ربما تكون أزمة الأسمدة في دمياط مختلفة عن سائر محافظات الجمهورية.. حيث تتوافر اليوريا إلي حد الاكتفاء في الوقت الذي تعاني من ندرتها جميع المحافظات بينما تظل الشكوي قائمة من عدم توافر سماد النترات اللازمة لزراعة المحاصيل الشتوية. هنا علي أرض المحافظة يقع المصنع الأشهر علي مستوي الجمهورية "موبكو" المتخصص في انتاج الأسمدة الذي تزايدت شهرته بسبب مشكلاته التي تناقلتها وكالات الأنباء. حيث يخصص هذا المصنع نسبة وفيرة من انتاجه تصل إلي 15 ألف طن شهرياً لوزارة الزراعة توزعها بمعرفتها علي الجمعيات الزراعية بجميع المحافظات بشرط أن تكون الأولوية للجمعيات الزراعية بدمياط. وهو الأمر الذي ساهم كثيراً في توافر هذا الصنف من الأسمدة الذي يستخدم تقريباً في زراعة جميع المحاصيل. في الوقت نفسه لم يسلم مزارعو المحافظة من تداعيات الأزمة علي مستوي الجمهورية في سماد النترات. ولكن تظل دمياط أكثر حظاً من غيرها وإن ظل الفلاحون يعانون من غياب تام لدور أجهزة الزراعة بدءاً من المشرف ونهاية بالمسئولين. يقول أحمد عبدالعزيز رئيس الجمعية الزراعية التعاونية المركزية التي تتولي استلام الأسمدة وإعادة توزيعها علي الجمعيات الزراعية بجميع القري التي تقوم بدورها بتوزيعها علي المزارعين: إن جميع الأسمدة متوفرة بالمحافظة سواء اليوريا أو النترات.. أضاف رئيس الجمعية قائلاً: اضطررنا لاستئجار مخازن لتخزين كميات الأسمدة المخصصة للمحافظة إلي حين طلبها بمعرفة الفلاحين. خاصة بعد تخصيص شركة "موبكو" لكميات من انتاجها لمزارعي المحافظة الذي حقق اكتفاء من الأسمدة بالمحافظة لأول مرة في تاريخها. يؤكد فاضل المغاوري وكيل مجلس محلي المحافظة السابق أن أسمدة اليوريا متوفرة. بينما المشكلة الحقيقية في عدم وجود أسمدة النترات اللازمة لزراعة المحاصيل الشتوية وخاصة القمح.. قال إن ندرة النترات أنست المزارعين فرحتهم بتوفير اليوريا لأول مرة التي خصصتها شركة "موبكو" هذا العام. يقول المهندس عبدالمنعم الخولي رئيس لجنة الزراعة بمجلس محلي المحافظة السابق: إن أسمدة يوريا متوفرة حالياً بشكل أفضل عنه في كثير من المحافظات. ولكن تظل المشكلة قائمة بالنسبة للنترات اللازمة لزراعة المحاصيل الشتوية مثل القمح والخضراوات والبصل ويضطر المزارعون لشرائها من السوق السوداء بأربعة أضعاف ثمنها في الجمعية المركزية.. وطالب بتوفير احتياجات المزارعين من جميع أنواع الأسمدة بالجمعيات الزراعية حتي لا يضطر المزارع للجوء إلي السوق السوداء. يؤكد سامي سليمان رئيس لجنة الإسكان بمجلس محلي المحافظة السابق أن تخصيص السماد للمزارعين تحكمه العشوائية ودون أي حسابات.. طالب بحصر الأراضي المنزرعة فعلياً وبناء علي هذا الحصر يتم تخصيص الأسمدة اللازمة لكل فدان بدلاً من صرف الأسمدة بطريقة عشوائية ربما ينتج عنها صرف كميات لأصحاب المساحات الصغيرة أكثر من أصحاب المساحات الكبيرة. إضافة إلي ضرورة زيادة الأسمدة التي تصرف للفدان المنزرع بطاطس وحرمان مزارعي البرسيم من الأسمدة المدعمة لتشجيع زراعة القمح مع ضرورة منع الأسمدة للمزارعين المتهمين بارتكاب مخالفات تعد علي الأراضي الزراعية. يطالب الدكتور علي أبوالحمايل رئيس جامعة دمياط بضرورة تبني استراتيجية جديدة لصرف الأسمدة للمزارعين تبدأ بتحليل التربة الزراعية في كل مركز علي حدة ثم في كل حوض علي حدة لمعرفة مدي احتياجها للسماد من عدمه.. أضاف أنه خلال عمله عميداً لكلية الزراعة اكتشفنا أن بعض المزارعين يقومون باستخدام كميات كبيرة من الأسمدة بطريقة عشوائية ظناً أن ذلك يزيد انتاجية الفدان مع أن النبات لا