شيخ الأزهر وتم القبض عليهم بقسم شرطة ايتاي البارود وتم عمل تحقيق اداري معهم واستدعاؤهم للتحقيق إلا أنهم لم يمتثلوا وفوتوا فرصة الدفاع عن أنفسهم متنازلين بذلك عن حقهم في الدفاع. وقد ورد في القضية انهم هتفوا أيضاً ضد الشرطة ومؤسسات الدولة وذلك علي النحو الوارد تفصيلا بالمذكرة وبالمحضر بانتمائهم الي جماعة محظورة. واذ كان الهتاف ضد القوات المسلحة التي ناط بها الدستور مهمة حماية البلاد والحفاظ علي أمنها وسلامة أراضيها انما هو تحريض لفظي علي العنف باعتبار ان التظاهر- وهو حق للطلاب طالما ارتكن لمطالبات مشروعة باعتباره احدي وسائل التعبير اللمي دون تخريب أو تحريض علي عنف - في الحالة الماثلة لا يعبر عن حقوق مطالب بها تجاه المجتمع وانما هو دعوة صريحة لاسقاط سلطات الدولة التي تحمي أرض الكنانة من المخاطر الخاجية والداخلية. وبهذه المثابة يمثل هذا التحريض اللفظي علي العنف عصيانا لفكرة الدولة وتصرفا همجياً وتمردا فجا يؤدي الفوضي في المجتمع الجامعي الذي ينعكس أثره علي استقرار البلاد. فضلا عن ان الهتاف ضد فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر والنيل من مكانته الرفيعة وهو شيخ الاسلام في العالم الاسلامي. يمثل تحريضا وهو بهذه المكانة الدينية الرفيعة والامامة الاسلامية العالمية بما ينال من سمعة الأزهر الشريف الذي يمثله شيخ الأزهر ودوره التاريخي الممتد عبر الزمان بأكثر من ألف سنة الذي يتميز بالوسطية في حماية العقيدة من الفكر المتطرف والمنحرف. ويتولي قيادة العمل العلمي في مجال الاجتهاد الفقهي وتجديد الفكر الاسلامي. وانه علي الرغم من انه لا قداسة في الاسلام الا ان التظاهر بالاساءة لفضيلة الامام شيخ الأزهر والتحقير من مكانته يعد خروجاً جسيماً علي التقاليد الجامعية التي توجب الاحترام والتوقير لمثل مكانته المتميزة في العالم الاسلامي وليس في مصر وحدها ويتعين بتر هؤلاء من المجتمع الجامعي.