سافر إلي روسيا وفد للدبلوماسية الشعبية وهو أمر محمود والأفضل أن تذهب هذه الوفود إلي الدول التي تحتاج إلي توعية وإيضاح بثورة 30 يونيو والتي هي استكمال لثورة 25 يناير. ولا بأس أن تسافر الوفود الشعبية إلي كل مكان في العالم وروسيا بالذات بعد أن أصبح علينا إعادة التوازن بعلاقاتنا مع كل دول العالم ورغم أن العلاقات مع روسيا ودول الشرق الصين لم تتوقف إلا أنها للأسف كانت ولا تزال محدودة بعد أن اتجهنا إلي طريق واتجاه واحد وهو الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي حتي اصبحت أمريكا وأوروبا هي الشريك الاقتصادي الأكبر والأفضل. استعادة العلاقات مع روسياوالصين لن تتحقق بمواكب الوفود والخطب وكلمات المودة والترحيب والشكر الأمر يحتاج إلي إعادة صياغة كل العلاقات بين مصر ومختلف دول العالم دون أن نضع الرهان في سلة واحدة وربما يستغرق التصحيح وقتا ولكن علينا أن نبدأ علي أرضية جديدة للتعاون وعلي أساس المصالح المتبادلة وان نرسل رسالة جديدة للعالم أن المقولة التي اطلقها الرئيس الراحل أنور السادات أن أوراق اللعبة كلها مع الجانب الأمريكي وهي كلمات عاطفية وانتهي وقتها فالمصالح هي التي تحكم علاقات الشعوب وفي مقدمتها العلاقات الاقتصادية والتجارية وهي التي تمهد الطريق لعلاقات سياسية صحيحة ومتكافئة. وكان طرد الخبراء الروس العسكريين قبل حرب أكتوبر عام 1973 قرارا تاريخياً وموفقا وأن كان طرد الخبراء الروس في مجال الصناعة والسد العالي عام 1980 عاطفيا ويدخل في باب الغزل للجانب الأمريكي ومنذ هذا التاريخ بدأت العلاقات مع الاتحاد السوفيتي السابق روسيا حاليا تتراجع في كل المجالات والاعتماد علي اتجاه واحد نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية. استمرت العلاقات ولكن في حدود ضيقه مع روسيا رغم أن المصانع المصرية والسد العالي ومعدات أخري كانت تعتمد علي التكنولوجيا الروسية. وبعد ذلك تحولت العلاقات إلي مستوي ضعيف رغم محاولات احيائها وبث الروح فيها والتوجه نحو روسيا لا يجب أن يكون لدي البعض مجرد عقاب وقتي ورد علي تصرفات الإدارة الأمريكية نحو مصر وثورتي يناير ويونيو ولكن يجب إعادة العلاقات بقوة مع روسيا حتي ولو تم إصلاح وترميم العلاقات المصرية الأمريكية. والجانب الأمريكي يدرك جيدا أن التوجه نحو روسياوالصين علي أسس جديدة سيحقق التوازن في العلاقات المصرية مع الدول الأجنبية ولن يضع أي دولة بعد الآن في مرتبة الأولوية أو الأولي بالرعاية. ولا يزال الأمريكيون يشعرون أنه برغم المساعدات الأمريكية لمصر منذ عام 1979 وحتي الآن إلا أن الشعب المصري ينظر بتقدير واحترام للجانب الروسي الذي ساهم في بناء السد العالي وبعض القلاع الصناعية ويشعر المصريون العاديون بالامتنان للجانب الروسي رغم الهرولة الرسمية للتعاون مع الجانب الأمريكي وهذا الموقف من رجل الشارع المصري يصيب الأمريكيين بالضيق حتي أن مدير المعونة الأمريكية لكل دول العالم عندما التقيته في واشنطن عام 1999 قال لي الشعب المصري يقدر الموقف الروسي ودوره في بناء السد العالي رغم اننا قدمنا لمصر عشرات المليارات منذ 1979 وحتي الآن ولو سألت مصريا عاديا ماذا فعل الجانب الأمريكي للشعب المصري ربما يتذكر مدرسة أو مستشفي أو لا يتذكر أن كل خمسة أرغفة يأكلها المصري منها ثلاثة أرغفة مقدمة من المعونة الأمريكية ونظرت إليه وقلت له ربما يكون ذلك صحيحا ولكنكم لا تفهمون الشعب المصري جيدا ولا يجوز أن تقدم له معونة ثم تحاول أن تخضعه أو تجعله تابعا. الظروف الاقتصادية الصعبة طارئة ولا يجوز أن يظل تصرفكم هو تذكيرنا بها كل صباح والروس لم يفعلوا معنا ذلك أبدا. ولهذا فما أحوجنا إلي إعادة صياغة علاقتنا السياسية والاقتصادية والتجارية والشعبية مع كل الأطراف حتي نعتمد علي التكافؤ والعدالة والمصالح المتبادلة ولا يكون لطرف علي حساب الآخر أن التوجه إلي استعادة علاقتنا مع روسياوالصين يجب أن تبدأ الآن علي أسس جديدة وبالتوازن مع كل دول العالم وتحقيق الصالح المصري.