غابت الرقابة فضربت الفوضي جميع المحافظات حتي وصلت إلي إعلانات الشوارع التي تركت لها المحليات "الحبل علي الغارب" فتحولت الطرق والكباري إلي سويقة للدعاية تشوه المظهر العام وتؤذي المارة وتشتت الانتباه خاصة علي الشوارع الرئيسية والطرق السريعة مما يؤدي لمزيد من الحوادث والاشلاء. الغريب أن فوضي الاعلانات لم تقتصر علي عرض سلعة معينة أو التسويق لمنتج لكنها تجاوزتها ووصلت لعرض أفيشات عملاقة وصور مخلة ونكات مستهلكة وإعتذارات متبادلة بين العشاق يقرأها القاصي والداني وتفسد الذوق العام.. يتعجب محمد نصر محاسب من فوضي الإعلانات في ظل الغياب العمدي للمحليات التي تركت المهزلة والأسطح وأعمدة الإنارة ولم تبحث سوي عن العائد المادي فقط سواء للترويج لسلعة أو منتجعات أو شخصيات أو قنوات وبرامج فضائية فنري مخالفات صاخبة لشروط التراخيص وعدم اتباع وسائل الأمان والأدهي قيام بعض الوكالات بوضع لوحات إعلانية عملاقة علي الأسطح لحملات إعلانية للافراج عن المعتقلين السياسيين أو الحملة الضخمة التي ناشدت السلطات والافراج عن أحد المطربين المتهرب من التجنيد ويتساءل اين الضوابط واللوائح المنظمة لتلك الإعلانات وكيف يتم الموافقة عليها. إعلانات مستفزة تشاركه الرأي شيماء محمد مدرسة أن إعلانات الطرق إستفزازية وطريفة حيث نفاجأ بلوحات إعلانية ضخمة عن الحب وطلبات الزواج وإعتذار زوج لزوجته والعكس وتهنئة بالزواج والخطوبة علي طريقة الافلام وكأن المجتمع انتهت مشاكله ولم يبق سوي رسائل الحب والغرام بالطرق والكباري. يقول محمد علي موظف إن إعلانات الطرق أصبحت تتسم بالعشوائية والفوضي فاغلبها غير هادف ولا يراعي الدقة أو الذوق العام في أسلوب العرض بجانب وجود إعلانات تحمل العديد من المعاني والإسقاط خاصة السياسي الأمر الذي بدا واضحاً عقب ثورتي 25 يناير و30 يونيو ومؤخراًَ تم عمل دعاية لإحدي شبكات القنوات المعادية واتساءل أين دور الدولة الرقابي علي هذه اللوحات ومطابقتها للمواصفات الفنية والأخلاقية. يتفق معه سيد علي سائق أن اللوحات الإعلانية خاصة أعلي الكباري أصبحت مسار إزعاج بصري لإعتمادها علي الصورة بشكل كبير كوسيلة جذب مما يشتت من انتباه سائقي السيارات بالإضافة الي عدم مراعاة أماكن وضعها لنجد لوحات الإعلانات أحياناً علي مداخل الطرق أو تغطي علي الإشارات واللوحات الموضحة للإتجاهات دون أن تتدخل المحافظة لمنع الفوضي. يؤكد إسلام فرج تاجر أن واجهات وجوانب وأسطح العقارات تحولت إلي لوحات إعلانية مما شوه المظهر الجمالي والحضاري للشوارع بمناطق وسط القاهرة والمطلة علي شارع رمسيس ومن اللافت للنظر أن أغلب هذه العقارات قديم وأثري ولا يحتمل الهيكل الحديدي والقواعد الخرسانية لهذه اللوحات مما يتسبب في حدوث العديد من التصدعات بهذه العقارات الأثرية والتي تعد جزءاً من تاريخ مصر. يعرب محمود فرج تاجر قطع غيار عن استيائه من اللوحات الإعلانية أعلي الكباري خاصة كوبري 6 أكتوبر حيث لم يراع حجم الإعلانات أو المسافات الفاصلة بينها بالإضافة إلي استخدام الأضواء المبهرة والتصميمات الجذابة ذات الألوان الصاخبة مما يؤثر علي الرؤية الليلية لقائدي المركبات ويكون السبب الرئيسي في وقوع حوادث السير. بينما يري أحمد عبدالعزيز مندوب تسويق باحدي وكالات الإعلان أن الهدف من اعلانات الطرق "الأوت دور" مخاطبة العقل الباطن ولكي يظل الإعلان عالقا بالأذهان لابد من تكراره علي مسافات قريبة وبألوان صريحة ومتوهجة وبالنسبة لإعلانات الأسطح فحجم الإعلان ومساحة الرؤية من الأشياء المهمة التي تحكم اختيار المكان المناسب بصرف النظر عن العقار سواء قديم أو حديث. فوضي وعشوائية يؤكد دكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة أن غياب دور الرقابة والمحليات جعل من حق أي فرد وضع الإعلان بالطريقة التي يراها بدون قواعد تنظيمية ورقابية وبصورة