بمناسبة عيد ميلاد الفنانة القديرة العظيمة شادية.. أذكر أنها اتصلت بي من أمريكا حيث كانت تستجم عند شقيقتها الكبري عفاف شاكر وزوجها الطبيب الشهير الدكتور محمد رءوف بعد انتهاء عرض مسرحية ريا وسكينة. قالت لي شادية: مصر وحشتني كتير.. نفسي أرجع النهاردة قبل بكره.. ياريت يا محمود مؤلف يكتب لي أغنية مطلعها يقول "احضنوا لي مصر" أغنيها لما أرجع من لوس أنجلوس. كتبت في الجريدة نص الحوار مع الفنانة الرقيقة وخلال أسبوع تلقيت أكثر من مائتي أغنية كلها تبدأ "احضنوا لي مصر" واتصل بي المايسترو فاروق سلامة وقال إن المؤلف عبدالفتاح البنا كتب أغنية احضنوا لي مصر اللي روحي فيها.. أصل حبي لمصر بالدنيا وما فيها وأنه انتهتي من تلحينها. بعد عودتها من أمريكا أدت فريضة الحج وبدأت تتردد علي جلسات دروس الوعظ للشيخ الشعراوي وكان له دور كبير في اعتزالها. كان أول شيء تفعله أن هدمت الشاليه الذي تملكه علي ترعة المنصورية وأقامت بدلاً منه مسجداً أطلقت عليه اسم مسجد الرحمن ومركزاً لتحفيظ القرآن ومكتبة للطفل وداراً لكفالة اليتيم وأنشأت جمعية خيرية للانفاق علي المسجد أطلقت عليها جميعة خديجة طاهر الخيرية الإسلامية علي اسم والدتها التركية التي تزوجها والدها أحمد كمال شاكر عندما سافر إلي اسطانبول بتركيا ليتخرج منها مهندساً زراعياً ويعمل في المزارع الخاصة الملكية بأنشاص التي يملكها الملك فاروق.. وقالت لي شادية كنا نذهب إلي هناك في إجازة الصيف ونقضي بضعة أشهر هناك وكنت وأخوتي نتسلق أشجار البرتقال والمانجو. في يوم 20 نوفمبر 1987 أحيت شادية حفل الليلة المحمدية وقدمت لأول ولآخر مرة أغنية دينية علي المسرح تتحدث فيها عن القدوة الحسنة عن شخصية النبي محمد عليه الصلاة والسلام في يوم مولده. كانت الشاعرة علية الجعار قد عرضت عليها أثناء وجودهما معاً في الحج أغنية لحنها الموسيقار عبدالمنعم البارودي وغنتها شادية علي المسرح وطلب منها الجمهور أن تعيد المقطع الأخير خمس مرات والذي تقول فيه "وأدي حالي وحال جميع المؤمنين اللي أمنوا بالهادي الأمين". غنتها شادية مرات ومرات وسالت دموعها بغزارة وأخفت وجهها بكفيها عن الكاميرات. يوم 25 نوفمبر 1987 نشرت الصحف خبر اعتزال شادية وارتدت الحجاب وغيرت أرقام تليفوناتها ولم تظهر في أي مجتمع إلا يوم زواج خالد ابن شقيقها طاهر الذي قامت بتربيته بعد وفاة والده.. ذهبت إلي الحفل برفقة صديقتها الفنانة سناء جميل وطلبت إخراج جميع المصورين من الفرح حتي تستكمل حياتها في عبادة الله بعيداً عن الفن. اشترت شادية شقة في عمارة الأوقاف بشارع جامعة الدول العربية بالمهندسين ووهبتها لمسجد مصطفي محمود لتكون مركزاً للأشعة والتحاليل لعلاج فقراء المسلمين بالمجان كصدقة جارية علي روح أبيها وأمها وشقيقها طاهر وشقيقها محمد. شادية في يوم عيد ميلادها لا نملك إلا أن نقول لها كل سنة وأنتي طيبة يا أحلي وأجمل وأرق إنسانة في الدنيا يا من قلتي يا حبيبتي يا مصر.