لم تكد تهدأ حناجر ملايين المصريين الذين خرجوا يوم 30 يونية الماضي وما تلاه من أيام ليسجلوا ميلاد ثورة جديدة هي الثانية في تاريخ الوطن خلال اقل من ثلاث سنوات حتي دارت عجلة الاعلام الفاسد من جديد لتربك المشهد وتضع المصريين في حيرة من أمرهم.. عشرات البرامج علي القنوات الفضائية تحولت إلي ساحات للشتائم وتبادل الاتهامات. وتناسي مقدمومها وخيوضها الاشاوش قضية الوطن الكبري وهموم المواطن البسيط. في وقت نحن احوج ما نكون فيه إلي التوحد علي قلب رجل واحد وترك خلافاتنا الثانوية جانباً ومصالحنا الشخصية الرخيصة. اتفجرت ماسورة التخوين في وجه الجميع والسب والقذف من العقار الثقيل بينما الوطن يواجه أخطر المعارك في تاريخه. لم يقدر الاعلام حجم المعركة فراح الجميع يصفون حساباتهم الرخيصة علي الشاشات مستخدمين في ذلك مفردات قذرة. ولم يتعلم الاعلام الدرس من الايام والشهور التي تلت ثورة 25 يناير 2011 فعاود الكرة وهاهو يأخذ الجميع إلي الحجر الذي لغنا منه مرة من قبل غير عابئ بمستقبل وطن يئن ومواطن مقهور. المعركة هذه المرة مع الارهاب الاسود اضافة إلي ما خلفته السنوات الماضية من اقتصاد دهش واستثمار غائب ومرافق مهلهلة وبنية تحتية ضائعة وامن لم تكتمل عودته يواجه عدوين في وقت واحد ارهاب اسود وبلطجة وانفلات بلا حدود في الشارع. ووسط كل هذا مواطن اوشك صبره علي النفاد. ان المتأمل لمضمون الاعلام الفضائي المصري حالياً لايمكن بأي حال من الاحوال إلا أن يكون متشائماً لمستقبل المصالحة الوطنية الشاملة التي تطرحها خارطة الطريق. ومن هنا لابد وقبل أي شئ من اعداد ميثاق شرف اعلامي علي وجه السرعة ليقف في وجه اصحاب تلك الدكاكين الاعلامية التي تنفخ في النار ليل نهار حتي لو استدعي الامر اغلاقها فمصلحة الوطن تسمو علي أي مصلحة.