التاريخ في مختلف عصوره نقل إلينا مواقف لرجال زهدوا في السلطة واستغنوا عنها رغم انها جاءتهم بإرادتها وبعضهم عزلوا من مناصبهم فما نقص ذلك من قدرهم فالقائد العظيم بطل معركة اليرموك خالد بن الوليد وهو في قمة انتصاراته وصله كتاب من أمير المؤمنين يأمره بتسليم قيادة الجيش إلي أبو عبيدة الجراح وأن يكون هو مقاتلا في سبيل الله تحت رايته فامتثل لرغبة أمير المؤمنين وسلم القيادة لابن الجراح الذي حقق انتصاراً عظيماً غير به مجري التاريخ وفيما بعد قال أمير المؤمنين لخالد والله ما عزلتك شماتة فيك ولا لتقصير منك ولكني خشيت أن يفتن الناس من بعدك ويجعلوا من قبرك مزاراً ينشغلون به عن عبادة الله فقال خالد: لقد فعلت الصواب فلك السمع والطاعة يا أمير المؤمنين وفي جمهورية السنغال الافريقية ترك الرئيس ليبولد سنجور كرسي الرئاسة بإرادته وذهب إلي الادغال وعاش هناك ينظم أبيات الشعر باللغة الفرنسية في عالم شاعري خلق له السعادة الحقيقية حتي فارق الحياة بهدوء ضارباً أروع الامثال للزهد في السلطة وفي تنزانيا أختار الشعب جوليوس نيريري رئيساً مدي الحياة فترك كرسي الرئاسة وعاش مع الفقراء في أكواخهم المتهالكة ومات بينهم فقيراً فرفعوه إلي السماء بتخليد إسمه وفي ليبيريا حقق نجم كرة القدم جورج ويا شهرة عظيمة لبلاده كلاعب مميز في كرة القدم وكسب أموالاً ضخمة فقام ببناء مشاريع حيوية في بلاده من مدارس ومستشفيات ودور للأيتام ومأوي لاطفال الشوارع وساعد الارامل والعجزة وتبرع للمساجد والكنائس فأقنعه المعجبون به أن يرشح نفسه لرئاسة البلاد وأكدوا له فوزه بالتزكية فنافسته سيدة حققت انجازات اقتصادية عظيمة بالامم المتحدة رشحها أنصارها في الانتخابات وكانت المفاجأة الكبري أن الشعب اقتنع بكفاءة تلك السيدة التي حققتها بالأمم المتحدة فاختاروها رئيسة للبلاد فاستقبل جورج ويا هزيمته أمام تلك السيدة بروح رياضية عالية واحترم إرادة الشعب لانه صاحب الاختيار وفي السودان عندما خلع الشعب السوداني الرئيس جعفر غيري بانتفاضة كانت حديث العالم كله فسلموا القائدة للمشير عبدالرحمن سوار الدهب الذي أكد لهم بكل أمانة أنه سيبقي في منصبه لمدة عام واحد لملء الفراغ الدستوري لانه لا يطمع في السلطة وفعلاً إلتزم سوار الدهب بما قال وسلم السلطة للصادق المهدي الذي فاز في الانتخابات والناس مندهشون في كل مكان بهذا الالتزام الاخلاقي الذي رفع سوار الدهب إلي أعلي مراتب الاحترام وكذلك الزعيم الافريقي الكبير نيلسون مانديلا الذي أصبح رئيساً لجنوب افريقيا فساوي بين البيض والسود وأقر العدالة بينهم ونال احتراماً عظيماً من الشعب وبعد أربعة سنوات ترك كرسي الرئاسة بإرادته فأصبح رسولاً للسلام لكل دول العالم ولا ننس الملك إدوارد الثامن ملك بريطانيا الذي تنازل عن العرش وتزوج امرأة من عامة الشعب عاش معها كأي مواطن عادي وعلي العكس تماماً هناك حكام أمسكوا بزمام السلطة حتي آخر نفس في حياتهم بعد انتهاء عمرهم الافتراضي فهناك زعيم أفريقي زور نتائج الانتخابات لصالحه فأصر علي البقاء حاكماً للبلاد رغم أنف الجميع وحصن نفسه بعدد كبير من أفراد الجيش الذين ينتمون إلي قبيلته فاتصل العقلاء من أهل بلاده بحكيم أفريقيا الكبير مانديلا رجل المهام الصعبة فجاء مسرعاً وقضي أياماً مع ذلك الزعيم لاقناعه بالتخلي عن السلطة لإن المرض قضي عليه وأيامه بالحياة قليلة فاقنعه أخيراً مع خروج أمين فأوصله إلي دولة عربية استقبلته لأسباب إنسانية مكث بها شهرين ثم مات .