- هل تعرفون ماذا فعل عبداللطيف بغدادي حينما كان وزيرا للشئون البلدية والقروية في أول وزارة بعد ثورة يوليو؟ - أقول لكم.. لعلنا نري وزيرا مثله في الحكومة الجديدة. - لم يكن هناك كورنيش علي النيل من أوله إلي آخره.. فقد كانت القوات الانجليزية تقيم معسكراتها علي شط النيل مباشرة.. وكانت أهم هذه المعسكرات التي يقيم فيها الضباط هو معسكر قصر النيل مكان هيلتون الآن وجامعة الدول العربية علي طول الشاطيء.. نجح النقراشي باشا حينما كان رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية في اقناع السفير البريطاني سير مايز لامبسون بنقل هذه المعسكرات إلي شط قناة السويس بعيدا عن القاهرة حتي لا تستمر اغتيالات الضباط والجنود وقد كان عام .1946 وظل مكان المعسكرات أرض فضاء ورمال حتي تولي عبداللطيف البغدادي الوزارة فقرر اقامة كورنيش ولما وجد العمل لا يسير بالطريقة الديناميكية السريعة.. قرر ان يشق هذا الكورنيش في اسابيع معدودة بطريقة الرهان مع زملائه في الوزارة رغم ان الكورنيش كان من شبرا إلي ما لا نهاية!! ولكي تسير الأمور بالسرعة المطلوبة حدثت حكاية يتذكرها المخضرمون أمثالنا.. احضر البغدادي كرسيما من القماش مثل كراسي الشواطيء وكان من آن لآخر يذهب إلي مكان العمل ويجلس في الشارع يراقب العمل بنفسه.. وكان السائق والحارس يحاولان ايجاد أي مقهي أو كافيتريا قريبة لاحضار الشاي والقهوة.. ثم ينتقل إلي مكان آخر طول النهار والليل.. كان العمل 24 ساعة. كان مهندس المنطقة لا يدري متي يجد الوزير جالسا في الشارع يراقب العمل.. كان الرعب يملأ عيون وقلوب العمال والمهندسين خوفا من تفتيش مفاجيء. *** ولكن اقرأ هذه القصة لتعلم كيف كان يعمل الوزراء زمان. السفارة البريطانية وهي تطل علي النيل كانت ممتدة إلي مياه النيل نفسه حتي فوق المياه كانت ما يشبه بلكونة أو قل كما كانوا يسمونها "ترسينة" مسطح خرساني فوق المياه نفسها داخل النهر ويحيط المسطح جدار "طربزين" وكراسي وشمسية.. آخر فجر واستهتار!! وسور السفارة ممتد حتي الشط نفسه.. اتصل مكتب عبداللطيف البغدادي بالسفارة وطلب هدم السور من الجهتين لكي يتم سير الكورنيش.. مر يومان أو أكثر دون رد.. ارسل البغدادي انذارا للسفارة إذا لم يتم هدم السورين من الجانبين ستقوم الوزارة بالعملية فجر اليوم الثالث.. خافت السفارة من ان تقتحمها آلات الحكومة فقاموا بهدم السورين وتركوا الحديقة وكشك الموسيقي والاستراحة فقامت آلات الحكومة بهدمها.. كل ذلك والبغدادي جالسا علي الكرسي القماش في الشارع يشرب الشاي. هل من الوزراء الجدد من سيكون مثل عثمان محرم أو عبداللطيف البغدادي في حماسهما وانجازاتهما.. هناك أمثلة أخري أبرزها ممدوح سالم وسليمان حافظ ولكن كفاية كدة إلي ان نري ما سيفعل الوزراء الجدد والقدامي والله الموفق.