عشنا الوهم.. وظننا يوما أننا سننعم بغد افضل.. تصورنا اننا تخلصنا من سنوات الظلم والفساد والاستبداد.. رقصنا وضحكنا وحلمنا بأن المستقبل سيكون ناصع البياض، لكن بعد عامين علي ثورة يناير اكتشفنا اننا نعيش في كابوس لا فرار منه فشعارات الثورة أصبحت مجرد سراب، ونقلنا من خانة الدول النامية الي جنة الدولة الديمقراطية الحديثة التي يحكمها الدستور والقانون أصبح حلما بعيد المنال، فنحن نسير بقوة نحو الهاوية، فما يحدث في جميع ارجاء الوطن يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان مصر فقدت عذريتها. أيها السادة الجميع مذنبون ومشاركون في قتل الوطن ووأد أحلام 90 مليون مصري بحثا عن اطماعهم الشخصية الضيقة فما حدث من اقحام الداخلية غصبا في صراع جديد مع الشعب ليس إلا جزءاً من مخطط خبيث لتفكيك الداخلية وإحلال ميليشيات مسلحة بدلا منها دون ان يترحم الشعب علي الداخلية وقد وعي الوزير السابق أحمد جمال الدين ذلك المخطط فتمت الاطاحة به ليأتي محمد ابراهيم الذي فيما يبدو عقد الصفقة من اجل الفوز بذهب الاخوان والتخلص من سيف المعاش الذي كان سيطاله خلال شهر قبل تعيينه وزيرا للداخلية في ذلك الوقت لكن الواقع يؤكد أن ابراهيم ليس إلا عصا السلطة وستتم محاكمته آجلا أم عاجلا فالشعب المصري لن يتنازل عن حقوق ابنائه لكن اخطر ما في الامر اعلان عدد كبير من اقسام الشرطة في مختلف المحافظات الاضراب عن العمل اعتراضا علي استخدامهم كأداة سياسية، وربما يبدو للبعض ان تلك الخطوات تمهيد لعودة الجيش والسيطرة علي الحكم من جديد كما حدث في بورسعيد وهذا يمثل خطرا حقيقيا علي الدولة الديمقراطية التي نحلم بها لكن في نظرهم فإن عودة العسكر اقل خطرا من الدولة الدينية الفاشية، لكن الأخطر الذي يرتب له بليل هو ما تسرب خلال الايام الماضية من وجود شركات أمن خاصة تتبع جماعة الاخوان المسلمين ويبلغ عددها 212 شركة يخطط لإدماجها في الداخلية بل ومنحها حق الضبطية القضائية وهو ما يفتح الباب علي مصراعيه أمام ما يسمي الميليشيات المسلحة التي تُمنح غطاء قانونيا، ولقد سبقت الجماعة الاسلامية الجميع عندما أعلنت انها سوف تشكل لجاناً شعبية في اسيوط معقلها الأول لحفظ الأمن.. هي في حقيقتها ميليشيا الجماعة.. ففي الواقع نحن نسير بسرعة فائقة الي النموذج اللبناني الذي لن يوقفه الا تدخل حاسم وفي الوقت المناسب من الجيش. مصر فقدت عذريتها بعد ثورة يناير عندما أهدر رأس الدولة الدستور والقانون وهاجم القضاء وترك انصاره يحاصرون المحكمة الدستورية دون أن يمنعهم، وتغاضي عن حصار أبو اسماعيل وأنصاره لمدينة الانتاج الاعلامي ويهددون بإشعال قسم الدقي علي خلفية حرقهم لحزب الوفد ولم يلق القبض عليهم، وترك أنصاره يفضون اعتصام الاتحادية بالقوة دون أن يدينهم. مصر فقدت عذريتها عندما تخلصنا من نائب عام مبارك ليأتي لنا نائب عام مرسي الذي فضحته وكشفته أحداث الاتحادية الأولي وإبعاده للمستشار مصطفي خاطر محامي عام شرق القاهرة لإفراجه عن المعتقلين وقتها ولم يعده إلا بعد ضغط، فقدت عذريتها عندما أصبح المتهمون يخرجون من النيابة بالقوة كما حدث مع أحمد عرفة أحد أنصار أبو اسماعيل الذي تم القبض عليه في منزله ومعه سلاح بدون ترخيص عقب تجمهر المئات للإفراج عنه، وأيضا عندما أصدر الطب الشرعي تقريرا ظالما عن وفاة الناشط السياسي محمد الجندي نتيجة حادث سيارة ثم أثبت التقرير الثاني وفاة الجندي بسبب التعذيب وهو ما يذكرنا بما حدث مع خالد سعيد أحد مُفجري الثورة المصرية ضد نظام مبارك