الرقية هي العوذة التي يرقي بها المريض. والجمع: رقي. فهي صيعة الاستعاذة. فلو قلت: "أعوذ بكلمات الله التامة" أو قلت: "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من المرض" فهذه صيغة الاستعاذة. وتسمي الرقية ومعني أعوذ بالله أي ألجأ إليه واعتصم به. تقول: أعيذك بالله. أي أحصنك وأحميك به سبحانه.. وهذه الرقية. أو هذه الاستعاذة ليست من خصائص الإسلام. بل هي من تعاليم الديانات السماوية كلها. ووصفها بالشرعية من باب إقرار الإسلام بها. أو أن صيغتها ليس فيها شرك. فقد كانوا في الجاهلية يرقون ويتعوذون بآلهتهم. فقد أخرج أحمد وأبو داود بإسناد حسن. عن الشفاء بنت عبد الله. قالت: دخل علي رسول الله "صلي الله عليه وسلم" وأنا عند حفصة فقال لي: "ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة" وكانت الشفاء بنت عبد الله من المتعلمات للقراءة والكتابة في الجاهلية. كما كانت تمارس الرقية والتعوذيات لشد أزر المرضي من أمراض الحساسية. والتي تسبب هرشاً للجلد. فينتج عنه قروح سطحية. وسمي هذا نملة. لأن صاحبه يحس في مكانه كأن نملة تدب عليه وتعضه.. ولا توجد كيفية معينة للرقية. فهي دعاء بالشفاء. وتعوذ أو استغاثة بالله أن يعجل الشفاء. ويستحب في هذه المناسبة أن يتصدق علي الفقراء لما أخرجه الطبراني والبيهقي بسند فيه عمرو بن هارن -وهو ضعيف- عن عبد الله بن مسعود. ان النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "داووا مرضاكم بالصدقة" كما يستحب في مناسبة الرقية أن يقرأ شيئاً من القرآن الكريم. وله ان يقرأ المعوذتين "قل أعوذ برب الفلق" و"قل أعوذ برب الناس" أو يقرأ سورة الفاتحة. أو آية الكرسي أو غير ذلك من آي سور القرآن. وصدق الله حيث يقول: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً" "الإسراء 82". ومن الرقي أو التعوذات أن تقول ثلاثاً: "أعوذ بكلمات الله التامة. من كل شيطان وهامة. ومن كل عين لامة". ومنها رقية جبريل للنبي "صلي الله عليه وسلم" فقد أخرج مسلم عن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتي النبي "صلي الله عليه وسلم" فقال: "يا محمد اشتكيت؟ فقال: نعم. قال: باسم الله أرقيك. من كل شئ يؤذيك. من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك".. وهذه الرقية أو هذه التعوذات والدعوات بالشفاء يقولها المريض أو يقولها العائد له. وتصح من الذكر والأنثي بل تصح من المسلم لغير المسلم والعكس. وأخرج ابن حبان عن عائشة ان النبي "صلي الله عليه وسلم" دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها فقال "عالجيها بكتاب الله" قال ابن حبان: قوله "صلي الله عليه وسلم" "عالجيها بكتاب الله" أراد عالجيها بما يبيحه كتاب الله. لأن القوم كانوا يرقون في الجاهلية بأشياء فيها شرك.. والأثر الطبي أو العلاجي للرقية الشرعية هو أثر نفسي. وقد ثبت قديماً وحديثاً أن راحة النفس ويقينها وحسن اعتقادها يؤثر إيجاباً في همتها. فيساعدها علي التغلب علي المرض. ويقول ابن القيم: وقد علم أن الأرواح متي قويت وقويت النفس والطبيعة تعاونا علي دفع الداء وقهره. وهذا فضلاً عن ان حسن الاعتقاد في الله سبحانه الذي نستعيذ به. ونلجأ إليه. لا يخيب. كما جاء في القرآن الكريم "وقال ربكم ادعوني استجب لكم" "غافر 60" يقول ابن القيم: هذه الأدوية- من الاستغفار والدعاء وإغاثة الملهوف والتفريج عن المكروب قد جربتها الأمم علي اختلاف أديانها ومللها فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يصل إلي علم أعلم الأطباء. ولا تجربته ولا قياسه. ومن جرب هذه الدعوات والعوذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها. وهي تمنع وصول أثر الحاسد. وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها. وقوة توكله وثبات قلبه.