ما نراه الآن من الانفلات الأخلاقي والعنف وعدم الانتماء خاصة بين الشباب نتيجة أسلوب التربية الخاطئ سواء في المدارس أو داخل الأسرة حيث يعاني أطفالنا من القسوة والعنف حتي ولو كانت باللفظ فقط ليس في المدارس بجميع أنواعها فقط ولكن جميع المتعاملين مع الطفل سواء أهله أو جيرانه أو حتي أبواه ظناً منهم أنها الوسيلة الجيدة في التربية ليصبح علي قدر من المسئولية. تقوم المدارس بالاهتمام بالمواد الدراسية دون الاهتمام بتعليم بناء الشخصية وكيف يكون للطفل رأي حتي يستطيع أن يأخذ قراراً واستخدام القسوة في التعليم أثناء مرحلة الطفولة ليس رذيلة أو مجرد خطأ فقط.. بل هو جريمة وعدوان علي مستقبل الطفل وحياته وقد يسبب له الكثير من الخلل في شخصيته ويفقده الثقة بالنفس ولن يصبح في يوم من الأيام علي قدر من المسئولية وقد رأت في كتاب خالد محمد خالد الكاتب الراحل "قصتي مع الحياة" أن القسوة تدمر في الأطفال مزايا وخصائص كثيرة وكبيرة وتردم ينابيع مواهبهم المتفتحة وتنشئهم علي الجبن والنقمة والاستهتار والخذلان. الطفل هو نقطة انطلاق النمو البشري والشخصية الإنسانية وتوبيخ الطفل هو نوع من العنف يجب عدم اللجوء إليه بدعوي التهذيب والتأديب لأنه يؤدي إلي القهر وافتقاد الطفل الإحساس بالأمان وإلي اغتيال شخصيته والإخلال بتوازنه النفسي والاجتماعي وتحويل كل ما هو مبهج وجميل عنده إلي ظلام ويأس من الحياة وكراهية لها ولكل من حوله كما أن الطفل الذي يتعرض دائماً للعنف اللفظي يشعر أنه غير قادر علي ممارسة أي عمل ويفقد الثقة في نفسه وفي إمكانياته وقدراته ويخاف الآخرين والخوف في حد ذاته هو بداية العدوان وقد يتخذ صوراً كثيرة منها تعذيب الذات أو تعذيب المحيطين به عندما يصبح شاباً. وفي دراسة أمريكية تؤكد أنه يجب أن يعرف الأباء والأمهات متي يخففوا عن أبنائهم الضغوط وهناك عدة طرق تساعدهم علي نجاح الأبناء في الحياة ومنها تشجيعهم علي أن تكون لهم الشخصية المستقلة والاهتمام بقدراتهم الشخصية ومنحهم الثقة بالنفس كما يجب أن يكون للمدرسة دور كبير في بناء شخصية الطفل. فلا يجب أن يقتصر التعليم علي التلقين والحفظ بل يجب تدريب الطفل علي إبداء الرأي بمنتهي الحرية والاهتمام بالأنشطة مع الامتناع تماماً عن توبيخ الطفل والعنف اللفظي والعقاب البدني بكل وسائله إذا كنا نرغب في تنشئة أجيال علي درجة كبيرة من الثقة بالنفس والقدرة علي الإبداع والابتكار والمثل والمسئولية.. وأجيال قادرة علي القيادة ولن يحدث هذا إذا استمر هذا الأسلوب المتبع في التربية سواء في المدارس أو في الأسرة.