مما لا يخفي علي أحد رغبة الكثيرين في السيولة النقدية. بحسبانها مشبعة لحاجاتهم العاجلة. ومحققة رغبات البعض في الحصول علي خدمة أو منفعة أو سلعة أو عقار أو نحوها في الوقت المناسب. مما قد لا تتكرر فرصة الحصول عليه مرة أخري أو في وقت قريب. ولذا فإنه في سبيل تحقيق هذه الغاية قد يرفض البعض إقراض غيره. كما قد يرفض أن يكون له دين علي آخر. أو أن يحصل علي قيمة ما تصرف فيه ثمناً مؤجلاً. أو نحو ذلك. وانطلاقاً من هذه الحاجة قد يعمد البعض رغبة منه في تحقيق منفعة عاجلة لا يرجو تحققها مستقبلاً إلي التصرف في الأوراق التجارية التي يحملها والتي تمثل رصيداً دائناً له علي غيره. إلي أحد البنوك أو المصارف بغية تعجيل الحصول علي قيمتها قبل حلول أجل الوفاء بما ثبت فيها. وتقوم البنوك والمصارف خدمة لعملائها بدفع القيمة الحالية لهذه الأوراق التجارية إلي المستفيد. مقابل فائدة مالية تسمي "سعر الخصم" تحتسب علي القيمة الاسمية لهذه الأوراق عن المدة من تاريخ خصمها إلي تاريخ استحقاقها تعجيلاً للوفاء بالدين قبل حلول أجله في مقابل تنازل حاملها عن جزء من قيمتها "وهو سعر الخصم" وهذا من قبيل ما عرف في الفقه الإسلامي "ضع وتعجل" وهو أن يكون للمرء دين علي غيره لم يحل أجل الوفاء به. فيطلب الدائن من المدين أن يعجل له دفع الدين قبل موعده. علي أن يسقط له شيئاً من الدين. وقد اختلفت آراء الفقهاء في حكم هذه الصورة فيري فريق منهم عدم جواز ذلك وقد روي هذا عن عبدالله بن عمر وزيد بن ثابت وهو قول سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وسالم بن عبدالله بن عمر والحسن البصري والشعبي وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وسفيان بن عيينه وهشيم وإليه ذهب فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية وجمهور الحنابلة ومما يدل لهؤلاء علي ما ذهبوا إليه: أن الحطيطة من الدين المؤجل في مقابل التعجيل به. شبيهة بالزيادة التي يشترطها الدائن علي مدينه عند إنظاره. في حال عجزه عن سداد الدين عند حلول أجل الوفاء به وهي المعروفة ب"إما أن توفي وإما أن تربي" ووجه الشبه بينهما: أنه جعل للزمان مقداراً من الثمن بدلاً منه في الموضعين. وذلك لأنه لما زاد الدائن للمدين في الزمان زاد له عوضه ثمناً وفي "ضع وتعجل" لما حط عنه الزمان حط في مقابلته ثمناً ولأن الدائن يبذل القدر الذي يحطه من دينه إلي المدين عوضاً عن تعجيل ما في ذمته وبيع الحلول والتأجيل لا يجوز ويري فريق آخر من الفقهاء جواز الوضعية من الدين المؤجل لتعجيل الوفاء به روي هذا عن ابن عباس وهو قول محمد بن سيرين وزفر وإبراهيم النخعي وطاوس بن كيسان وابن شهاب الزهري وأبي ثور وهو رواية عن أحمد اختارها ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ويدل لما ذهبوا إليه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال "لما أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم بإخراج بني النضير عن المدينة أتاه أناس منهم فقالوا: إن لنا ديوناً علي الناس لم تحل. فقال لهم: ضعوا وتعجلوا"