فوضوية تثير العديد من المشاكل أهمها إعاقة حركة المرور والتعدي علي نهر الطريق بالمخالفة لقانون البلدية لعام 1929 الذي يجرم وضع الإعلان بما يتجاوز إفريز الطريق "الرصيف" والأكثر خطورة اللوحات الإعلانية التي يتم وضعها بطريقة عشوائية وبدون تنظيم بالطرق الزراعية والصحراوية ومداخل المدن والمحافظات حيث تغطي هذه الإعلانات في الغالب علي اللوحات الإرشادية للطرق بما يتعارض مع حقيقة أن الطرق يجب أن تتحدث عن نفسها من خلال اللوحات التحذيرية والمانعة والإرشادية التي يمنع أن تتجاور مع اللوحات الإعلانية حتي لا تحجبها وتؤثر علي رؤيتها مما يؤدي إلي العديد من الحوادث ويتنافي مع القيادة المرورية السليمة مضيفاً انه أحياناً يتم الضغط علي الجهات الإدارية بالدولة من جانب بعض الوكالات الإعلانية أو الشركات للحصول علي مساحات إعلانية أكبر أو بأماكن نطاق رؤيتها أوسع. ويري العالم أنه لابد من تغيير المنظومة الإدارية المسئولة عن وضع الإعلانات علي الطرق والكباري وداخل المدن بأن تنظم طريقة وضعها وكيفية عرض الإعلان مع ضرورة الموافقة علي النص حيث إن بعض الوكالات استخدمت بعض الكلمات غير اللائقة والتي تسئ للذوق العام بالإضافة إلي ضرورة عرض الإعلانات التي تحمل توجهاً سياسياً أو دينياً علي جهة الإختصاص للموافقة عليها قبل عرضها ووضع الضوابط المنظمة لها مشيراً إلي أهمية متابعة عمليات صيانة اللوحات الإعلانية بشكل منتظم لتفادي خطورتها علي حياة المواطنين والمارة ويقترح أن يتم تخصيص نسبة من عائد الإعلانات للانفاق علي إصلاح وصيانة الطرق. الكود المصري يقول دكتور عدلي رضا أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إن الإعلانات أصبحت توضع بشكل عشوائي ولا تخضع لأي نوع من الرقابة في ظل فوضي في الاستخدام واختيار الأماكن الموضوعة بها كما تسببت هذه العشوائية في تشويه البيئة الجمالية للمدن واصحبت احد أهم أسباب التلوث البصري الذي نعاني منه في العاصمة بالاضافة إلي استخدام الأضواء المبهرة ببعض الاعلانات خاصة علي الطرق السريعة مما يتسبب في وقوع العديد من الحوادث إما بسبب الضوء المشع أو تشتيت إنتباه قائد المركبة وقد أصبحت شوارع مصر تطارد الجمهور المستهدف من الاعلانات فاحتلت أسطح العقارات وجدرانها وأعمدة الشوارع دون رقيب علي الرغم من الكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطريق قد حدد شكل الاعلان ومكانه بحيث لا يكون مصدر تشتيت لقائدي السيارات أو يتعارض مع العناصر المرتبطة بأمن وسلامة الطرق. ويطالب د. رضا الاحياء ومجالس المدن بضرورة تنظيم وضع الإعلانات بالطرق علي أن لا تشكل إعاقة لحركة المرور بالشوارع أو تتسبب في حجب الرؤية عن قائدي المركبات مع أهمية التأكد من أن المواد المصنوع منها الإعلان غير قابلة للإشتعال أو مضرة للبيئة إلي جانب إختيار الأماكن المناسبة لوضع الإعلانات سواء علي الطرق أو سطح العقارات وأن لا تشكل اللوحات الإعلانية مصدر إزعاج ضوئي أو بصري مع ضرورة مراعاة التناسق في وضع الإعلانات. الإزالة فورية ويؤكد اللواء أحمد ضيف نائب المحافظ للمنطقة الشمالية ورئيس لجنة الإعلانات بمحافظة القاهرة أنه يتم وضع الإعلانات بشوارع العاصمة طبقاً للائحة المنظمة لهذا الشأن والتي نصت علي شروط المساحة والحجم والإرتفاع قبل إصدار التراخيص إلي جانب منع أي إعلانات تحتوي علي رؤية أو توجه سياسي أو تحمل عبارات مخلة بالذوق العام أو تتعارض مع العادات والتقاليد المصرية بالإضافة إلي وجود موظف بكل حي لمتابعة وضع الإعلانات والتأكد من مطابقتها للتراخيص داخل نطاق الحي وإعداد تقرير دوري يعرض علي اللجنة العليا للإعلانات بالمحافظة التي من شأنها تطبيق اللائحة علي كافة الإعلانات دون إستثناء وإذا ثبت مخالفة أي إعلان لنصوص اللائحة يتم إزالته فوراً وإنذار الوكالة الإعلانية بالالتزام بشروط التعاقد.