من أهم الحقوق المتفرعة عن حق الكرامة الإنسانية: إقرار خصوصيات الإنسان واحترامها. والمقصود بخواص الإنسان: هذا المشترك الأدني. الذي يتكاتم فيه الناس عادة. باعتباره أمراً ذاتياً لا يمس الآخرين. مثل: العقيدة. والنية. وخلوة النفس للراحة. والنوم. وقضاء الحاجة. وتحرير الخطابات الشخصية. والاختصاص: هو الانفراد بالشيء. تقول: اختص فلان بالشيء. أي انفرد به. والمقصود باقرار الإسلام لتلك الخواص: أن الشريعة الإسلامية تعطي الحق لكل إنسان ان يحتفظ بخصوصياته. فلا يلام بإسرارها. بل يلام من اطلع عليها دون إرادته. وتري الشريعة الإسلامية ان هذا الحق هو الأولي بالرعاية. لأن انطلاقة الإنسان في الحياة لا تبدأ إلا من نفس مصانة مرعية. ولذلك ورد فيما أخرجه مسلم عن جابر. ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "ابدأ بنفسك فتصدق عليها. فإن فضل شيء فأهلك. فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك. فهكذا وهكذا". ولاشك ان احترام خواص النفس من حقيقة الكرامة الإنسانية التي لا يتفاوت فيها الناس. ولذلك ورد فيما أخرجه الترمذي وصححه. عن عبدالله بن عمرو. ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إن لجسدك عليك حقاً. وإن لنفسك عليك حقاً". ويؤسس الإسلام قضية احترام خواص النفس علي الحق الإنساني. الذي لا يختص بطائفة أو أمة أو دين. ذلك ان كل إنسان يحتاج لنفسه في بعض الأحوال. ويكره تكشفه علي الآخرين في تلك الأحوال التي تكون عادة قاسماً مشتركاً عند الناس جميعاً. وإذا تجاوز الناس وانتهكوا هذا الحق ضاعت كرامة الإنسان. لفقده تلك الخواص التي ما كانت له صفة الاستقلالية إلا بها. وتري الشريعة الإسلامية ان مجاوزة خصوصيات الآخرين وانتهاكها كبيرة من الكبائر المهلكة. أسماها التجسس. كما اعتبرت الشريعة الإسلامية الخوض في خواص الناس. دون علم. ظناً ورجماً بالغيب. ونهي الإسلام عن كل ذلك. قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا" "الحجرات: 12". وقال تعالي: "ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب" "الكهف: 22". أي قولاً بلا علم. كمن يرمي إلي مكان لا يعرفه. فإنه لا يكاد يصيب. وإن أصاب فبلا قصد. وأخرج الشيخان عن أبي هريرة. ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إياكم والظن. فإن الظن أكذب الحديث. ولا تجسسوا. ولا تحسسوا. ولا تباغضوا. وكونوا إخواناً". وأخرج البخاري عن أبي هريرة. ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذقته بحصاة. ففقأت عينه. ما كان عليك من جناح".