صدر للكاتب الصحفي سامي كمال الدين كتاب " سيرة شادية معبودة الجماهير "عن دار العين يتناول الكتاب مسيرة الفنانة شادية وتجربتها الغنائية والسينمائية، كما يحتوي الكتاب علي أحاديث أجراها المؤلف مع أغلب أفراد أسرة الفنانة الكبيرة ومع الفنانين الذين شاركوها أعمالها مثل الفنان الراحل محمود مرسي ومحمود ياسين ودريد لحام وهند رستم وعادل إمام وفاتن حمامة ومحمود عبد العزيز وفاروق صبري وعزت العلايلي وسمير خفاجي وخالد الأمير ومحمد حمزة ومصطفي الضمراني وصلاح فايز وفاروق صبري. يقع الكتاب في 361 صفحة من القطع المتوسط، تصدّره إهداء من المؤلف للسيدة شادية " إلي شادية الإنسانة قال فيه: "إلي التي اكتشفتها متأخرا جدا، فوقاني دعاؤها من الضياع، وإلي شادية الفنانة التي اكتشفتها في بواكير حياتي فعشقت أذناي تغريدها.. إليك يا من تسكنين هناك في صمت، مُسدلة عليك ستائر الزهد، إليك يا من تعيشين مع حبيبك الذي ليس كمثله حبيب.. إلي صوفيتك الرائعة، ولحنك الأثير". قدمت للكتاب الكاتبة الكبيرة سناء البيسي. استعرض سامي كمال الدين المشاكل التي تعرض لها وقت صدور الكتاب ووقوف شادية بجواره ودعمه معنويا بالدعاء حيث يقول " المهم أنني كنت أعد هذا الكتاب عن شادية.. أهاتفها فتأتيني كلماتها بردًا وسلامًا، تمنحني أمان الدنيا كله، تعيد لي ثقتي في موهبتي.. حتي صارت شادية " وش السعد " عليّ في العديد من الأحداث المبهجة في حياتي، فعلي الرغم من أني لا أزعجها بمهاتفاتي إليها، إذ أحرص علي ترك عدة أيام حتي أعاود مهاتفتها مرة أخري فإن كل مكالمة تمنحني دعوة فرح وسعادة، لتلك الإنسانة والفنانة التي لم يتغير صوتها حتي الآن، ما زال العصفور قادرا علي التغريد لكنه يغرد في منطقة أخري بعيدا عن الأضواء.. فهي سيدة من طراز خاص تحمل ألقها أينما ذهبت.. تحمل ملامحَ جمالها أينما حلت، وأينما تقادمت عليها السنون. منذ زمن بعيد وهي تتوق إلي الوحدة والرحيل بحثًا عن عالم آخر لا شرور فيه. مسافرة دومًا مع نفسها وألقها وجمالها، حتي حين وقفت تغني، «خد بيدي.. خد بيدي» كانت وكأنها تطلب وترجو وتتوسل خالقها أن يساعدها في قرار اتخذته منذ زمن طويل، وهي التي تنادي « ليالي العمر معدودة وليه نبكي علي الدنيا»، وقولها «أمانة يا للي تهواني تغيب عني وتنساني وتروح لحبيب تاني له عمر في الدنيا». هي شادية أو فاطمة كمال شاكر، التي حين أتحدث إليها أحس أنني أتحدث مع قبس نوراني جميل لا يحب شيئًا قدر الخير وقدر حب الآخرين وقدر الاتجاه إلي الله سبحانه وتعالي. ما من مرة أهاتفها فيها إلا وتسألني عن والدي ووالدتي في صعيد مصر.. وعن عملي وأحوالي. شادية الصادقة دومًا في حياتها التي لا تتواني ولا تتراجع عن اتخاذ قرار في حياتها التي كان بإمكانها - وآلاف الأبواب تفتح أمامها لو أرادت - أن تستخدم مجدها وشهرتها وتاريخها وحب البشر لها من المحيط إلي الخليج بشكل غير عادي في أن تظهر