تتلاحق الأحداث في مصر بسرعة غريبة، تفوق كل التوقعات، لا أحد يعرف ماذا يحدث، أو ما يمكن أن يحدث بعد ساعة واحدة!! أحوالنا غريبة في كل شيء، حائرة مثل كل توقعاتنا. في الشارع حراك سريع وغريب وجديد علينا، لأنه بلون الدم وبلغة الخرطوش، فالميادين تحولت إلي ساحات للقتال وتبادل لإطلاق النار.. وفي دهاليز السياسة تراشق بالألفاظ وتبادل للاتهامات وأصبحت لغة التخوين هي السائدة في الساحة!! وما يدور في السياسة والشارع.. انعكس علي الرياضة والملعب، نفس التخوين والاتهامات وتبادل إطلاق القذائف الكلامية ما بين الوزير الذي رحل واللجنة الأولمبية التي جمعت الاتحادات والأندية علي هدف واحد وهو إسقاط اللائحة!! فيه حاجة غلط!! لكن في مين؟!! هل هي في القوانين واللوائح أم في من ينظم المظاهرات سواء كانت سياسية أو رياضية؟! المهم أن فيه حاجة غلط.. أوصلتنا جميعا إلي قاع المستنقع الذي نسقط فيه الآن لدرجة العداء المستحكم والعدوانية التي تصل لدرجة القتل وسفك الدماء!! والرياضة مثل السياسة.. مليئة بأصحاب المصالح الذين يدافعون عن أنفسهم وبقائهم حتي ولو علي جثث الآخرين، وقليل منهم يتحدث عن مصر بحب.. لأنها بالفعل داخل قلبه.. ونوع ثالث يلعب علي الحبلين كما يقولون ولا يريد أن يغضب أحدا حتي يحقق أكبر مكاسب ممكنة من الطرفين0 والأحداث الرياضية دائما ما تكون انعكاسات طبيعية للحراك السياسي في مصر.. وما يدور الآن في الشوارع والميادين ودهاليز المسئولين أثر بشكل كبير علي مسيرة الرياضة، فتعددت المشاكل واختلفت وجهات النظر في القضايا المعلقة لكن هناك ثلاث قضايا فرضت نفسها تماشيا مع تلك الأحداث, وللأسف يحللها كل مسئول حسب هواه ومصلحته الشخصية رغم أن الحقائق واضحة ولا تقبل الشك!! القضية الأولي القضية الأولي عن الدوري المصري الذي كان يسير علي سطر.. ويترك صفحة كاملة حتي تم الاتفاق علي أن يبدأ من مجموعتين نظرا لضيق الوقت، ولكنه حتي الآن لم يكتمل، وأصبح الموسم الجديد علي الأبواب، فكيف تكتمل المسابقة؟! .. مخطيء من يظن أن الدوري سيستكمل بعد أن وصلنا إلي السادس من يوليو، بينما من المقرر أن يبدأ الموسم الجديد في الشهر القادم!! والظروف الأمنية الآن في أسوأ حالاتها, فالميادين والشوارع والمدن والمحافظات بل والقري تشهد العديد من المعارك اليومية وسقوط القتلي.. المصيبة الأكبر أن اتحاد الكرة في واد آخر.. ويتحدث عن استكمال الدوري وبالجمهور!! هل هذه «فتاكة» كروية، أم جهل بأمور الحياة السياسية في الشارع المصري؟! يا أسيادنا.. يا ملوك الجبلاية، من المستحيل أن توافق الداخلية علي إقامة المباريات كما تريدون وبحضور جماهيري، لأن الظروف سيئة، والقتل وسفك الدماء أصبح مستباحا ومع كل يوم جديد يسقط قتلي ومئات المصابين. فهل سيكتب اتحاد الجبلاية إقرارا ويوقعون عليه بتحمل مسئولية ما سيحدث في الملاعب؟!! ومن يضمن الأمن والأمان في لقاءات الدوري داخل وخارج الملاعب؟! فالداخلية كان الله في عونها.. جنودها وضباطها لا ينامون، ومن يخرج