ينص دستور مصر الحالي في لمادة "237" علي التزام الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله ومن برنامج زمني محدد باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين مع ضمان الحقوق والحريات وأن ينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه. وفي ضوء ذلك تقوم الدولة بتنفيذ هذا الالتزام الدستوري بمكافحة الإرهاب من خلال التزامها بإطار الشرعية العادية وتطبيق قانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات.. وعرض جميع المتهمين بارتكاب جرائم ارهابية علي النيابة العامة التي تتولي إحالتهم إلي المحاكم المختصة لمحاكمتهم. وطبقا لقانون العقوبات المصري وتعديلاته حددت المادة "86" الجرائم الإرهابية بجميع أشكالها كما حددت العقوبات التي توقع علي مرتكبي هذه الجرائم والتي قد تصل عقوبتها إلي الإعدام.. لما تمثله تلك الجرائم من خطورة جسيمة تعرض سلامة الوطن وأمنه للخطر وترويع المواطنين وتعريض حياتهم وأمنهم للخطر الشديد. ونظراً لتزايد الجرائم الإرهابية في محافظة شمال سيناء.. وما أدت إليه من سقوط عشرات الشهداء والمصابين من أبناء مصر البررة من القوات المسلحة والشرطة والمواطنين الشرفاء.. استخدم السيد رئيس الجمهورية سلطاته الدستورية "المادة 154" وأصدر قراراً بإعلان حالة الطوارئ جزئيا ولمدة محددة في محافظة شمال سيناء.. وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء. نؤكد أن هذا الإجراء يتفق أيضاً مع قواعد الشرعية الدولية المتمثلة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية "عام 1976" والتي صدقت عليه مصر عام 1982 وأصبحت ملتزمة بأحكامه وله قوة القانون في مصر "المادة 151 من الدستور".. حيث نص العهد صراحة في المادة "4" علي أنه يجوز للدولة الطرف فيه في أوقات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة التي يعلن عن وجودها بصفة رسمية أن تتخذ من الإجراءات ما يحلها من التزاماتها طبقا للعهد إلي المدي الذي تقتضيه بدقة متطلبات الوضع.. نؤكد أيضا أن ما تقوم به مصر من إجراءات لمكافحة الإرهاب لا يتفق فقط مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.. وإنما يتفق مع كافة المواثيق والمعاهدات وكل آليات الشرعية الدولية التي أقرها المجتمع الدولي وينسجم تماماً مع قواعد القانون الدولي الإنساني.. والتي تقضي جميعها بضرورة وجود آليات وقوانين غير عادية تمكن أي دولة من مواجهة الظروف غير العادية لأن القوانين العادية يتم إقرارها لتواجه فقط الظروف العادية.. وإذا كان هناك إصرار علي استخدامها في أوقات الطوارئ فإنها تقف عاجزة تماماً عن مواجهة تلك الظروف الطارئة. ولذا فإنه من الطبيعي في ظل إعلان حالة الطوارئ في محافظة شمال سيناء أن يتم تطبيق قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 علي مرتكبي الجرائم الإرهابية في نطاق المحافظة وإحالتهم إلي محاكم أمن الدولة طوارئ.. إلا أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكمها في عام 2013 بعدم دستورية المادة "3/1" من قانون الطوارئ والتي كانت تمنح مأموري الضبط القضائي عدداً من الصلاحيات والإجراءات أوسع نطاقا مما نص عليه قانون الإجراءات الجنائية لتفعيل قدرتهم علي كشف الجرائم الإرهابية وضبط مرتكبيها.. وبالتالي أصبح قانون الطوارئ بعد هذا الحكم الدستوري غير كاف لاتخاذ الإجراءات السريعة والضرورية لمواجهة مثل هذه الجرائم الخطيرة. رغم كفاية قانون العقوبات المصري في مجالي التجريم والعقاب علي الجرائم الإرهابية إلا أن المشكلة الحقيقية الآن تتمثل في وجود قصور قانوني فيما يتعلق بالإجراءات اللازمة لمواجهة هذا النوع الخطير من الجرائم.. ولذا تظهر الحاجة ملحة إلي إصدار قانون "إجرائي" لمكافحة الإرهاب.. ويمكن أن يتم ذلك علي وجه السرعة بقرار من السيد رئيس الجمهورية إعمالاً لسلطاته الدستورية علي أن يتم عرضه علي البرلمان لدي انعقاده. وما ننادي به ليس بدعة.. بل إننا قد تأخرنا كثيراً عن غيرنا من الدول العريقة في الديمقراطية.. والتي أصدرت قوانين لمكافحة الإرهاب ومنها