لم تكن وفاة ميادة أشرف الصحفية الشابة ذات ال 22 ربيعاً إلا صفعة قوية لوطن دخل غرفة الانعاش الأخلاقية منذ عشرات السنوات.. شعب أصبحت الدماء واصوات البارود ونيران المولوتوف لغته الرسمية.. شعب يدعي التدين زوراً وبهتاناً وممارساته تثبت يوماً بعد يوم انه لا يستحق الحياة في العصور البدائية ان ميادة صرخة صادقة وتعبير مر عن حالة وطن ينزف ويبكي منذ عشرات السنوات.. وطن قام بثورتين من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية لكنه اكتشف حتي الآن أنه اشتري التروماي.. اكتشفنا اننا نحتاج ثورة أخلاق.. ثورة ضد الفقر والفساد والاستبداد والعنف والتطرف.. ثورة ضد الباطل والظلم.. ثورة تحترم القيم الإنسانية ولا تبيع الإنسان بكنوز الدنيا.. ثورة لا تتاجر بأحلام البسطاء ولا تزج بهم وقوداً لمعركة من أجل سلطة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. ثورة لا تسمح لكدابي الزفة وتجار الدين ولصوص الأرواح وعملاء الأمن وأصحاب بوتيكات حقوق الإنسان ودكاكين المجتمع المدني ونخبة رغاوي الصابون ان يدهسوا أحلام الملايين من شعبنا. ربما يتصور البعض ان القتل المادي اخطر ما نواجه لكنهم لا يدركون ان القتل المعنوي والفكري الذي مورس ضد المصريين طوال ال 100 سنة الماضية الأشد خطراً وألما فقد ضاعت أخلاقنا وتمزقت روابطنا الأسرية واصبحنا ماديين حتي النخاع كل واحد فينا يفكر في نفسه ولا عزاء للوطن الذي تاه بين دروب الأنانية فميادة زميلتنا الشابة مثل ملايين من شباب مصر الذي صدق زورا وبهتانا أننا علي أبواب حياة أفضل بعدما اسقط الشعب نظام مبارك والإخوان "فالاثنين وجهان لعملة واحدة" إلا ان الواقع اننا فقط قطفنا الرؤوس بينما مازال الجسد والاطراف يبحثون عن الانقضاض علي أحلامنا والعودة إلي مغانمهم حتي لو دهسونا تحت عجلات صراعهم حتي لو وصفوا ثورتنا الشعبية الخالصة في 25 يناير زوراً وبهتاناً إنها نكسة وحتي لو صوروا كذباً وخداعاً ان ثورة 30 يونيو إنقلاب رغم ان رحيل الإخوان المتآمرين كان واجباً وطنياً حتي نبقي علي الوطن الذي باعته الجماعة للحلف الصهو أمريكي بأبخس الأثمان وبين كل ذلك يبقي المشهد مرتبكاً في ظل وجود عناصر في الداخلية مصرة علي ممارسة دورها القمعي البغيض ولم تدرك بعد ان هناك ثورة قامت عليها.. لكن كل هؤلاء يدافع عن نفوذه الكاذب الوهمي الذي لن نمكنهم منه مهما كلفنا لكن أتمني ألا يكون الثمن مئات أو آلافاًً مثل ميادة التي تمثل نقاءنا الذي طالما اشتقنا إليه ومستقبلنا الذي ناضلنا من أجله وبراءتنا التي افتقدناها منذ عشرات السنوات واغتالتها يد الغدر في كل مكان وآخرها في عين شمس. وفي الحالة المصرية ما بعد الثورة نجد ان نظامي مبارك والإخوان هما من قتلوا أبناءنا وآخرهم ميادة مع سبق الإصرار والترصد والحقيقة اننا نحتاج ان نهزم النظامين ونبني نظامنا الجديد يحول أهداف الثورة من مجرد شعارات إلي واقع ملموس ومنهج حياتنا في المستقبل بما يخدم الديمقراطية الناشئة ويحول التهديدات إلي فرص تضمن التحول الإيجابي للديمقراطية الراسخة التي يستحقها شعبنا وعلينا ان نكون مستعدون ان ندفع الثمن والذي اتمني الا يكون مزيدا من الدماء. ان مواجهة نظام مبارك تبدأ من حملة منظمة لمواجهة الفساد وفضح ممارسات مبارك التي دمرت الوطن طوال 30 عاما امراض- ضياع ثروات- قمع وتعذيب- موت في عبارات غارقة وقطارات محروقة ومراكب الهجرة غير الشرعية - ومبيدات مسرطنة وربط ذلك بأدوار أركان هذا النظام والذين افسدوا المجتمع سواء كانوا وزراء او نواب برلمان أو رجال أعمال أو إعلاميين أو مسئولين في مختلف المواقع تحولوا مع مرور الزمن إلي مصاصي دماء وهو ما يحتاج تحديد هؤلاء بالاسم والعمل علي ان تضم خطايا واخطاء كل شخص منهم وكشفهم للمجتمع بشرط ان يتم ذلك بمعيار أخلاقي فلن نواجه الفساد إلا بالأخلاق السليمة.