لم ينم أحد حول العالم ترقباً لما ستسفر عنه الانتخابات البرلمانية التركية.. ومع الساعات الأولي لصباح أمس كانت النتيجة تقول إن اسطنبول تغيرت.. وحزب اردوغان العدالة والتنمية الحاكم خسر الأغلبية.. وسريعاً ما تحرك العالم ليحلل ما يحدث.. ففي صحيفة الجارديان كتب كونستانز ليتش من اسطنبول "الانتخابات أذلت أردوغان" فحزبه مني بأسوأ هزيمة انتخابية بعد عقد من حكم تركيا.. وكتبت سايمون قسدول تحليلاً سياسياً مفاده "الناخبون يعاقبون جنون العظمة"!! قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن النتائج غير الحاسمة للانتخابات البرلمانية التركية تعني أن لا حزب يستطيع تولي الحكم منفرداً. مؤكداً في بيان صادر عن مكتبه "رأي شعبنا فوق كل شيء آخر". دعا الرئيس التركي كل الأحزاب السياسية في بلاده إلي أن تجري تقييماً "واقعياً وصحياً" لنتائج الانتخابات وإلي العمل علي حفظ مناخ الثقة والاستقرار في البلاد. من جهته. أكد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش أن الخيار الأول لحزب العدالة والتنمية الحاكم هو محاولة تشكيل حكومة ائتلافية. بعد أن خسر الأغلبية البرلمانية في الانتخابات. لكن احتمال إجراء انتخابات مبكرة مطروح. إذا فشل في تنفيذ ذلك. قال كورتولموش للصحفيين في أنقرة "أعتقد أن رئيس حكومتنا سيكون قادراً علي تشكيل حكومة خلال الوقت المحدد". مضيفاً أن تشكيل ائتلاف لا يشمل حزب العدالة والتنمية ليس ممكناً. أفادت مصادر في مكتب رئيس الوزراء التركي أن أردوغان سيلتقي الاثنين برئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لبحث نتائج الانتخابات البرلمانية التركية. وسط تكهنات بأن يلجأ الحزب إلي تشكيل حكومة أقلية. علي الرغم من أن ذلك قد يكون حلاً غير مستقر. فشل حزب العدالة والتنمية في حصد الأغلبية المطلقة التي تخوله تحويل النظام في تركيا إلي نظام رئاسي. بعد أن أظهرت النتائج الأولية. شبه الرسمية. للانتخابات التشريعية بتركيا. حصول الحزب الحاكم علي 79.40%. وحل حزب الشعب الجمهوري "اشتراكي - ديمقراطي" ثانياً بحصوله علي 25% من الأصوات و135 مقعداً فيما نال حزب العمل القومي "يمين" 3.16% وأصبح يشغل 80 مقعداً. ونال حزب الشعب الديمقراطي "مؤيد للأكراد" 1.13% مع 80 مقعداً. كان سعر صرف الليرة التركية تراجع بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات. حيث أقفل سعر الليرة مقابل الدولار علي 65.2. في حين بلغ السعر صباح أمس 8.2. كما فتحت البورصة التركية تداولاتها أمس علي انخفاض حاد بلغت نسبته 8 في المائة. من ناحية أخري. برز صلاح الدين دميرتاش زعيم حزب الشعب الديمقراطي الكردي كقوة لا يستهان بها في السياسة التركية بعدما قاد حزبه في الانتخابات التشريعية الأحد ليتجاوز عتبة ال 10% ويضمن عشرات المقاعد في البرلمان. وبعد حملة شهدت توتراً. نجح دميرتاش في اجتذاب ناخبين من غير الأكراد. وأثار الإعجاب في رده الجدير برئيس دولة علي هجوم بالقنبلة استهدف تجمعاً لحزبه وأسفر عن مقتل شخصين وسقوط مئات الجرحي قبل يومين فقط من الاقتراع. وسيحظي دميرتاش ب 79 مقعداً في البرلمان الجديد بعد فوز حزبه ب 13% من الأصوات. كان دميرتاش السياسي الوحيد القادر علي منافسة أردوغان في الخطابات الحماسية. حل ثالثاً في الانتخابات الرئاسية في العام 2014 مع نتيجة قاربت عتبة ال 10% مما شجع حزبه علي المشاركة في الانتخابات التشريعية للمرة الأولي. وعلي صعيد ردود الأفعال. ذهبت تحليلات إيرانية إلي أن السبب الرئيسي في هزيمة اردوغان وحزبه الحاكم للمرة الأولي منذ 13 عاماً. تكمن في سياساته وموقفه من بشار الأسد ودعمه للجماعات الإرهابية في المنطقة. ومنها داعش. أما صحيفة "البناء" اللبنانية فأكدت أن تركيا "دخلت النفق السياسي المظلم. وخطت الخطوة الأولي نحو الفوضي السياسية. والتحجيم الإجباري لدورها الإقليمي المنطلق أصلاً من سعي حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه رجب أردوغان لفرض مشروع الإخوان المسلمين علي الأتراك". في غضون ذلك. اعترف المهندس إيهاب شيحة القيادي البارز بتحالف دعم الإخوان بتركيا. أن تواجد قيادات جماعة الإخوان هناك كان سبباً في تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان. قال إيهاب شيحة في بيان له: "للأسف نقيس ظروف تركيا بمقاييسنا التي إما أقصي اليمين أو أقصي اليسار. فالمجتمع التركي مجتمع قوي. والدولة دولة مؤسسات. والشعب صاحب سلطة". أوضح شيحة أن الحزب سيأخذ خطوة للخلف عن التيار الإسلامي العربي كأحد وسائل تخطي الإخفاق. فهذا التقارب كان أحد أسباب حنق نسبة من المواطنين الأتراك. من جانبه أكد د. حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن أحلام اردوغان الشخصية في أن يحول النظام التركي من برلماني إلي رئاسي ويحصل علي صلاحيات واسعة لمدة 8 سنوات قادمة قد انهارت تماماً. ولن يستطيع أن يفرض شروطه الكاملة علي اللعبة السياسية التركية كما كان مؤخراً. مؤكداً أن تحركاته ستكون مقيدة وليست مطلقة كما كان قبل ذلك. متوقعاً أن يتم تشكيل حكومة ائتلافية لن تحظي بدعم واسع وتسقط. مؤكداً أن حزب العدالة والتنمية يتراجع وهذا أمر قد يبدو طبيعياً بعد 12 سنة حكم خاصة في الدول الديمقراطية. لكن يبقي حجم التراجع وهل هو مؤقت أم دائم هذا ما تكشفه الأيام القادمة. قال د. فخري الطهطاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن اردوغان سقط بالضربة القاسية نتيجة سياساته الداخلية والخارجية السيئة. حيث أراد أن يحول تركيا إلي عزبة ملك حزبه فقط. قال د. محمود عزام استاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية إن نتائج الانتخابات التركية كانت صفعة قوية علي وجه اردوغان وإسكات لصوت غروره مطالبة بأن يعترف بهزيمته ويكف عن ممارسة الالاعيب.