بلغت نسبة الفقراء في مصر عام 2008 نحو 16.3% واتفقت المنظمات العالمية علي انه بحلول عام 2015 ستقل هذه النسبة إلي النصف 8% غير انه قد زاد عدد الفقراء في بداية عام 2015 إلي 26%. ويقتضي هذا الأمر أن تكون هناك استراتيجية لمواجهة هذا الفقر تعتمد في مجملها علي ارتفاع معدل النمو الاقتصادي بإقامة المشروعات الإنتاجية والخدمية والتي يمكن أن تزيد الدخل الحقيقي للمواطنين في إطار من العدالة المجتمعية لحصد ثمار هذا النمو وإلي مكافحة الفساد المالي والإداري بوصفه أحد الأوبئة التي تستنزف الثروات الأساسية لمواطني الدولة. ويشير مفهوم الفقر إلي انه حالة من الحرمان المادي الذي يترجم إلي انخفاض استهلاك الغذاء وتدني الوضع الصحي والتعليمي والسكني وفقدان الضمانات لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والبطالة والإعاقة. وترجع الأسباب الداخلية لظاهرة الفقر إلي كبر حجم الأسرة وارتفاع معدلات الإعالة وبالتالي زيادة الأعباء والعجز عن توفير متطلبات الأسرة. كما يرجع أيضاً إلي التضخم والذي يتمثل في انخفاض القوة الشرائية للنقود وبالتالي تتأثر الدخول الحقيقية للأسر وتصل إلي حالة العجز عن اقتناء المتطلبات التي تحتاج إليها الأسر. وبالإضافة إلي ذلك غياب التوزيع العادل للدخل القومي وتهميش دور فئات من المجتمع كالمرأة بحيث يمكن القول علي حد تعبير رئيس جنوب أفريقيا "مبيكي" "ان العالم اليوم قد أصبح جزيرة من الأغنياء تحيط بها بحار من الفقراء". بينما ترجع الأسباب الخارجية للفقر إلي الحروب والنزاعات والتي تحرم البلدان من فرص التنمية والتطوير. فقد شهدت القارة الافريقية علي سبيل المثال نحو 16 صراعا داخليا من بين 35 صراعا علي مستوي العالم في منتصف التسعينيات من القرن الماضي. وفي عقد التسعينيات توفي 4 ملايين في هذه الصراعات وشهد عام 1993 نزوح 2.5 مليون لاجئ ونحو 13 مليون مشرد في القارة الافريقية. فالدول التي تعاني من هذا الصراع تعجز عن تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتصبح فريسة للعجز الاقتصادي وعدم تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين. وعلي ضوء هذه الأسباب الداخلية والخارجية لظاهرة الفقر يجب أن يكون المرجع الرئيسي لرسم استراتيجية مواجهة الفقر هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 والذي أوضح ان الفقر قضية من قضايا حقوق الإنسان وان اتباع نهج حقوق الإنسان في سياسات مكافحة الفقر يمكن أن يؤدي إلي تعزيز استراتيجيات مكافحة الفقر وزيادة فعاليتها. وتتمثل معالم هذه الاستراتيجية في العناصر الآتية: 1- تنمية المشاريع الصغيرة من خلال العمل علي خفض أسعار الفائدة وزيادة فترة السماح وتوفير دراسات الجدوي مع تقديم الدعم الفني والاستشاري للقادمين إلي سوق عمل المشاريع الصغيرة. 2- توسيع شبكات الضمان الاجتماعي بحيث يمكن النظر إليها علي انها استثمار تنموي طويل المدي وليس علي انها عبء علي الميزانية العامة للدولة. 3- مشاركة المجتمع المدني وبصفة خاصة الجمعيات الأهلية في توظيف بعض العمالة في المشروعات الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم بها. 4- تفعيل دور وسائل الاتصال الجماهيري في مجال مكافحة الفقر بتوعية المواطنين نحو المشاركة في الحياة الاقتصادية وتنمية الدخل بطرح المشروعات التي تحتاج إليها العمالة في الأماكن المختلفة من إقليم الدولة. 5- توفير الخدمات الصحية الأساسية وخدمات التعليم الأساسي والتدريب المهني. نخلص من ذلك إلي ان ارتفاع نسبة الفقر في المجتمع المصري تمثل أحد التحديات الرئيسية للأمن المجتمعي وان السبيل إلي تقليل حجم هذه الظاهرة هو زيادة حجم النمو الاقتصادي والعمل علي تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في خلق الفرص الاقتصادية وتنمية الموارد البشرية فضلاً عن تحديث الأجهزة الحكومية المعنية بتوفير الرعاية الصحية للمواطنين وتفعيل نظام التأمين الصحي ومحاربة الفساد.