يستفيد منها.. طالب بتبني أسلوب جديد للتسميد مع وسيلة جديدة للري مثل الحقن لضمان توفير الأسمدة مع ترشيد المياه المستخدمة بدلاً من فقدان 75% من الأسمدة والمياه بلا فائدة.. قال إن تكثيف عمل المشرفين الزراعيين لتوعية الفلاحين يوفر الأسمدة ومياه الري ويحقق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة ويقضي علي السوق السوداء. يؤكد المهندس حسن عبدالعليم رئيس مجلس إدارة "موبكو" للأسمدة أن المصنع أقيم علي مساحة 400 ألف متر بالمنطقة الصناعية بتكلفة 4.2 مليار دولار بهدف تصدير انتاجه بالكامل إلي الخارج الذي يصل إلي ألفي طن يومياً. ولكن إيماناً من الشركة بدورها الوطني في دعم الاقتصاد قررنا تخصيص نسبة من الانتاج لصالح السوق المحلي بمنطق "اللي يحتاجه البيت يحرم علي الجامع" وبذلك استطعنا توفير احتياجات محافظة دمياط بالكامل من سماد اليوريا من خلال 15 ألف طن يتم تسليمها إلي وزارة الزراعة وفقاً لاتفاق اشترطنا فيه أن تكون الأولوية للجمعيات الزراعية بدمياط. هذا بالرغم من أن الأسعار المحلية أقل كثيراً من الأسعار العالمية التي يتم التصدير بها. مشيرا إلي أن الشركات سددت مؤخراً 65 مليون دولار فوائد القروض فقط التي تم اقتراضها من البنوك لاستكمال التوسعات الموقوفة بسبب اعتراض البعض عليها بزعم أن الانبعاثات الناتجة عن تشغيل المصنع ضارة بصحة الإنسان والبيئة المحيطة وهو ما أدي إلي تحميل الشركة خسائر وصلت إلي أكثر من 6 مليارات جنيه.. كشف رئيس الشركة أن حل أزمة نقص الأسمدة في مصر يتطلب التوسع في مثل هذه المصانع لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة اللازمة لجميع المحاصيل الزراعية.. قال إنه لتحقيق الاكتفاء بدأت الشركة في إقامة توسعات جديدة ليصل انتاجها إلي 6 آلاف طن سماد يومياً. ولكن نتيجة لتدخلات خارجية لا تريد لمصر تحقيق هذا الهدف تم الإيعاز لبعض الأهالي بتأثير التشغيل علي البيئة.. قال إن الشركة حصلت علي حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا بأحقيتها في استكمال التوسعات بعد أن شكلت المحكمة لجنة علمية من أساتذة الجامعة لدراسة الأثر البيئي للتشغيل. أكد تقريرها أنه لا يوجد ثمة أي تأثيرات سلبية للمصنع علي البيئة المحيطة. وأن جميع نتائج الانبعاثات الغازية وسوائل الصرف والمخلفات الصلبة مطابقة للحدود المسموح بها. كما أن نتائج الرصد البيئي للانبعاثات الغازية داخل وخارج المصنع أكدت أن مؤشرات ملوثات الهواء الجوي وسوائل الصرف الصحي والصناعي في الحدود المسموح بها ولم يتم رصد أي تجاوزات عن تلك الحدود. في النهاية يؤكد رئيس الشركة أن تقرير اللجنة التي شكلتها المحكمة يعتبر رسالة إلي جميع مواطني المحافظات تجعلهم يرحبون بإقامة هذه النوعية من المصانع بمحافظاتهم دعماً لصناعة الأسمدة في مصر باعتبارها العمود الفقري لأي اقتصاد ولأهميتها القصوي ومساهمتها الإيجابية في دعم الاقتصاد المصري. من جانبه أكد المهندس منصور حسن وكيل وزارة الزراعة بالمحافظة أن جميع الأسمدة متوفرة ولا توجد لدينا أي مشكلة بما فيها أسمدة النترات.. قال: مع افتراض أن هناك نقصاً في النترات فيمكن الاستغناء عنها باستخدام سماد اليوريا. وعلق علي ذلك قائلاً: أنا فلاح وعندي أرض وأؤكد يمكن استخدام اليوريا بدلاً من النترات.. أضاف أنه شكل لجاناً لضبط إيقاع عمليات صرف الأسمدة بمختلف قري المحافظة. حيث يتم استلامها وإثباتها في سجل 44 جمعية ثم صرفها للمزارعين بمعرفة لجنة صرف الأسمدة. كما تم تشكيل غرفة عمليات بمديرية الزراعة لمتابعة صرف الأسمدة وتلقي أي شكاوي من المزارعين.