وتلقي محاضرات في المساجد، أو أن تتحول لداعية تسجل كلماتها وتنسخ بعد ذلك علي شرائط وتوزَّع، أو أن يقال إنها تلتقي بالدعاة العديدين في هذا الزمان الذين أصبحوا أكثر من الهم علي القلب..!! لو ظهرت شادية وقالت لوجدت مئات الألوف يتبعون قولها، لكنها التي تردد دوما سواء مع أهلها أو المقربين منها أن علمها في الدين علي "قدّها" وأنها تريد أن يدعو الناس لها بالهداية وأنها ما زالت في أول قطرة من بحور العلم. شادية الإنسانة التي فاقت فرحتها فرحتي حين حصلت علي الجائزة الأولي من نقابة الصحفيين المصرية، ليس لأنه عنها ولكن لأنها كانت تقف إلي جواري وتساندني بالدعاء وما بخلت عليّ بشيء، حتي حين أحدثها بالتليفون أناقشها في أمور عدة لا تبخل بالنصيحة. شادية.. لست وحدي الذي يقف معها هكذا فكل المقربين منها لا يطلبون منها أي مصلحة، يتركونها وخيرها الذي تفعله لأجل اليتامي والمساكين وموائد الرحمن التي تقيمها في الشهر الفضيل.. فمثلا خالد طاهر شاكر ابن شقيقها الغالي، الذي يعمل في السياحة، يراها ويحدثها يوميًا، وقد ربي أولاده مثلما ربّته علي الصدق والصراحة، وألا يطلبوا منها أي مطلب مهما كانت الأزمة التي يمرون بها رغم أنها لم تتخل عن أحد منهم وساعدت الجميع بشكل كبير جدا، وأذكر لقاءاتي مع خالد الذي أجد في عينيه دموعا كلما أوغلنا في الحديث عن شادية، وأيضا أولاده طاهر وخديجة ويوسف. ولعل شادية - حسب رواية الكاتب الصحفي والناقد الفني محمد سعيد - لم تتحدث علي خشبة المسرح وهي تغني في أي من حفلاتها خلال الخمسة وثلاثين عامًا التي تربعت فيها علي قمة الغناء إلا حين أخذ الجمهور يصفق لها بحدة بعد ما كانت تزعق " خد بإيدي " وقالت : الحمد لله الذي أكرمني بكلمات رائعة عبرت عما بداخلي، وبعد ذلك وجدت نفسها تقبل علي شيء آخر لا تعرف كنهه، فهاتفت الدكتور مصطفي محمود - صديقها المقرب - واشتكت له مرورها بحالة غريبة، فبعد ما اتفقت علي غناء أغنية عن أم النبي صلي الله عليه وسلم، وجدت نفسها لا تريد الغناء، وأرسل لها حسين كمال سيناريو فيلم سينمائي لكنها لم تستطع قراءته، فأجابها مصطفي محمود بأن الذي يفيدك في هذا الأمر محمد متولي الشعراوي، واتصل مصطفي محمود بالشيخ الشعراوي الذي استغرب عمَّا تريده شادية الممثلة والمطربة منه، وحدد لها موعدًا في مكتبه بحي الحسين في الساعة الحادية عشرة صباحًا قبل صلاة الجمعة، استمع إليها وأجابها بأنه سيكون لها شأن آخر أعظم مما هي فيه الآن فكان قرارها بأن تحتجب. شادية صاحبة ال 118 فيلما والتي بدأتها ب " أزهار وأشواك " إخراج محمد عبد الجواد وعرض في 27/1/1947 وأنهتها ب"رغبات ممنوعة" إخراج أشرف فهمي، والذي لم يتم عرضه سينمائيا، وبمسلسلاتها الإذاعية العشرة وأغنياتها التي لم أستطع إحصاءها تعيش الآن في هدوء وشاعرية، أشبه بشاعر اعتزل الحبر والأوراق واتجه إلي الاستماع لصوت أقوي من شعره ومن كلماته.. إلي صوت