حرص الإسلام منذ البداية علي تأصيل قيمة الاختلاف واعتبر ذلك مبدأ مهماً وأقر بأن ذلك من القيم الحضارية التي يجب أن تمسك بها الأمم.. كما أن الإسلام رفض التحريض والانقسام التي تعيشها المجتمعات الغربية "الإسلامية" هذه الأيام.. فكيف يتم القضاء علي هذه الظاهرة ولا يحجر أحد علي رأي الآخر؟ ** في البداية يقول الدكتور حامد طاهر نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق الأستاذ بكلية دار العلوم إذا تحول الخلاف في الرأي إلي صدام وفُرقة وقطيعة.. فهذا أمر مرفوض.. مؤكداً ضرورة أن يكون الخلاف علي مستوي الأفكار والابتعاد عن الشخصية والذاتية. أشار د.طاهر إلي ضرورة أن يجتهد الجميع في البحث عن المشترك فيما بيننا ونحن قيم التعارف والتفاهم والرغبة في التصالح.. وأن نقوم بتدريب النفس والمجتمع علي فكرة قبول الآخر وقبول الاختلاف معه واستيعاب فكرة التضاد في وجهات النظر.. والوصول إلي مرحلة التوافق والاستقرار.. وذلك من خلال إشاعة ثقافة الحوار فيما بين الإنسان وأخيه أو بينه وبين الآخر. أوضح د.حامد طاهر أن لم الشمل المصري والاجتماع علي المشتركات الوطنية من أهم الأولويات التي يجب بذل الجهود لتحقيقها علي أرض الواقع.. وأكد أن كل المخلصين من أبناء الوطن عليهم مسئولية تحقيق الوفاق بين أبناء الوطن الواحد.. ونبذ الفُرقة وتبادل الاتهامات فيما بينهم وأن يتصافي الكل ونتوحد من أجل هذا الوطن ونتسامح فيما بيننا.. وضرورة أن يبدأ كل منا بنفسه بالتخلي عن أي خصومة من أجل التصدي للفوضي والفتنة وبناء دولة حديثة قوية تقوم علي الديمقراطية وحرية الآراء. .. أما الدكتور أنور أحمد إسلام عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة القاهرة فيقول: إن الأمم المتحضرة تعي جيداً محاور الوحدة الإنسانية ومواضع اختلافاتها لا تنفي أو تلغي تلك الاختلافات وإنما توظفها كدليل علي صحة الفرد والمجتمع وقوتهما. وبين د.أنور إسلام أن ثقافة الاختلاف من الأمور المحمودة التي حرص القرآن لكريم علي تاريخها من خلال تشجيع التحاور بهدف الوصول إلي الحق والمعرفة والهدايا.. وبين أن السنة النبوية الشريفة بينت أن الاختلاف الإيجابي هو تفاعل ثقافي ينمي فكر الجماعة ويثرييه ويوسع مداركها. أوضح د.رسلان أن الدين الإسلامي كان سباقاً بتقديم منهج الاختلاف كحق إنساني ووضع له آداب وضوابط تنظمه وتضمن الاستفادة منه في بناء الذات والمجتمعات. أشار إلي أن الشرع يرفض اتباع الهوي والانحياز عن الحق والانتصار للنفس وإهدار القيم الإنسانية الفاضلة.. مضيفاً أن التواضع والصبر في طلب الحق والالتزام به والشوري والتشاور والاستناد إلي الحجج والبراهين والأدلة من أهم قيم أدب الحوار والاختلاف التي يجب أن نحرص عليها جميعاً للوصول لهدف حقيقي والوصول إلي الحق. ** أما الدكتور محمد يوسف أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم فيبين أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.. والعلماء أنفسهم اختلفوا والصحابة أنفسهم حدث بينهم هذا في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم . وقال د.يوسف مادام الاختلاف ليس فيه تعنت ولا عناد ولا تربص بالآخر.. يقول الإمام مالك ان اختلاف العلماء رحمة بالأمة كل علي هدي وكل يريد وجه الله.. إذاً نختلف ونتجاوب عندما نري الحق في صفي أو في صفك لا الأهواء الشخصية ولا المشبوهة ولا العناد في الرأي بل نقصد باختلافنا هذا وجه الله تعالي ونتواصي بالحق.. ونتعاون مع ولاة الأمر. ودعا د.محمد يوسف إلي ضرورة وجود ثقافة المحبة والتسامح التي ذرعها سيد الخلق صلي الله عليه وسلم حتي مع الذين عادوه وآذوه من الكفار حتي قيل له يا رسول الله ادع عليهم فقال صلي الله عليه وسلم : "اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون" فهو عليه الصلاة والسلام لا يدعو عليهم بل يدعو لهم بالهداية. وأكد علي ضرورة أن توجد ثقافة التسامح التي أسسها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حيث علمنا القائد العظيم محمد صلي الله عليه وسلم منذ البداية العفو والتسامح.