الدواعش يتلاعبون بالمنطقة العربية.. انهم الاستعمار الأسود الجديد الذي يطيح أمامه بالأخضر واليابس وينفذ بدقة مؤامرة كونية تشترك فيها عدة جهات ودول كبري ترغب بشدة في تصفية المنطقة العربية وتمزيقها وإدخالها في دوامة لا نهاية لها من العنف والحروب الطائفية والقبلية والأهلية ليشرع هؤلاء المتآمرون في تقسيم الغنائم والخيرات فيما بينهم. هكذا يواجه العرب الآن اسوأ فترات حياتهم وتاريخهم علي الاطلاق.. لكن الغريب والمدهش أن نجد بعض الحكام العرب يشاركون في تنفيذ هذه المؤامرة الكبري ويدعمونها بالمال والسلاح والتأييد الخفي وتلك مهزلة المهازل لأن هؤلاء الحكام قد غيبوا تماما عن الواقع المخزي والخطير وأن ما يحدث وما سيحدث ستعود آثاره المدمرة عليهم هم أيضا وسيتجرعون من نفس الكأس إن لم يكن أكثر مما حدث لجيرانهم في الدول العربية الأخري. حرب طاحنة تدور رحاها في كل من العراقوسوريا واليمن وليبيا وتمزق لا حدود له في لبنان التي باتت بدون رئيس للبلاد منذ فترة ليست بالقصيرة. معارك هنا وهناك تجلب وراءها مئات القتلي وآلاف الجرحي وملايين المشردين واللاجئين العرب عبر الصحاري والجبال وتحت حرارة الشمس الشديدة وبرد الشتاء القارس.. كلها تحدث بلا رحمة أو خوف أو شفقة. المؤامرة الكبري تنفذ بحرفية بالغة.. فها هي داعش تدخل المملكة العربية السعودية في دوامة العنف والقتل بالعملية الانتحارية التي تمت يوم الجمعة الماضي في منطقة القطيف "الشيعية" والتي راح ضحيتها عشرات القتلي ومئات الجرحي وهم يؤدون صلاة الجمعة.. وتعلن داعش بكل بجاحة مسئوليتها عن العملية الانتحارية بل وتنشر صور الداعشي الذي فجر نفسه داخل المسجد السعودي وتعطي له اسم "النجدي" لتشير بدلالة واضحة انه سعودي أو يحمل الجنسية السعودية. وهي في ذلك تريد إشعال فتيل الصراع الطائفي بين السنة والشيعة في المملكة خاصة وأن المنطقة الشرقية بالسعودية تصبح بأعداد كبيرة وهائلة من السعوديين أصحاب المذهب الشيعي. ولم تكن داعش في حاجة إلي شيعة لكي يقتلهم فلديها في العراقوسوريا عدد كبير من الشيعة ولكنها تعمدت هذه المرة تفجير الأوضاع في السعودية وإدخالها في دوامة الحرب الطائفية وخلخلة الاستقرار الذي تمتع به المملكة منذ عشرات السنين وهدوء الأوضاع بها.. إلا من حرب أخيرة تشنها حاليا بتحالف عربي وإسلامي واضح ضد الحوثيين الشيعة في اليمن والذي لا تبدو لهذه الحرب ملامح ونتائج واضحة حتي الآن رغم عنف الضربات الجوية السعودية ضد الحوثيين. وتعج ساحة الحرب العربية العربية حاليا بالمتناقضات المثيرة للاستغراب والدهشة فنري انسحاب الجيش العراقي أمام داعش في الرمادي والموصل.. ونري انسحاب الجيش السوري أمام داعش في تدمير والمناطق المحيطة بها حتي قيل إن داعش تستولي علي نحو 50% من مساحة الأراضي السورية وأن قوات بشار الأسد في حالة تراجع وتخاذل ينذر بعواقب وخيمة علي سوريا الشقيقة ونري أيضا انسحاب الجيش اليمني أمام الحوثيين حتي أنهم يحرزون تقدما يوما بعد يوم في اغلب المناطق اليمنية. حتي الضربات الجوية لقوات التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد داعش فشلت حتي الآن في وقف تمدد الدواعش في العراقوسوريا بل ولم تكن هذه الضربات مؤثرة علي الاطلاق وهو ما أكده جون ماكين من أن 75% من الطائرات الموجه لضرب داعش تعود إلي قواعدها دون أن توجه ضربات إلي داعش وهو ما يؤكد فشل استراتيجية الرئيس الأمريكي أوباما في إيقاف داعش والتصدي لها حتي الآن وهو يسعي مع إدارته حاليا لإرسال 10 آلاف جندي أمريكي للعراق لعمل تدخل بري ضد داعش مما يعيد الاذهان إلي بداية احتلال أمريكي جديد للعراق مثلما فعلوا من قبل وكان من نتائجها تدمير العراق من كافة جوانبها وإعادتها إلي العصور الوسطي مهلهلا ضعيفا متخلفا ومفككا رغم إدعاءات واشنطن أنها انفقت أكثر من 40 مليار دولار علي الجيش العراقي وهو كذب فاضح وسرقة علنية لأن هذا المبلغ كان كافيا لو انفق بالفعل علي الجيش لقيام جيشا عراقيا قويا يستطيع أن يعيد الأمور إلي نصابها في العراق ويتصدي بقوة لداعش وغيرها من المتآمرين. ويبقي السؤال هل اخلت الزمام من الحكام العرب وأن الاخرين أصبحوا هم من يديرون لهم شئون حياتهم ويدفعونهم إلي الهاوية السحيقة لتنفيذ بنود المؤامرة الكبري.. الحقيقة أن الوضع المأساوي العربي اليوم لا يبشر بخير علي الاطلاق لأن التخلص من هذه الحروب المنتشرة في المنطقة يحتاج إلي سنوات طويلة إذا صفت النية واخلص الحكام لأوطانهم وشعوبهم!!