والذي اتهموه زورا وبهتانا وقتها بأنه «شهيد البانجو» مما يؤكد أننا أمام نظام كاذب يخدع الجماهير ويزور الحقائق حفاظا علي بقائه علي مقاعد الحكم، حتي لو كان هذا علي أنقاض وجثث مواطنيه الذين خرجوا يطالبون برحيله بعد فشله المدوي لكن ستبقي دماء الجندي والحسيني أبوضيف وكريستي وجيكا وغيرهم من الشهداء لعنة تطارد النظام القمعي الجديد في جميع مدن مصر ولن تسمح لأحد بأن يغتصب السلطة ليمارس بها فاشيته واستبداده السياسي فضلا عن فشله الاقتصادي والاجتماعي. مصر فقدت عذريتها ليس فقط يوم الكشف عن عذرية سميرة ابراهيم وغيرها في ميدان التحرير في عهد المجلس العسكري لكن أيضا عندما قامت مجموعات منظمة باغتصاب الفتيات في ميدان التحرير، ولم يكن رفض أمريكا تسليم جائزة المرأة الشجاعة لسميرة ابراهيم قبل أيام رغم سفرها الي واشنطن لمجرد قولها تصريحات ضد العدو الصهيوني مفاجأة، فقد كشفت أمريكا عن وجهها المخزي والقبيح وان جوائزها مشبوهة تمنح فقط لمن يشاركون في تنفيذ المخطط الامبريالي للغرب، لكن الأكثر ألما عدم وجود أي رد فعل رسمي لإهانة مصرية بهذا الشكل، لكن لن نستغرب تلك المعاملة للمصريين بعدما تراجع الرئيس المصري نفسه عن تصريحات سابقة بشأن اسرائيل وادعي أنها خرجت عن سياقها خوفا علي كرسيه بعدما أظهرت له امريكا العين الحمرا حتي لا تغضب ربتها اسرائيل، كيف يصبح للمصريين كرامة بعدما تحول العدو الصهيوني في ادبيات الرئيس الإخواني الي «صديقي العظيم بيريز»، واصبح وقف العدوان الاسرائيلي علي غزة انتصارا مصريا مدويا يحتاج أن تقام له الأفراح والليالي الملاح، وأنست سكرة السلطة الرئيس وجماعته تحرير القدس، نعم صدق الرئيس في احد مرات صدقه القليلة جدا.. عندما اعلن عند افتتاح الدورة البرلمانية لمجلس الشوري أن مصر لن تركع، لأنها في الحقيقية انبطحت علي كل المستويات. مصر فقدت عذريتها عندما وعدها أول رئيس منتخب بالقصاص للشهداء لكنه لم يكتف بمخالفة وعده، بل استمر في عهده اسقاط الشهداء الواحد تلو الآخر وتم اقحام أجهزة أمنه القمعية من جديد في مواجهة مع الشعب باستخدام اقصي أنواع العنف ضد الشباب الثائر والغاضب في بورسعيد والمنصورة والقاهرة والاسكندرية والسويس وغيرها من مدن مصر المنتفضة. مصر فقدت عذريتها عندما اختصرت طموحها القومي وتاريخها العريق في رئيس وزراء بدرجة موظف ترك كل همومها وأحلامها ليتحدث عن تنظيف ثدي النساء قبل الإرضاع حتي لا يسبب اسهالاً للأطفال في موقف واضح يعبر عن عقليته، وعندما انتخبت رئيساً ينظر الي ساعته أكثر من مرة في مؤتمر صحفي عالمي وكأنه لا يعرف ألف باء بروتوكول، رئيس يلقي خطابا لشعبه الساعة الثانية صباحا وكأنه يحكم شعباً من العاطلين بلا عمل الذين تستهويهم سهرات الحظ والفرفشة، وكان اجدي به أن يؤجله الي السادسة صباحا فقد كان سيحظي برضا المؤمنين الذين يصلون الفجر، والجادين والكادحين الذين يذهبون للعمل مبكرا. لكن تبقي كلمة.. فإن فقدت مصر عذريتها، فإنها لن تفقد أبدا كرامتها ونخوتها وعزتها وستعيد بناء مجدها من جديد مهما كان الثمن، فشعبها سيظل علي طريق النضال ضد اي نظام مجرم مستبد حتي تتحقق جميع أهداف ثورة 25 يناير في العيش بكرامة والحرية التي تكفلها الأديان السماوية وينعم بالعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، مصر ستبني نهضتها مهما حاول الغرب وأعوانه وأنظمته إدخالها النفق المظلم، فقد خرج شعبنا من القمقم ولن يعود، حتما سوف ننتصر يوما علي جميع من يريدون بنا السوء لتحقيق مصالحهم الضيقة.