استيقظت كالعادة لأداء ركعتي الفجر.. وجلست للكتابة.. إلي أن علمت أن هناك عملية عسكرية لفض اعتصام كرداسة.. بحثت في قنوات التليفزيون إلي أن وجدت نقل علي الهواء للحدث.. وفجأة ومع تقدم قوات الشرطة سمعت طلقات الرصاص.. ليسقط اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة علي الأرض.. ممسكاً بسلاحه بيمينه وجهاز اللاسلكي بشماله وهناك من يصرخ "اللواء بيموت" واستشهد البطل.. بشموخ بعد أن نالته يد الخسة والإجرام.. يد الإرهاب والإرعاب محافظاً علي سلاحه وجهاز اللاسلكي لأخر لحظة ضارباً مثلاً يحتذي به في الوطنية والبسالة.. ليكون نبيلاً حتي آخر لحظة في حياته وعمله وآخرته.. كما كان نبيلاً بإسمه. نعم أيها النبيل.. لقد آمنت أن تطهير الوطن ممن دنسه بأفعاله المشينة يحتاج إلي تضحيات كبري.. وايقنت أن سمو المراد والأهداف تقتضي سمو التضحيات.. فضحيت بالنفس. وبذلت الروح في سبيل الله.. إختارك المولي عز وجل لتمتع بخصال جعلها الله للشهيد.. أن يغفر الله له من أول دفعة من دمه. ويري مقعده من الجنة.. ويحلي حليه الإيمان.. ويزوج من الحور العين.. ويجار من عذاب القبر.. ويأمن من الفزع الأكبر.. ويوضع علي رأسه تاج الوقار.. الياقوته منه خير من الدنيا وما فيها . هنيئاً لك ايها النبيل.. وقد قال المولي عز وجل في كتابه الكريم" إن الله إشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقاً في التوارة والإنجيل والقرآن ومن أوفي بعهده من الله فإستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم" صدق الله العظيم.. فقد بذلت نفسك بإخلاص وطيب نفس لنصرة الحق وتخليص البلاد من إناس آلوا علي أنفسهم بث الرعب في قلوب أبناء وطنك.. واشعلوا النار.. وهدموا المباني.. فخرجت من دارك الفاني بعد أن صليت الفجر بأهل بيتك.. لتنطلق إلي دارك الباقي.. هنيئاً لك فيه. ولتطمئن أيها النبيل.. فقد أقسم ابناوك وزملاؤك أنهم لن يتركوا هؤلاء الخبثاء بفعلتهم الدنيئة.. الرخيصة بعد أن سعوا في الأرض فساداً.. وإرعاباً.. وإرهاباً وقد تعلق دمك في رقبة هؤلاء الأفاقين المارقين والذين صدق فيهم قول العلي العظيم.."ومن الناس من يعجبك قولهم في الحياة الدنيا وهو ألد الخصام". رحمك الله ايها النبيل.. لقد حركت مشاعر الناس ودمعت عيونهم.. ودغدغت كوامن نفوسهم.. فشارك الآلاف في وداعك.. ولم لا وقد بذلت الغالي والنفيس دفاعاً عنهم وكنت في مقدمة الصفوف بدلاً من جلوسك في مكتبك المكيف لمتابعة القوات.. أوفيت بعهدك لله.. وأبررت قسمك الذي اقسمته في بداية حياتك العملية.. فكنت وساماً علي صدورنا جميعاً. أسكنك الله أيها النبيل فسيح جناته.. وأساله عز وجل أن يرحمك رحمة تغنيك عن رحمة المخلوقين.. وأن يكون لك حبيباً ولدعاء من دعا لك سميعاً ومجيباً.. أن يجعل لك من رضاه وفضله ومغفرته ورحمته حظاً ونصيباً.. وأن يجزيك بالإحسان إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً.. وأن يجعلك من عباده الذين اختصهم برحمته ومغفرته وعفوه ورضاه.. وأن يوسع قبرك ويضيئه ويجعله روضة من رياض الجنة. أن يسقيك من حوض رسولنا وحبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام شربه هنيئة لا تظمأ بعدها أبداً.. اللهم آنس وحشته وإرحم غربته..سبحانك يامن لك الدوام.. إن لله وإن إليه راجعون.