علي مدي قرون مضت لم يشعر العرب بقمة عربية كما شعروا بقمة شرم الشيخ الأخيرة التي أعادت الحياة لجسد الأمة العربية المريض والذي كان علي وشك أن يواري التراب من كثرة الطعنات التي تلقاها العرب من الصهاينة والفرس وغيرهم من كل الطامعين والمعتدين الآثمين. لم تتابع الشعوب العربية اجتماعات قادة وزعماء كما تابعوا القمة العربية التي اختتمت أعمالها منذ أيام والسبب هذه الروح الجديدة التي أطلقتها مصر بقيادتها الجديدة وكان شعارها "تحيا الأمة العربية" وحرصها علي إحياء العمل الجماعي والدفاع العربي المشترك لردع المعتدين والطامعين في ثروات العرب وأرضهم.. وما أكثر هؤلاء الطامعين والمتآمرين في عالم تسيطر عليه الأنانية والأطماع والمؤامرات التي تقودها دول تتحرك بطائفية وعصبية وطمع في الأرض والثروات العربية. لقد أدار الرئيس عبدالفتاح السيسي قمة الزعماء والقادة العرب باقتدار وحكمة وروح جديدة واستطاع بعباراته وشعاراته الوطنية الصادقة أن يجمع الشعوب العربية حول شاشات الفضائيات لتتابع كلمات قادتهم وإصرارهم علي الوحدة والتضامن والعمل المشترك لتبدأ الأمة التي أوشكت علي الموت مرحلة حياة جديدة.. وسبحان من يحيي العظام وهي رميم. *** التفاف القادة والزعماء العرب حول قرار "قوة الدفاع العربي المشترك" الذي اقترحته وتبنته مصر وبدأ عمليا قبل بدء القمة بساعات من خلال "عاصفة الحزم" كان أهم ما أسفرت عنه قمة عودة الحياة إلي الجسد العربي المريض. وهذا القرار وتلك الحملة العسكرية غير المسبوقة في تاريخ الأمة العربية رسالة واضحة لكل الطامعين في البلاد العربية. وهم كثيرون ابتداء من إسرائيل التي سخرت كثيرا من القمم العربية وأساء قادتها إلي الزعماء بعبارات استهانة مع قرارات كل قمة. ومرورا بإيران التي أكدت بالأدلة والبراهين أنها تنفذ مؤامرة كبيرة علي الأمة العربية وأن ما كان يردده الزعيم الراحل صدام حسين خلال حرب بلاده الطويل معها كان حقيقة ولم يكن وهما ولا خيالا كما صور لنا بعض السياسيين والمثقفين العرب. أحداث اليمن ومحاولات زعزعة استقرار دول عربية كثيرة عن طريق الشيعة الموجودين فيها أمر يدين الدولة الفارسية الحالمة باستعادة أمجادها علي حساب العرب حيث أعلن مستشار الرئيس الإيراني صراحة أن الدولة الفارسية الجديدة ستكون عاصمتها بغداد وليس طهران وستضم إلي جانب الدولتين دولا عربية أخري في مقدمتها اليمن وسوريا وقد تمتد لتتغول في منطقة الخليج لتضم البحرين وسلطنة عمان. ومن هنا فإن خطط إيران الاستيطانية لا تتوقف عند دعم الشيعة للسيطرة علي العراق وتهجير أو قتل أهلها من السنة. كما تتجاوز السيطرة علي سوريا التي أصبحت بالفعل محتلة من جانب عناصر إيرانية وعناصر حزب الله اللبناني الشيعي التي تسببت عملياتها في جلب الخراب والدمار في كل أرجاء سوريا. *** رسالة الأمة العربية الجديدة للطامعين وفي مقدمتهم إسرائيل وإيران وصلت بفضل شجاعة القادة العرب في بدء "عاصفة الحزم" قبيل القمة بساعات ليؤكدوا لكل الطامعين والمتآمرين أن العرب لن يطلقوا تصريحات في الهواء وأن مرحلة الكلام الكثير بلا عمل علي الأرض قد انتهت وأن الروح العربية الجديدة قادرة علي جمع شتات الأمة بعد أن تأكد الجميع أنهم في مركب واحد وأن الخروق في هذا المركب قد تعددت وتنوعت وأوشك المركب علي الغرق. رسالة الأمة العربية الجديدة للولايات المتحدةالأمريكية وصلت بالتأكيد. فقد انتهي عصر الاستقطاب الأمريكي لبعض الدول العربية لتستمر حالة الفرقة والخلاف بين العرب بفعل الوصاية الأمريكية. فلم يعد القادة العرب يكترثون كثيرا بما تقوله أمريكا وما تخطط له لتظل البلاد العربية تحت وصايتها والفضل في ذلك للعاهل السعودي الراحل الذي قص شريط التمرد الخليجي والعربي علي أمريكا بعد قيادة مصر الجديدة. فقد رفض الوصاية الأمريكية وسارت في كنفه العديد من الدول العربية. *** بقي أن نقدم الشكر والتقدير لدولة الإمارات العربية المتحدة التي أعطت مصر بقيادتها الجديدة - بتنازلها عن دورها في رئاسة القمة - فرصة لإثبات قدرتها علي جمع صفوف العرب وتحقيق وحدتهم الحقيقية في قرارات تنفذ علي الأرض.. من خلال قمة عربية هي الأقوي في تاريخ العرب. تحية للإمارات التي أثبتت وعيها وحسن تقديرها للأحداث والتحديات والمؤامرات التي تحاك للأمة العربية.. وتنازلت عن حقها في رئاسة القمة العربية لتتركها لمصر الجديدة في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد. تحية لكل الدول العربية التي التفت حول مصر وقيادتها الجديدة وأدركت صدق الموقف المصري الداعم لوحدة عربية حقيقية تعيد للأمة هيبتها وتحفظ لها مكانتها وتحبط كل مؤامرات ومخططات الطامعين في أرضها وثرواتها. تحيا الأمة العربية.