علي سبيل المثال فرنساوبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية.. وغيرها من الدول. ونجد أن قانون مكافحة الإرهاب الفرنسي ينص علي إمكانية ملاحقة أي فرنسي يسافر للتدريب في معسكرات الجهاد حتي ولو لم يرتكب أي عمل سيء في فرنسا وحتي لو لم يقض شبابه علي الأراضي الفرنسية.. وذلك بتهمة تشكيل عصابة إجرامية بهدف ارتكاب عمل إرهابي.. وهي جريمة عقوبتها السجن عشر سنوات وغرامة تبلغ "225" ألف يورو.. وقد أقر البرلمان الفرنسي هذا القانون بإجماع الآراء. كما وأن قوانين مكافحة الإرهاب في بريطانيا الصادرة أعوام 2001 و2005 و2006 تضمنت مجموعة من التدابير بما يكفل فعالية السلطات في مكافحة المتورطين في الأعمال الإرهابية.. ويكفي أن تعلم أنها جرمت وتعاقب علي مجرد تواجد أي شخص مع معسكرات تدريب الإرهابيين حتي ولو لم يكن من بين هؤلاء المتدربين.. والأدهي من ذلك حتي يعتبر من لا يعي أعلن ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا مؤخراً خلال الشهر الماضي أمام الاتحاد الأوروبي وأمام مجلس العموم البريطاني أنه عازم علي تعديل قانون حقوق الإنسان البريطاني لأنه بوضعه الحالي يقيد الحكومة في حماية الأمن القومي لبريطانيا.. وعلينا هنا أن نلاحظ أننا لم نسمع ضجيجا أو صراخاً ضد هذا التصريح الأمر الذي يعكس الإدراك الكامل للفارق بين الحرية والفوضي ومفهوم الأمن القومي للبلاد. إذا أشرنا إلي قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي "قانون باتريوت 2001" فحدث ولا حرج.. فهو نموذج للقانون الذي يتضمن قائمة واسعة من الإجراءات القمعية والصلاحيات غير المحدودة لأجهزة الشرطة لتسهيل إجراءات مكافحة الإرهاب في ضوء كل ما سبق يمكن لنا أن نتفهم بسهولة وموضوعية ووطنية مبررات صدور القرارات بقوانين من السيد رئيس الجمهورية في الآونة الأخيرة سواء بإحالة المدنيين مرتكبي الجرائم الإرهابية إلي القضاء العسكري.. أو بتجريم الكيانات الإرهابية.. أو بتسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلي دولهم لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم متي اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك. وعلينا أن نتذكر دائماً أن الحديث من قبل عناصر المجتمع الدولي عن حقوق الإنسان أصبح وللأسف في الغالب الأعم يستخدم لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية.. وعلينا أن ندرك عن علم ووعي أن الحفاظ علي الحقوق والحريات ينبغي أن يكون دائماً في إطار الموازنة بينها وبين مقتضيات الأمن القومي وتحقيق الأمن للمواطنين الشرفاء الذين تم ترويعهم وتخويفهم بسبب مثل هذه الجرائم الإرهابية. وختاماً.. أقدم عدداً من المقترحات التي تسهم في القضاء علي هذا الإرهاب الأسود وهي: أولاً: سرعة إصدار قرار بقانون من رئيس الجمهورية بشأن قانون "إجرائي" لمكافحة الإرهاب. ثانيا: استحداث ثلاث دوائر قضائية ملاصقة لثلاثة سجون "منطقة مركزية بحري قبلي" ينتقل إليها السادة روساء النيابة والقضاة.. ويتواجد بتلك السجون الثلاثة كل المتهمين الخاضعين للتحقيق أو المحاكمة.. حتي نتدارك سلبيات وتكلفة وخطورة الترحيل لهذا العدد الكبير من المتهمين ولتحقيق العدالة الناجزة. ثالثا: دراسة تشكيل لجنة قضائية تصدر قرارات قضائية نهائية غير قابلة للطعن فيما يتعلق بتجفيف منابع الإرهاب.. ومصادرتها واستخدامها في إصلاح كل ما أتلفه الإرهابيون من منشآت.. وكذا تعويض أسر الشهداء ومصابي الجرائم الإرهابية. رابعا: سرعة مراجعة قرارات العفو عن المحكوم عليهم وقرارات منح الجنسية المصرية لعدد كبير من عناصر حركة حماس.. وقرارات منح تراخيص الأسلحة النارية التي صدرت لمجموعة كبيرة من تلك الجماعات الإرهابية أثناء حكم محمد مرسي.. وسرعة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء علي التداعيات السلبية الخطيرة التي سببتها تلك القرارات. خامسا: سرعة تعديل قانون مكافحة غسل الأموال رقم "80" لسنة 2002 لإضافة جريمة تمويل الإرهاب وتشديد العقوبات عليها. سادساً: سرعة مراجعة موقف شركات الاستثمار الأجنبية في مصر.