ديجول - مانديلا لم ولن يكون.. ترك الشيخ حمد بن جاسم أمير دولة قطر.. هي السابقة الأولي من نوعها في ترك الزعماء للكرسي السحري (كرسي الحكم).. ولكنها حلقة ضمن سلسلة بدأت منذ عقود بالرئيس الفرنسي الأسطورة: شارل ديجول.. تلتها حلقات وحلقات لعل من أشهرها حادثة ترك الرئيس الأمريكي نيكسون للكرسي الأغلي والأشهر في العالم.. كرسي البيت الأبيض وكل هؤلاء تركوا السلطة بإرادتهم بشكل أو بآخر وبلا ثورة ولايحزنون.. ومازال هناك الكثير والكثير ممن في الصف: منتظرين!! والتاريخ الذي لا يكذب أبدا.. ولو بعد حين .. يقول: إن الرئيس الفرنسي شارل ديجول كان أشهر من تخلي عن السلطة برغبته.. فبالرغم من أنه يوصف بأبو الجمهورية عند الفرنسيين.. إلا أن ذلك لم يشفع له.. ولم يشفع لتضحياته خلال الحرب العالمية الثانية بالذات، والمقاومة ضد هتلر وحلفائه،، فتعرض الرجل للكثير من الهزات والنكسات كان أشدها في مايو 8691.. بعد مظاهرات الطلبة الشهيرة في فرنسا والتي انضم إليها العديد من شرائح المجتمع الفرنسي من العمال ورجال الحكومة.. وشلت الدولة بالكامل.. وهنا اختفي ديجول من قصر الإليزيه.. قصر الرئاسة الفرنسية ثم يعود في اليوم التالي ليحل البرلمان.. ولكن شرخا كان قد تكون في علاقاته مع شعبه رغم وجوده في الحكم لعشر سنوات كاملة.. وهنا يقترح ديجول حزمة من الإصلاحات علي شعبه ويقترح نسبة ما في نتيجة الموافق عليها. ويجري الاستفتاء. إلا أنه ورغم فوزه.. قال إنه هزيمة كبيرة له .. ليعلن بعدها الانسحاب نهائيا من الحياة السياسية بإرادته.. ويتفرغ لكتابة مذكراته السياسية.. وليتوفي بعدها بعام واحد فقط بعيدا عن الكرسي. ووراء المحيط.. كانت قصة الرئيس الأمريكي ريشتارد نيكسون.. بعد أكثر من خمس سنوات في البيت الأبيض.. وبعد فضيحة ووترجيت الشهيرة والتي كشفت فضيحة الحزب الحاكم في التجسس علي أنشطة الحزب المنافس بأجهزة تجسس متطورة في ذلك الوقت.. ومع تصاعد الموقف وسوء سلوك رجال الإدارة اختار نيكسون الاستقالة قبل أن يقيله الكونجرس.. وبعد انتهائه لفترة رئاسية ثانية في العام1972. وعربيا.. كان شكري القوتلي.. الرئيس السوري حتي عام 1958.. عام الوحدة مع مصر.. وبعد الاستفتاء الشعبي علي الوحدة بنسبة فاقت ال 99٪.. أعلن القوتلي نتيجة الاستفتاء.. متنازلا عن الرئاسة لعبد الناصر وبعد أن نال من ناصر لقب المواطن العربي الأول؟! وعلي مرمي حجر.. كان الرئيس السوداني الأسبق عبدالرحمن سوار الذهب.. مثلا أخر في إيثار الذات.. بعد أن اختار وبعد عام واحد في السلطة أن يترك الكرسي.. وبعد أن استسلم السلطة بعد انقلاب عسكري. وتقلده رئاسة المجلس الانتقالي إلي حيز تشكيل حكومة منتخبة، ورقي الرجل لرتبة المشير فور توليه السلطة.. إلا أنه قرر ونفذ قراره بتسليمها للحكومة الجديدة برئاسة الصادق المهدي رئيسا للوزراء.. ورئيس ومجلس السيادة هو أحمد الميرغني.. وبعد ذلك ترك السلطة نهائيا واعتزل العمل السياسي ليتفرغ لأمور الدعوة.. وللهيئات الدولية الخاصة بالإغاثة والأعمال الإنسانية. وفي موريتانيا.. نفذ الرئيس الموريتاني الأسبق أعلي ولد فال.. وعده بتسليم الحكم وبعد أن وصل بإنقلاب عسكري أبيض في 3 أغسطس 2005.. ووعد بتسليم السلطة لرئيس منتخب بعد عامين من الانقلاب وخلال الفترة الانتقالية شدد علي وعده.. الذي حققه بالفعل بعد أقل من عامين! وفي أفريقيا.. كانت هناك العديد من النماذج.. أبرزها: المناضل الأفريقي نيلسون مانديلا.. الذي وصل لأعلي سلطة في بلاده كأول رئيس أفريقي لبلد عرف طويلا السياسة العنصرية البغيضة وبالفعل تقلد الرئاسة من مايو 1994 وحتي يونيو 1999 حينما قرر بإرادته أن يتقاعد وهو في ال 81 عاما. ليتابع حياته مع الجمعيات والحركات المناهضة للعنصرية حول العالم، ودعوات حقوق الإنسان.. ومن بعدها قرر ثانية في العام 2004.. وهو في ال 86 عاما أن يتقاعد نهائيا ويترك الحياة العامة ليواجه مصيره الأخير كما يقول في صراعه الطويل مع المرض منذ أن سجنوه وحيدا ولسنوات طويلة في أحد السجون بجزيرة نائية؟! الأول جوليوس نيريري.. مؤسس تنزانيا الحديثة.. ورغم أنه كان يعد أبا للبلاد كلها.. منذ الاستقلال.. وتوليه الرئاسة من العام 1964 وحتي العام 1985.. إلا أنه اختار أن يتقاعد بإرادته.. رغم الترحيب الشعبي والأفريقي لبقائه.. ليبتعد عن الحياة السياسية.. وحتي وفاته في العام 1999 عن عمر بلغ ال 77. وبالقرب من أفريقيا كان الثاني رئيس السنغال.. ليوبولد سنجور.. أو الشاعر الرئيس كما كان يطلقون عليه وأول رئيس للبلاد بعد الاستقلال لعشرين عاما كاملة منذ العام 1990 وحتي العام 1980 ورغم مساندة الشعب كله وأفريقيا والعالم لسياساته الإصلاحية.. إلا أنه اختار أن يتنازل بإرادته عن الكرسي ليرشح عبده ضيوف، خلفا له.. وهو فوق ذلك.. أديب عالمي وشاعر مشهور وأحد المفكرين الأفارقة.. المهمين في القرن العشرين.. ومات الرجل تاركا سيرته الطيبة في العام 2001.