الحج يعتمد علي السفر غالباً. كما يعتمد علي الخروج من البيت إلي المناسك. وتوجد موانع شرعية من السفر كالدَين. وانعدام المحرم للمرأة. كما توجد موانع شرعية من الخروج من البيت كالعدة.. ونعالج تلك المسائل فيما يلي: "1" الدَين والمنع من السفر أجمع الفقهاء في الجملة علي أنه ليس لمن عليه دَين حال أن يسافر بغير إذن دائنه. لأن الحق له. واستثني المالكية صورة كون الدَين حالاً. ولم يكن المدين قادراً علي الوفاء. لعموم قوله تعالي: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلي ميسرة" "البقرة: 280". أما الدَين المؤجل فيجوز للمدين به أن يسافر دون إذن دائنه مطلقاً عند الشافعية. واشترط الحنفية لذلك أن يكون السفر قصيراً. فإن كان طويلاً بحيث يحل الدَين فيه لم يُجز له السفر إلا بإذن دائنه. وأجاز المالكية للغرماء أن يقوموا علي المدين الذي أحاط الدَين بماله.. قبل أن يحجر عليه الحاكم.. فيسجنوه. أو يحولوا بينه وبين التصرف في ماله بالبيع والهبة ونحوهما. هذا بالإضافة إلي منعه من السفر. أما عند جمهور الفقهاء فالمفلس قبل الحجر عليه كغير المفلس. له حق التصرف في ماله كيف شاء. ولكن لا يحل له ديانة أن يسافر إلا بإذن دائنيه. وإنما جعل الفقهاء استئذان المدين لدائنه عند إرادته للسفر. لخطورة أمر الدين في الإسلام. فقد أخرج مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص. أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال: "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَين". فإذا لم يأذن الدائن للمدين بالسفر كان ذلك مانعاً من وجوب الحج عليه إذا تيسر له ذلك بتبرع غيره. "2" انعدام الزوج أو المحرم الأمين في السفر يجوز للمرأة بالإجماع أن تسافر في كل وقت مع زوجها أو محرمها الأمين في الجملة. وذهب المالكية والشافعية في الأصح إلي أن المرأة يمكن أن تستعيض عن الزوج أو المحرم في السفر المباح بالرفقة المأمونة التي تكون برجال صالحين أو نساء صالحات مع العدد القليل. أما مع القوافل العظيمة فهي كالبلاد يجوز فيها أن تسافر المرأة وحدها دون نساء أو محارم. وذهب الحنفية والحنابلة والظاهرية إلي أنه لا يغني عن المحرم أو الزوج رفقة مأمونة أخذاً بظاهر أحاديث نهي المرأة عن السفر دون محرم أو زوج. وأجمع الفقهاء أيضاً علي أنه يجوز للمرأة أن تسافر وحدها عند الضرورة مثل أن تهرب من ظالم. أو أن تبحث عن طعام في مهلكة. أما في السفر الواجب كأداء الحج المفروض نذراً أو بأصل الشريعة فقد اختلف الفقهاء في حكم سفر المرأة وحدها دون محرم أو زوج أو رفقة مأمونة عند من ألحقها بهما. وذلك علي مذهبين في الجملة. المذهب الأول: يري أن السفر الواجب كالسفر المباح يمنع المرأة من الخروج إليه إلا بمحرم أو زوج. أو رفقة مأمونة عند من ألحقها بهما.. وهو مذهب الجمهور. قال به الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. ورُوي عن عائشة وابن عمر.. وحجتهم ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة"..