قلنا إن للمحتضر علي أهله وذويه ستة حقوق شرعية. وقد ذكرنا منها ثلاثة هي : ملازمة المحتضر لمعاهدته وخدمته. والرفق به. وبذل ما في الوسع لمداواته وعلاجه ونفصل فيما يلي الحقوق الباقية للمحتضر. الحق الرابع : إطعام المحتضر ما يجب. وعدم إكراهه علي طعام بعينه إلا لضرورة فقد أخرج الحاكم وصححه والترمذي وحسنه عن عقبة بن عامر أن النبي صلي الله عليه وسلم. قال : "لا تكرهوا مرضاكم علي الطعام فإن الله يطعمهم ويسقيهم" وأخرج ابن ماجة بسند فيه مقال. عن ابن عباس. أن النبي صلي الله عليه وسلم عاد رجلاً فقال له : "ما تشتهي"؟ فقال : أشتهي خبز بر. وفي رواية : أشتهي كعكاً فقال صلي الله عليه وسلم : "من كان عنده خبز بر فليبعث به إلي أخيه". ثم قال : "إذا اشتهي مريض احدكم شيئاً فليطعمه". الحق الخامس : الدعاء للمريض والتنفيس له في الأجل. فقد أخرج الحاكم وصححه عن عبدالله من عرفان وأن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "إذ عاد أحدكم مريضاً فليقل : اللهم أشف عبدك ينكا لك عدواً. أو يمشي لك إلي صلاة" كما أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس. أن النبي صلي الله عليه وسلم. قال : "من عاد أخاه فقعد عند رأسه ثم قال سبع مرات : اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك. عوفي إن لم يكن أجله حضر" كما أخرج الترمذي وابن ماجة عن ابي سعيد الخدري. أن النبي صلي الله عليه وسلم. قال : "إذا دخلتم علي المريض فنفسوا له في الأجل. فإن ذلك لا يرد شيئاً. وهو يطيب بنفس المريض". الحق السادس : تلقين المحتضر الشهادة. وهو أمر مستحب عند الجمهور. خلافاً للظاهرية الذين قالوا بوجوب التلقين. لما أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة. أن النبي صلي الله عليه وسلم. قال : "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" وزاد ابن حبان : "فإنه من كان آخر كلمته لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر. وإن اصابه قبل ذلك ما أصابه" وأفضل وقت لتلقين المحتضر الشهادتين : عند اليأس من الحياة. سواء كان لسانه منطلق أو غير منطلقاً. لأنه يقولها في نفسه إن كان مدركاً أو نصيبه الرحمة ببركتها. ويستحب أن يكون التلقين بلطف ومداراه. وأن يتولي التلقين أرفق أهله وأتقاهم. وأن يكون التلقين لمرة واحدة ولا يكرر. وقيل لا يزيد علي الثلاث لئلاً يضجره. ومن خرس لسانه. أو ذهب عقله. أو غفل عن نطق الشهادتين ساعة الاحتضار حتي مات فهو علي ملته. ولا ضير. لما أخرجه مسلم عن عثمان بن عفان. أن النبي صلي الله عليه وسلم. قال : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة" فشمل هذا من نطق بالشهادتين ومن لم ينطق بلفظها غير أنه مصدق.