في مهمة يحمل كفنه في أحضانه ويتلو الشهادة لأن الله وحده هو الذي يعلم هل سيعود أم لا؟!! الدوري أصبح في خبر كان الآن.. من الصعب أن يستكمل، لأن هناك مليونيات أخري ستبدأ من الغد في التحرير وميادين المحافظات، بينما الإخوان راقدون، مستمرون، صامدون في رابعة العدوية فمن الذي سيتحمل مسئولية ما يحدث؟! أظن أنه انتهي العمر الافتراضي للدوري هذا الموسم, وعلي الجبلاية أن تبحث في البدائل مثل الإبقاء علي فرق الدوري كما هي كما قلت من قبل وضم الصاعدين الثلاثة القناة والمنيا والرجاء مع المصري العائد ليقام الدوري من مجموعتين في الموسم المقبل واعتباره مسابقة استثنائية نظرا للظروف الحالية في مصر.. سوي ذلك فليتحمل اتحاد الكرة المسئولية كاملة أمام الشعب المصري إذا سقط قتلي أو هجوم جماهيري علي الملاعب أثناء المباريات.. لأن البلد «مش ناقصة» مشاكل وقتلي جدد!! القضية الثانية انتخابات الأندية هي الأخري «علي كف عفريت».. ومن المقرر أن تجري الانتخابات الشهر المقبل, لكن الظروف الحالية في البلد صعبة، وإن كان مقدورا عليها.. لكن استقالة الوزير العامري فاروق وتركه للميدان فجأة فتح الحوار من جديد حول إلغاء اللائحة التي ترفضها الأندية والاتحادات واللجنة الأولمبية، لكن الأخطر هو نقل القضية إلي اللجنة الأولمبية الدولية التي هددت بإيقاف النشاط المصري، وهذا أصبح واردا بعد قرار المنظمة الأفريقية بإيقاف مصر. أعتقد أن أمام عبدالرحمن يوسف الرجل الثاني في وزارة الرياضة حلولا قليلة، فهو حائر ما بين إيقاف الانتخابات لإرضاء المجالس الحالية واللجنة الأولمبية، لكن باقي المرشحين سيفجرون قضية أخري، وحائر أيضا بين استمرارية اللائحة أو رفضها من اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الدولية مع أو تغيير بعض بنودها للعودة إلي اللائحة القديمة وبالتالي ستتغير مواصفات المرشحين الحاليين!! كان الله في عون عبدالرحمن يوسف الذي لم يحصل حتي الآن علي تفويض لإدارة الوزارة بعد استقالة العامري!! لذلك لا أحد يعرف شيئا عن الانتخابات.. هل ستجري وبأي نظام وعلي أية لائحة، وهل سيرضي طرفا علي حساب الآخر؟!! القضية الثالثة ويأتي لقاء القمة الأفريقي بين الأهلي والزمالك في الواحد والعشرين من الشهر الجاري ليفرض علينا طرح القضية من الآن.. فالمطلوب من اتحاد الكرة أن يقدم خطابا رسميا من وزارة الداخلية لتأمين اللقاء حتي ولو كان بين فريقين مصريين، بينما الداخلية في حالة تأهب قصوي وانشغال كامل لما يجري في الشارع المصري، المصيبة أن البعض يطالب بدخول الجماهير، فمن سيضمن أمن الآلاف في المدرجات؟! هذه المباراة صعبة جدا واختبار قاسي للمصريين جميعا، وإن لم تمر علي خير وبهدوء ممكن أن تتسبب في إيقاف النشاط الكروي بل والرياضي كله أو نقله من مصر!! نحن الآن نمر بمرحلة صعبة تحتاج للاتفاق لا للاختلاف، تحتاج لتضافر كل الجهود والعمل من أجل بلدنا ووضع مصر في المقام الأول لأن بلدنا يستحق منا جميعا التضحية من أجله.. حتي في الرياضة!!