يكشف فيلم "لعبة المحاكاة" واحداً من أسرار الجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية. عندما اخترع عالم الرياضيات آلان تورنج جهازاً لفك شفرة تعليمات الجيش الألماني لجنوده. مما ساهم بشكل حاسم في انتصار بريطانيا والحلفاء في الحرب. عالم الرياضيات تورنج كان من المثليين لذلك تم حرمانه من أنواط التكريم العسكرية رغم دوره الكبير في اختصار سنتين من زمن الحرب وانقاذ حياة 14 مليون إنسان إذا استمرت الحرب في مسارها. كما كان جهازه هو النواة لاختراع الكمبيوتر بعد وفاته بسنوات. وقد رشح الفيلم ل 5 جوائز جولدن جلوب و8 جوائز "بافتا" وفي انتظار جوائز الأوسكار. استطاع الممثل البريطاني بيندكت كمبرباتش أن يجسدد عبقرية آلان تورنج "1913 1954" بدأ الفيلم في شتاء 1952عندما وصلت الشرطة الي منزل تورنج بسبب بلاغ عن سرقة. ولكنهم يكتشفون وجود شاب مثلي في منزل عالم الرياضيات. ويعترف في التحقيقات أنه يمارس الشذوذ معه. وكان القانون البريطاني في تلك الفترة يعتبر "اللواط" جريمة عقوبتها السجن أو الاخصاء الكيميائي وقد اختار تورنج الاخصاء. بعد ذلك في عام 1954 تم العثور علي جثته وقيل إنه انتحر أو أن أحد أصدقائه وضع له السم في عصير التفاح. قام المخرج النرويجي مورتين تيلدوم باخراج الفيلم عن سيناريو كتبه جراهام مور مأخوذ عن كتاب "لعبة المحاكاة" تأليف أندرو هودجيز. واسم الكتاب يشير الي جهاز فك الشفرات الذي يعتمد علي تقليد أو محاكاة العقل البشري وفقاً لنظرية الاحتمالات. حيث يضع 28 حرفاً الي جوار 10 أرقام ويتم تبادل مواقعها ويشكلون 159 مليون شفرة احداها هي التي يستخدمها الجيش الألماني. وهي عملية معقدة حققت نتائج مذهلة لصالح بريطانيا في الحرب. وكما هو معلوم فإن بريطانيا في السبعينيات قامت بتعديل القوانين واعتبرت المثلية الجنسية من الحريات الشخصية. وبعد ذلك بسنوات تم الاعتراف الرسمي بزواج المثليين سواء كانا رجلين أو سيدتين. معني ذلك أنه تم رد اعتبار عالم الرياضيات آلان تورنج بعد وفاته ب 25 عاماً. هل أراد السيناريو الاشارة الي الظلم الذي طال أحد عباقرة المثليين في التاريخ العسكري البريطاني! استعان تورنج بفريق من الأذكياء الذين برعوا في حل الكلمات المتقاطعة أو لعبة الشطرنج وكان من بينهم فتاة واحدة هي جوان وقامت بدورها الرائعة كيرانايتلي وقد ترشحت للعديد من الجوائز علي هذا الدور. والمشكلة الأساسية التي وقع فيها الفيلم أنه خلط بين ماهو عام وماهو خاص في حياة آلان تورنج. تماماً مثلما كانت تفعل القوانين البريطانية في الخمسينيات وحرمت واحد من أبطال الحرب من التكريم لأنه مثلي الجنس. المسألة ببساطة أن تورنج لم يخترع جهاز فك الشفرة لأنه له ميول مثلية بل أنه شديد الذكاء وعالم رياضيات نابه ويحب وطنه ويعمل من أجل مصلحته. بالتالي جاءت المعلومات التي سردها السيناريو في نهاية الفيلم بعيدة عن بطولة تورنج. وتحكي عن أن 89 ألف شاذ بريطاني تم حرمانهم من حقوق مدنية كثيرة كعقوبة علي شذوذهم. لكن الحرية الشخصية انتصرت في النهاية. لو كان هناك علاقة بين العبقرية والشذوذ الجنسي. فمعني ذلك أن الرجال الطبيعيين ليسوا عباقرة. لقد كان تورنج بطلاً وإنساناً رائعاً يستحق التكريم. ولكن نظرة المجتمع البريطاني في الخمسينيات والقوانين المعمول بها آنذاك حطمت واحد من العباقرة والذين كان من الممكن أن تستفد بهم البشرية لو عاشوا سنوات أكثر من التي عاشوها.