أيام.. وينطلق سباق الانتخابات البرلمانية.. فلم يبق سوي اعتماد الرئاسة لقانون تقسيم الدوائر.. لتبدأ علي الفور اللجنة العليا في وضع جدول زمني يتضمن مواعيد فتح باب الترشح وتلقي الاعتراضات والطعون وأوقات الدعاية والصمت الانتخابي.. ومراحل إجراء الاقتراع. في المقابل.. مازالت الأحزاب علي حالها المعهود من التصارع والتنازع.. منها من يوجه سهام النقد والعوار إلي قانون تقسيم الدوائر.. ومنها من يشيد ويتغني بالخريطة الجديدة للمقاعد البرلمانية.. بينما الكل وبدون استثناء يتسابقون لإنشاء "تحالف" يضمن عدداً لا بأس به من مقاعد القوائم.. وفي سبيل ذلك تقدم الإغراءات المالية والعينية للفوز بأكبر قدر من مرشحي العصبيات والقبليات والعائلات ذات التاريخ البرلماني.. ولا يهم إن كانوا "فلول وطني".. أو "بقايا إخوان".. الأهم رفع اسم الحزب تحت القبة. الغريب.. أن معظم هذه الأحزاب تعيش في وهم كبير.. وتتطلع إلي سراب عريض.. مع أنها لو أزاحت الغشاوة.. وعقدت جلسات مصارحة ومكاشفة.. وراجعت كل الحسابات وأدارت شريط الماضي.. لعلمت حجمها الحقيقي.. وتبين لها أن آراءها ومواقفها لم يعد لها أي تأثير في الشارع السياسي.. فالفشل يلاحقها علي مختلف الأزمنة.. وانصرف عنها الناس بعد أن وضع المواطن يده علي الحقيقة.. وابتعد عن الكيانات الورقية.. التي لا تقدم سوي أحلام خادعة. وجدل عقيم. وصراعات تعطل المراكب السايرة!! بالتأكيد.. يدرك المواطن أهمية البرلمان القادم.. والذي من المفترض أن يمثل كافة التيارات والقوي والفئات.. وبه تتحقق تطلعات عديدة.. وطموحات كثيرة.. تدعم مسيرة البناء والإصلاح التي بدأت مع ولاية رئيس الجمهورية. إن أحسن المواطن الاختيار.. فلا شك سوف تتحقق النتائج المرجوة.. وتتجسد الأهداف المنشودة.. وفي مقدمتها "انحسار" حالة الاستقطاب السياسي. ومعرفة كل تيار حجمه الطبيعي.. ليعود الفاشلون والمتآمرون إلي جحورهم.. ويتواري النشطاء ودعاة الوطنية.. وتتبدد حالة الانقسام التي تضرب السلام الاجتماعي في مقتل. بالبرلمان الجديد.. تكتمل الصورة الديمقراطية.. وتقوم الثورة التشريعية للتخلص من قوانين بالية.. واستحداث أخري تناسب الظروف وتتواءم مع الأهداف.. بالإضافة إلي تفعيل دور الرقابة والمتابعة لكافة منشآت ومؤسسات الدولة. بالبرلمان الجديد.. تكف التنظيمات الدولية عن التدخل في الشأن المصري.. وتعود الصورة الحضارية للدولة المصرية في المحافل العالمية.. وينعقد المؤتمر الاقتصادي تحت ظلال من الحرية والأمان.. كما أنه بانتهاء الانتخابات يسود الهدوء والانضباط.. فتعمل الدولة بكل حسم وصرامة علي نقل الباعة الجائلين من عرض الطرق والميادين.. ويتحقق الانسياب المروري بعد طول غياب.. وتعود الجماهير إلي مدرجات الكرة.. ويكف الطلاب المخدوعون عن أعمال الشغب ويتفتح باب الأمل أمام المصالحة الوطنية. إن البرلمان الجديد.. يرسم صورة المستقبل بكل أبعادها وتفاصيلها.. لذا ينبغي علي المواطن أن يدقق ويتأني في الاختيار.. فلا يعطي الفرصة للتحالفات المشبوهة أو الفلول الفاسدة أو الخلايا النائمة لكي تتسلل وتجلس تحت القبة.. ومن واجبه ألا يستجيب للدعايات المغرضة والإغراءات الزائفة.. بل يعتمد علي نفسه في اختيار المرشح ذي الأيدي الطاهرة. والسمعة الحسنة. والكفاءة العالية.. والذي يتمتع بمزايا الولاء والوطنية.. ويرفع المصالح الوطنية فوق أي هوي ذاتي. أو غرض شخصي.. عندئذ فقط يفتخر المصريون بأن لديهم "برلمان" العبور إلي المستقبل.