عاشت دول الربيع العربي تحت سيطرة أنظمة سياسية فاسدة لسنوات طويلة غابت عنها العدالة الاجتماعية وانتشر الفساد في المؤسسات الحكومية لهذه الدول ولم يتوفر فرص عمل للشباب وانتشرت معها المحسوبية والواسطة.. مما أصاب الشباب بالاحباط والاكتئاب فكانت البداية باشعال "محمد بو عزيزي" التونسي النار في نفسه.. وكانت هذه شرارة الثورات العربية بداية من تونس ثم مصروليبيا وسوريا واليمن. ونظرا لقيام أنظمة هذه الدول باعباد جيوشها عن السياسة.. فترددت مواقفها في البداية هل تناصر شعوبها أم تقف في جانب النظم السياسية وتتصدي للثورات.. فوقف الجيش المصري والتونسي إلي جانب الارادة الشعبية بالاطاحة بهذه النظم الفاسدة.. في حين وقف الجيش الليبي والسوري إلي جانب النظام واطلقوا النيران علي شعوبهما مما أدي في النهاية لادخال الجيش السوري في حرب أهلية ستنتهي باسقاط الجيش والدولة وسقط بالفعل الجيش الليبي ولم يعد هناك دولة لها السيطرة الحقيقية علي الأراضي الليبية وأصبح الجيش قبائلياً بمعني ان كل قبيلة تتولي الدفاع عن المناطق التابعة لها.. وتحول الجيش اليمني الآن لمحاربة القاعدة ومواجهة الارهاب بعد ان اتخذ موقف المحايد خلال الثورة اليمنية. الجمهورية طرحت هذه التساؤلات علي الخبراء العسكريين: هل تتحول الجيوش العربية للقيام بدور الشرطة لمواجهة الارهاب أم أنها تستكمل دورها الوطني في حماية الأمن القومي؟.. وهل يتحول الربيع العربي إلي خريف عربي يسقط الجيوش والدول العربية؟!! في البداية يقول اللواء محمد علي بلال قائد القوات المصرية في حرب الخليج ان جيوش الدول العربية التي حدثت بها ثورات أطاحت بنظم سياسية وتسعي لبناء نظام سياسي جديد ليست جميعها علي نفس القوة فعلي سبيل المثال الجيش السوري الآن يدخل في حرب حقيقية ضد الجيش الحر وما يحدث في سوريا الآن ليس ثورة بل هو حرب أهلية ضد عناصر قوية جدا ليست ارهابية لأنها مدعومة بقوات وأسلحة تتوازن مع قوة الجيش السوري "النظامي". في حين تمزق الجيش الليبي نهائيا عقب الاطاحة بنظام حكم القذافي وأصبحت ليبيا الآن بدون جيش بل هي عبارة عن قبائل لها قوات أمن تحتل بها أماكن معينة ولا توجد قوات مسلحة أو جيش موحد لدولة ليبيا. أما الجيش التونسي فهو جيش نظامي ولكن ليس بالقوة مثل الجيش المصري والسوري وهو يشارك مع الشرطة في فرض الأمن ومحاربة الارهاب في بعض المناطق التونسية أما الجيش المصري فهو عبارة عن مؤسسة عسكرية محترفة قوية ولها تاريخ وخبرات تمكنها من تجاوز كافة الأزمات التي تواجهها وان الجيش المصري لم يتعالم معحرب أهلية كما هو الحال في سوريا بل بعض الحالات والتفجيرات الفردية في سيناء وان استمرار الحرب في سوريا من خلال الجيش الحر وتدخل بعض الدول الخارجية سيؤدي في النهاية الي اضعاف الجيش السوري لأنه جيش يواجه جيش عكس ما يحدث في مصر. وأكد اللواء محمد علي ان الجيش الثاني والثالث المصري متواجدان في سيناء بطبيعة الحال وان تواجد بعض المدرعات والدبابات وقوات من الجيش في الشوارع بالقاهرة وبعض المحافظات هي للتأمين فقط ومساعدة جهاز الشرطة في تأدية مهامه الأساسية وهي حفظ الأمن الداخلي وهي قوات يتم استبدالها مع الوقت بقوات أخري ولا تتعرض لأي ارهاق لأنها ثابتة في أماكن معينة ولم تقم بمواجهة أي جهة أخري وهي متواجدة للتأمين فقط مشيرا إلي ان بعض العمليات الارهابية التي تتعرض لها مصر حاليا واطلاق نار علي قوات الجيش هي أعمال فردية وتحدث في معظم دول العالم ولا تسبب اي قلق أو ازعاج وهناك نماذج مثلما حدث في الولاياتالمتحدة