الفنانة الكبيرة صباح التي رحلت عن دنيانا تركت رصيداً هائلا من العطاء الفني في الغناء والتمثيل أسعد الملايين. غنت للوطن وللحب وللأم ولعشاق الكرة ولرمضان. أحبها كل عشاق الفن في كل الوطن العربي وأعجبتهم بساطتها ورقتها وحبها واقبالها علي الحياة وقد غنت لكل الشعراء والملحنين وكل ألوان الغناء كانت أخبارها مثل السمع والبصر والآن تغيب عن دنيانا ويبقي فنها حياً بيننا يذكرنا بها. ورغم هذا التراث الهائل الذي تركته فإن صباح لم تغن من أشعار الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي إلا أغنية واحدة وهي "ساعات ساعات". يحكي الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي قصة هذه الأغنية فيقول: إن الفنانة الكبيرة صباح رحمها الله ظلت طوال الثلاثين عاما الماضية أو ربع القرن الماضي وهي تفتخر بأنها غنت أغنيتي "ساعات ساعات" وهي أغنية شديدة الصعوبة علي المطربات اللاتي في مقتبل العمر ومع ذلك فإن صباح غنتها باقتدار وجعلت منها أغنية خالدة ولم نكن قد التقينا من قبل ولكنها ظلت في كل حوار تليفزيوني ولقاء صحفي تقول إنها فخورة أنها غنت هذه الأغنية للأبنودي. وحين التقيت بها في احد الحفلات وكانت جالسة علي مقعد في حالة صحية غير مستقرة وسلمت عليها وقلت لها أنا الأبنودي فانقلبت إلي إنسانة صحيحة البدن وعبرت عن سعادتها الهائلة أنها رأتني أخيراً وسألتني إذا ما كنت أنا أيضاً مسروراً بأغنية "ساعات ساعات" فقلت لها لقد أصبحت واحدة من أعمدة الغناء في العالم العربي وصافحتها وغادرت المكان وهي المرة الوحيدة التي رأيت فيها الفنانة صباح حيث كانت ظروف انشغالنا لا تسمح بلقائنا ما بين السفر والعمل. وروي الخال الأبنودي كيف غنت صباح هذه الأغنية فقال: إنها كانت تصور فيلمها "ليلة بكي فيها القمر" مع النجم حسين فهمي.. وتطلبت الأحداث أغنية وقرأ عليها مخرج الفيلم أحمد يحيي كلمات الأغنية وكان الموسيقار د. جمال سلامة قد لحنها ولم يجرؤ أي مطرب أو مطربة علي غنائها ولكنها فرحت جداً بها وغنتها وكانت أول ألحان للموسيقار جمال سلامة الذي استمرت رحلته مع الألحان بعدها. يضيف الخال الأبنودي أن الاغنية ظلت 15 عاما لا يريد أي مطرب أو مطربة أن يغنيها لأنها طويلة وكان المطربون يستمعون إلي الأغنيات مع جمال سلامة ويرفضون غناءها لصعوبتها حيث لم تكن تتخيل أن تنجح وتكون لها مكانتها بين الأغنيات بل إنها كانت ختام رحلة صباح الغنائية التي امتعتنا. ويقول الأبنودي إن صباح عاشت الحياة بالطول والعرض وكانت مؤمنة بالحياة إلي أبعد الحدود وكان قلبها نقيا جداً وعندما كان الآخرون يهاجمونها ويحاولون أن ينالوا من عزمها لأنها كانت تعيش عمرها إلي أبعد الحدود ولم يعرف عنها أنها غضبت من أحد لقد كانت طيبة ونقية وحنونة لقد عشنا فترة المراهقة وكانت صباح فيها نجمة متألقة في الغناء لمعظم الملحنين الكبار عبدالوهاب والسنباطي والموجي وبليغ حمدي والطويل ولمعظم الشعراء حسين السيد ومأمون الشناوي وعبدالوهاب محمد وغيرهم من الشعراء.. رحم الله صباح رحمة واسعة.