أصبح من الضروري ان تبدأ الحكومة علي الفور في اعداد دراسة جادة لتحديد حد أدني للمعاش أسوة بالحد الأدني للدخل لتوفير معاش لائق بموظف أعطي أكثر من ثلثي عمره في خدمة الاقتصاد القومي والجهاز الاداري للدولة يتناسب مع مستوي المعيشة والارتفاع الملحوظ في الاسعار لمختلف السلع والخدمات. جلست أستمع الي شكوي اختلطت بها بعض الشيء من المرارة من المدرس نشأت الذي أعطي حياته الوظيفية لخدمة النشء في قطاع الازهر واذا به يندب حظه العاثر الذي خرج به من وظيفة بلا دروس خصوصية ومعاش لا يكفي لشراء خبز فقط وهو يسأل بجدية أليس من الأفضل أو من العدالة الاجتماعية التي قامت من أجلها ثورتان عظيمتان هما 25 يناير و30 يونيو ان يتم اقرار حد أدني للمعاش ويتم تدريج معاش جميع المستويات الوظيفية لمن خرجوا الي المعاش وفقاً لدرجاتهم الوظيفية. واستمعت أيضاً الي حديث أحد القيادات الكبار والذي أصبح في الظل يتقاضي معاشا لا يجاوز مرتب خفير ملوحاً بنفقات كبيرة في العلاج من الامراض وشراء الدواء فضلاً عن الحفاظ علي الشكل الاجتماعي الذي عاش عليه أيام العز أثناء تولي المنصب.. وبعضهم كان يتحسب من هذه اللحظة ويدخر في وثائق تأمين ما يفيض عن الحاجة والاخر جلس ينتظر المصير المجهول في انتظار الفتات. وحالة ثالثة سعت الي في مكتبي علي استحياء تشكو بمرارة حظها العاثر من اغلاق ورشته التي كانت مصدر رزقه الوحيد وتورد أكسسوار الدراجات والموتوسيكلات والتي أغلقت أبوابها بسبب اغراق المثيل المستورد الرخيص ووجدني أسأل محدثي المواطن محمد مصطفي لماذا لا تتحول الي نشاط آخر ورد في استعطاف وأين المال بعد ان راح كل شيء ومعاشي من التأمينات لا يجاوز ال 170 جنيها شهرياً كان يسددها من عمله السابق وفشلت جميع محاولاته في البحث عن عمل جديد.. أن أصحاب المعاشات لا هم من فئة الالتراس الأهلاوي يمكن ان يفكر في قطع طريق أو فرض كلمته علي صناع القرار ولا هم من الشباب الزاخر بالحيوية القادر علي الاعتصام في الميادين العامة لاستصدار القرار المناسب في الحصول علي معاش مناسب يتوافق مع مستويات الاسعار زمان.. منذ أكثر من 28 عاماً التقيت أحد الوزراء الجادين بعد خروجه من كرسي الوزارة واذا به يجيب في مرارة عن سؤالي.. تعرف ايه عن مرتب الوزير بعد المعاش واذا به يجيب دون تردد.. سائقي يحصل علي مرتب أكثر منه وهو يعطي المعاش لبواب العمارة لكي يحافظ علي المظهر الاجتماعي وهناك آخرون من الموظفين الكبار أصبحوا من الصغار بعد خروجهم الي المعاش بسبب ضيق ذات اليد. نري ان هذه القضية خطيرة نظراً لارتباطها بالعدالة الاجتماعية المنشودة وارتباطها بفئة ضعيفة غير قادرة عن توصيل رأيها الي القنوات المشروعة لاتخاذ القرار المناسب ومثل هذه الفئة التي أعياها كثرة العطاء والبناء في فترة ما تجلس الان في الظل تراقب وتنتظر قطار العدالة قبل ان تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد رحلة عطاء كبيرة.