ولندن ومعظم دول العالم. وطالب بضرورة التفرقة بين الارهاب والمقاومة حيث ادعت الولاياتالمتحدة احيانا بأنها تحارب الارهاب علي سبيل المثال في العراق وافغانستان في حين القوات المضادة لها تقول انها تقاوم الاحتلال كما حدث في الاتحاد السوفيتي ومقاومة حركة طالبان والتي أدت في النهاية الي اسقاط الاتحاد السوفيتي. وأشار إلي ان الجيش المصري حاليا قادر علي صيانة أسلحته التي حصل عليها من الأمريكان خاصة ان معظم السلاح المصري أمريكي منذ عام 1979 عقب اتفاقية السلام مع اسرائيل وانه قادر علي تنويع مصادر السلاح بعد توجهه الي الاتحاد السوفيتي وان الجيش المصري ليس ضعيفا وأقوي الجيوش العربية ويأتي بعده الجيش السوري. يؤكد اللواء طلعت موسي الخبير الاستراتيجي بأكاديمية ناصر العسكرية ان الجيوش النظامية في أي دولة في العالم لها مهام أساسية ومهام ثانوية والمهمة الأساسية هي حماية حدود الدولة من الاعتداء من الخارج والمهمة الثانوية المساهمة في حماية الأمن القومي والذي يشمل الوضع الاقتصادي والأمني والثقافي والاجتماعي ويعيد جوانب الأمن القومي هي المهمة الثانية للقوات المسلحة في أي دولة وهي حماية الجبهة الداخلية. وأكد اللواء طلعت موسي ان القوات المسلحة تتدرب علي مواجهة الاخطار الممثلة وبها قطاعات خاصة لمواجهة العنف والارهاب مثل القوات الخاصة والصاعقة وهي مستعدة لمواجهة أي خطر داخلي أو علي الحدود مع أي دولة تسعي للنيل من الحدود وهذه عقيدة عسكرية لدي الجيوش الكبري انها تعد من مهامها وقدراتها القتالية علي مواجهة الاخطار أيا كان نوعها مشيرا إلي ان الحرب علي الارهاب قد تؤثر علي الجيوش حسب نوع الارهاب ومدي قدرته وتسليحه وطبيعة الأرض التي يمارس عليها الارهاب فالولاياتالمتحدةالأمريكية لم تنتصر علي الارهاب في أفغانستان نظرا للطبيعة الجبلية ولذلك لم تستطع حسم الحرب وكذلك الحال في الاتحاد السوفيتي والذي انهار أمام قوات طالبان في أفغانستان سابقا ولم يستطع الصمود نظرا لطبيعة الأرض. وأكد ان عقيدة الجيش المصري هي مواجهة العدو بشكل نظامي أي حرب نظامية في حرب مواجهة اضافة الي مواجهة الارهاب في سيناء ضد بعض العناصر الارهابية التابعة لبعض الجماعات الاسلامية المتطرفة المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي وهي لا توثر مطلقا في قدراته وامكاناته ويقول اللواء حمدي بخيت الخبير العسكري ان قيام الجيوش العربية بمواجهة الارهاب وتحولها الي القيام بدور الشرطة لا يؤثر الا علي الجيوش الضعيفة ذات القدرات المحدودة من ناحية القوات والتخطيط والتنظيم اما الجيوش القوية ذات التنظيم العالي صاحبة الخبرة القتالية لا تؤثر عليها القيام بمهام متعددة مثل حماية الحدود والأمن القومي والقيام بدور مواجهة الارهاب والعناصر الاجرامية مثل الجيش المصري الذي يقوم حاليا بمحاربة الارهاب في سيناء من خلال الجيش الثاني والثالث والذي يستخدم قدرات محدودة جدا من قواته وقدراته العسكرية والقتالية. في حين ان الجيش التونسي والليبي علي سبيل المثال قدراته محدودة وان تعدد المهام علي هذه الجيوش يهدد قوته واستمراره في القيام بالمهام الطبيعية وهي حماية الأمن القومي والحدود. وأشار الي ان الجيش المصري قادر علي العبور بشعبه وحماية دولته ويجب علي الشعب ان يكون علي وعي تام وان يتلاحم مع قواته المسلحة لا ان يسعي إلي تدمير قواته وان حدث تطاول من أي شعب علي جيشه ومحاولة اسقاطه فلا يستحق هذا الشعب ان يكون له جيش يحميه وسيندم كثيرا عند اسقاط جيشه او اضعافه في وقت لا ينفع فيه الندم.