كالعادة مازالت الانتخابات البرلمانية حلم "عبده مشتاق" وعشاق الشهرة والوجاهة الاجتماعية والراغبين في الثراء الفاحش والسريع من الطامعين في الحصانة البرلمانية للحصول علي مكاسب شخصية سياسية واجتماعية ليعيد للأذهان نواب الكيف والقروض والعلاج علي نفقة الدولة الذين أساءوا للحصانة البرلمانية بعد تورطهم في قضايا فساد مالية وسياسية ومن هنا وجب علي الشعب اختيار المرشح الذي يعمل من أجل المصلحة العامة وليس لاكتساب حصانة لسرقة أموال بعيدا عن المساءلة القانونية. هذا ما يؤكده المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق قائلا: يجب أن نواجه الحقيقة بصدق فكل من ثورتي يناير ويونيو لم يكن لهم قيادات أو تنظيم سياسي موحد يعتمد عليه في تشكيل هيكل سياسي واضح والأحزاب السياسية سواء القديمة والجديدة والبالغ عددهم الآن حوالي 96 حزبا كلها أحزاب وهمية ليس لها قواعد جماهيرية وشعبية وليس لها برامج مميزة لذلك إذا لم يتم معالجة الوضع القائم وربط عدد الأحزاب بعدد الأعضاء وأن يكون البقاء فقط للأحزاب الجادة فمن الطبيعي أن يظهر علي السطح أصحاب المصالح الشخصية والمتسقلون الطامعون في مص دماء الدولة ونهب ما تبقي منها. ويطالب الجمل النواب الجدد بعدم الاعتماد علي الحصانة البرلمانية في حماية أنفسهم وإنما يعتمدون علي الشفافية معيارا لسلوكهم والبعد عن مواطن الشبهات مثله مثل القاضي الذي يحكم بالعدل بين الناس كما طالب الأحزاب بألا تنساق وراء المعايير غير المنضبطة عند اختيار أعضاء لمجلس الشعب وعدم الاعتماد فقط علي الشعبية الكاسحة ولابد من النظر في سيرة الشخص من حيث الاستقامة والعلم والنزاهة والتاريخ السابق لأن التاريخ لا يكذب. يشير د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة إلي إنه لماذا التعجب من ظهور ودخول هذه النوعية من المتسلقين والفاسدين للساحة الانتخابية فقانون الانتخابات صمم لكي يأتي بأمثالهم من أصحاب المال والفلول ولو كان المشرع يريد تقوية الحياة السياسية لفتح الطريق أمام تحول ديمقراطي حقيقي فنحن ضحية قانون انتخابي هزيل يمنح 80% من مقاعد المجلس للدوائر الفردية مما يعيدنا لنقطة البداية وسيطرة العصبيات والمال السياسي علي الانتخابات مما يجعل الجميع يشعر أن هناك رغبة واضحة لدي الدولة في عدم التغيير بل والتأكيد علي أن الحزب الوطني وأعوانه هم الأفضل في قيادة البلاد من شباب الثورة ورموزها. يضيف نافعة إن معظم المرشحين من أصحاب المصالح الشخصية الطامعين في الحصانة البرلمانية لحماية شبكة المصالح المرتبطة بالنظام القديم وتنمية استثماراتها والتعامل مع الدولة علي أنها سلعة تباع وتشتري فالحصانة هي الطريق السريع للأراضي والمنتجعات والقصور. ويشير د.يحيي الجمل الفقيه الدستوري ونائب رئيس الوزراء الأسبق إلي أن الحصانة مطلوبة لنواب البرلمان شأنهم في ذلك شأن القضاة والمحامين كي يتسني لهم أداء دورهم الرقابي وهذه الحصانة توفر للنائب حرية الكلام والمناقشة في ممارسة أعماله دون خشية من أي ملاحقة جزائية بهدف تحقيق العدالة من غير أن يكون للاعتبارات السياسية الموجهة شأن فيها ولم تكن بداية الحصانة البرلمانية في مصر فحسب بل كانت إنجلترا هي الدولة الأولي التي ظهرت فيها الحصانة البرلمانية وذلك في أعقاب ثورة 1688 وكان هذا لحماية النواب من سلطات الملوك واستثنت من هذه الحصانة قضايا الخيانة العظمي والجنايات والإخلال بالأمن لذا فكان من الممكن القبض علي نائب في أي من الجرائم سابقة الذكر دون رفع الحصانة عنه. يضيف الجمل للأسف في مصر استغل النواب الحصانة استغلالا سيئا مما جعل مجلس الشعب مكانا آمنا لعمل كل ما هو فاسد وغير شرعي لذلك يجب أن تكون الحصانة تحت قبة البرلمان فقط وبعد ذلك يكون العضو متساويا مع كافة طوائف الشعب لمنع أصحاب المال والأعمال من الترشح لعضوية البرلمان وفتح الباب أمام المؤهلين من أصحاب الفكر والسياسة لتقديم خدمات للمواطنين بلا مقابل أو منافع شخصية ويتحول المجلس إلي مكان خدمي للشعب وليس لخدمة مصالح النواب ولكني مازلت أري في الوقت الحالي ومع فتح باب الترشح وبداية تشكيل التحالفات النهائية للانتخابات البرلمانية أن الأمر لم يختلف كثيرا عن الانتخابات السابقة فهناك العديد من المرشحين علي الساحة السياسية طامعون فقط في المكاسب الشخصية التي ستحققها لهم الحصانة البرلمانية ونحن نراهن علي إرادة الشعب في اختيار الأفضل والذي ينحاز للمصلحة العامة. يري كمال الهلباوي أمين عام منتدي الوحدة الإسلامية أن ظهور مثل هؤلاء المرشحين نتاج طبيعي لعدم تغير الثقافة السياسية والحزبية بالقدر الكافي لذلك نجد نفس عيوب وأخطاء النظام السابق تتكرر من جديد وان اختبأت تحت شعارات جديدة فالعصبية لها نصيب والمال الفاسد له نصيب والطامعون في الحصانة أيضا لهم نصيب فهناك العديد من المرشحين يتقاتلون للدخول إلي هذا المجلس مع أن معظمهم كانوا فاسدين ومفسدين يلهثون وراء الحصانة البرلمانية لتحقيق المجد الشخصي لنري من جديد تحت قبة البرلمان تجار المخدرات وتجار الشنطة ومدمني القمار وأصحاب المصالح الشخصية. يضيف الهلباوي من المفترض أن تكون عضوية البرلمان عبئا علي صاحبها وليس حائطا يتداري وراءه بالحصانة البرلمانية حصانة لحماية مصالح وسلوكيات نواب البرلمان من أنياب القانون في إطار المصلحة العامة دفاعا عن مصالح الشعب.. بدلا من كونها لحماية ممارساتهم الشخصية لذلك يجب أن يكون القانون فوق الجميع وألا تحمي الحصانة البرلمانية قاتلا أو مرتشيا أو مزورا بل حتي المتربحين من وظائفهم ومواقعهم النيابية والتنفيذية يجب ألا يكونوا فوق القانون وألا يتستر البرلمان علي فاسد أو مفسد بعيدا عن رداء الحزبية أو الكيدية سواء كان من أقطاب الحزب الحاكم أو في موقع المعارض أو المستقل.