لان الوزراء لدينا يعيشون في وادي.. والمواطن في وادي آخر.. يمارسون عملهم من المكاتب المكيفة والمقاعد الوثيرة والسيارات الفارهة.. ولا يعلمون شيئا عن المواطن البسيط المطحون الذين جاءوا في الاصل لخدمته وتوفير حاجته دون عناء.. كان من الطبيعي مثلاً ان يري خبراء التموين ان حل المشكلة في بطاقة ذكية لكل مواطن.. فكرة رائعة وممتازة علي الورق وفي احاديث ومناقشات المكاتب.. لكنها زادت عناء المواطن البسيط الذي لاحول له ولا قوة اذ سرعان ماتحولت البطاقة الذكية.. إلي قطعة بلاستيك غبية لاتستقبلها اي ماكينة من ماكينات اهدار المال العام التي جاءوا بها لكل مخبز واصبحت ملايين البطاقات في حاجة إلي بدل تالف ودوخ يا مواطن السبع دوخات في اروقة الفساد التموينية لعمل بدل تالف لبطاقة لم يمض علي استخراجها اسابيع قليلة.. واصبح المواطن محروماً من التموين والخبز حتي يقوم باستخراج بدل تالف من اين وكيف يتم ذلك.. لا احد من المواطنين البسطاء يعرف شيئا.. وتتلقفه المكاتب التموينية من مكان إلي آخر.. ما بين حوالة بريدية إلي اوراق تموينية.. يدور المواطن في فلك فساد التموين بينما تستولي الشركات التي تبيع الوهم علي الملايين كل شهر مقابل عمل البطاقة الذكية ليس لها من اسمها نصيب.. وما الذي يفيد الشركة طالما تحصل علي الملايين كل شهر من اموال دعم السلع التي يتكبدها المواطن ان تمنحه بدل فاقد مقابل الرسوم المقررة بدلاً من السبع دوخات.. وعدم وصول الدعم إلي مستحقيه.. وتربح شركات البيزنس اقصد البطاقات الغبية من ملايين البسطاء ورغم مئات بل آلاف الشكاوي لوزارة ومديريات التموين.. الا ان المشكلة مستمرة والازمة تتفاقم والمسئولون في وادِ آخر.. يدلون بالتصريحات الوردية اياها.. لانهم يعيشون بمعزل عن مشاكل المواطنين.. بعيدين عن الواقع.. وكأنهم من كوكب آخر. والحق يقال.. بعيداً عن مشكلة البطاقات التالفة او الاخري التي تحتاج إلي تنشيط غير مجدي.. فإن البطاقة الذكية انهت ازمة طوابير الخبز تماماً ولم يعد لتجار المواشي والطيور الذين كانوا يأخذون الخبز المدعم كعلف.. وجود امام المخابز.. وصار صاحب البطاقة يحصل علي حصته من الخبز بسهولة ودون عناء.. وتحسن انتاج رغيف الخبز بصورة كبيرة.. واصبح اصحاب المخابز يتنافسون في انتاج رغيف جيد يحظي برضا وثقة المواطن وهذا يحسب لفكرة البطاقة الذكية ووصول الدعم إلي مستحقيه والحفاظ علي الخبز من الاهدار واستخدامه علفاً للمواشي.. واصبحت السلع التموينية ايضا افضل بكثير من السابق رغم ان التاجر الذي يقوم بصرف السلع التموينية يحصل علي رسوم غير مقررة يحصل عليها لنفسه ويتربح من كل بطاقة دون وجه حق في غياب الرقابة التموينية التي تكاد تكون قد اختفت.. خاصة ان البقال التمويني دائما يكون علي علاقة طيبة بمكاتب التموين التابع لهم ويأمن جانبهم ولايخشي من اي شكوي ضده طالما يكون آخرها مكتب التموين. أما الاغرب والاعجب في اهدار الملايين من اموال الدعم المخصص للمواطن الكادح.. فهو ما يهدر في اصدار المجلة الشهرية للتموين.. والتي لا فائدة لها اعلامياً او تموينيا سوي صرف المكافآت للمسئولين والقائمين عليها. نحن في مرحلة حاسمة في تاريخ الوطن.. مرحلة نتحسس فيها طريق الاصلاح والبناء والتنمية ومحاربة الفساد بكل صوره.. والفساد قد يكون ادارياً او مالياً واسناد استخراج البطاقات الذكية لشركات تحصل علي الملايين كل شهر بينما تقدم خدمة دون المستوي ويدفع المواطن الثمن دون مساءلة تذكر للشركات قمة الفساد.. والمفروض ان تقوم هذه الشركات فوراً ودون عناء باستخراج بدل تالف او تلاشي العيوب التي ادت إلي تلف هذه البطاقات الغبية وتنشيطها كل فترة دون جدوي.. وللموضوع بقية وتفاصيل ذكية.. وأسرار خفية اتمني ان يتم حل مشاكل البطاقات الغبية دون الحاجة إلي كشف الاسرار الخفية.