الله، فهي تصحو لأداء صلاة الفجر ثم تنام مع الشروق وتستيقظ في العاشرة والنصف صباحا لتصلي صلاة الضحي وتقرأ قرآنا علي روح والدتها ووالدها، ثم تصلي الظهر وتنشغل بعد ذلك في أعمال البيت والتليفونات، فهي الفترة المسموح فيها بالاتصال بها بعد صلاة الظهر إلي ما قبل العصر بنصف ساعة. بعد صلاة العصر تنام، وتصحو لصلاة المغرب وتصلي حتي أذان العشاء، وتظل حتي بعد صلاة العشاء بساعة تصلي، ثم تجلس لمشاهدة التليفزيون ثم بعد ذلك تصلي القيام والوتر وتنام في حدود الحادية عشرة مساء. تستهويها الأعمال الدرامية كما ذكرنا، وتشاهد بعض أفلامها إذا عرض " شيء من الخوف "، " المرأة المجهولة "، " الزوجة رقم 13 "، " أغلي من حياتي "، " مراتي مدير عام "، " كرامة زوجتي "، " نحن لا نزرع الشوك "، والجدير بالذكر أن آخر فيلم سينمائي عربي شاهدته في دار عرض كان فيلما لفريد الأطرش، وآخر فيلم أجنبي ذهبت لمشاهدته كان The God Father للمخرج العبقري كوبولا. عن هذه الذكريات وعن مولدها وبداياتها وقصص حبها وحياتها تدور قصة هذا الكتاب الذي يحمل بالنسبة لي ذكريات حميمة لا أستطيع نسيانها، وقد حاولت أن أعبر به عن حبي لهذه الإنسانة / الفنانة / فإن حدث فهذا يسعدني وأحمد الله عليه، وإن لم يحدث فأرجو أن تسامحني علي محاولات النقش علي أوراق الزمن الجميل الذي أردت أن نذهب إليه معًا، فما الحياة إلا محاولة.. يحتوي الكتاب علي 16 فصلا منها " شادية من حدائق انشاص وحتي كلمات علية الجعار "، " الطفولة الجميلة في حياة شادية "، " من منا لا يحب شادية "، " شادية وأنيس منصور في حوار نادر "، " غاب القمر "، " صورة شادية من خلال أبنائها "، " سيدة الخير "، و" حجاب بلا احتجاب " الذي يرد فيه أن "عصفور الكناريا المغرد لم يكف عن تغريده، رغم أنه يسكن بعيدا عن الأضواء، لا يحلم بشيء سوي الستر ورضي الله سبحانه وتعالي. ابتعاد الفنانة الكبيرة شادية عن الأضواء والشهرة والمجد جعلها في دائرتهم أكثر وأكثر، فما زالت شادية تحت دائرة الضوء، يهرول الجميع اليها محاولين طرق باب صمتها، يتساءل الناس كيف تعيش شادية؟ مع من تتحدث.. من تلتقي.. متي تخرج.. من يزورها في بيتها.. من يهاتفها في هاتفها الخاص..؟هل تحن إلي الأضواء؟ هل تشاهد شادية أفلامها؟ هل تدندن مع نفسها في البيت بعد أن تفرغ من أداء فروضها وقراءة ما تيسر..؟ علي الرغم من أنها لم ترغب ولا تسعي أن تظل في دائرة الضوء بعد اعتزالها، إلا أن محبيها يحرصون علي بقائها كذلك، لكن آخرين يحرصون علي الاجتراء علي الحياة الشخصية للفنانة شادية وافتعال قصص لا علاقة لها بالواقع، وهذا يزعجها كثيرا ً، هي التي اتخذت لها وجهة أخري، ليس تملصا ًولا هروباً من اعمالها السابقة، ولكن كما أن الحياة مراحل.. طفولة وشباب وكهولة، فكذلك المحطات الحياتية للانسان، ولا أحد يستطيع التدخل في خيارات الانسان وعلاقته مع ربه خاصة إذا لم يؤذ الآخرين".