يدرك المصريون بكل أطيافهم منذ فجر التاريخ أهمية مياه النيل في حياتهم لدوجة أنهم أطلقوا عليه مسمي "شريان الحياة" بل إن النيل كان محل تقديس المصريين القدماء وسموه "ابن الشمس" ثم "ابن القمر" حيث اعتقدوا أن جبال القمر بالجنوب هي التي تقذف إليهم بالماء.. وبلغت درجة التقديس إلي أنهم اعتبروه واحداً من آلهتهم وأطلقوا عليه اسم الإله "حابي". ووفقاً للعديد من المؤرخين يتخذ ذلك المعبود صورة رجل ذي جسم ممتليء له بطن كبيرة وثديان كبيران تنبثق المياه منهما كرمز للخصوبة والعطاء لأرض مصر الطيبة. كما كان الإله "حابي" يصور حاملاً زهوراً ودواجن وأسماكاً وخضراوات وفاكهة كرمز لخير مصر الوفير. والإله "حابي" يختلف عن غيره من المعبودات لأنه لم تكن له معابد خاصة. أو كهنة يقومون علي خدمته وخدمة طقوسه كباقي المعبودات. ولكن كان له أناشيد تردد في الاحتفالات بالفيضان. وهذا يفسر لنا الغضبة العامة للمصريين عندما أعلنت أثيوبيا عن مشروع بناء سد النهضة الذي يهدد بخفض حصة مصر من مياه النيل.. ورغم حالة الغضب العام. تحرك الكثيرون للبحث عن حل للأزمة ومن بينهم الصديق الأستاذ الدكتور إبراهيم علي غانم أستاذ ورئيس قسم الجغرافيا ووكيل كلية الآداب بجامعة طنطا سابقاً. والذي أرسل إلي مع أخي وصديقي حمدي حنضل مدير تحرير الجمهورية ملخصاً وافياً لمشروعه "نيل الواحات". وهو مشروع اعتبره حيوياً أنه يحقق فوائد متعددة أهمها: يضيف حوالي 15 مليار متر مكعب لحصة مصر من المياه سنوياً تكفي لزراعة 8 ملايين فدان من أراضي الصحراء الغربية مما يحول مصر من دولة مستوردة للقمح إلي أكبر دولة مصدرة للقمح ومنتجات الغذاء. والأهم من ذلك أنه سيغير وجه الحياة علي أرض مصر بإعادة توزيع سكانها وعمرانها بجذب حوالي 40 مليون مصري من كتلة ال 90 مليوناً المكدسة في وادي النيل. ويدعم من مصر القومي بتعمير جزء كبير من الصحراء الغربية. دعم أمن مصر الكهربائي من الطاقة المنتجة من فروع ومصب نيل الواحات والطاقة الشمسية وطاقة الرياح غرب الواحات. تحويل منخفض القطارة إلي بحيرة مياه عذبة هائلة يمكن استثمارها مزرعة للأسماك وأيضاً كبحيرة سياحية لكافة أنواع الرياضيات المائية وإقامة قري سياحية ومدن ومصانع علي ضفاف البحيرة. إضافة شبكة طرق نقل جديدة تتمثل في طريق بري دولي سريع مكون من 5 حارات وطريق سكة حديد مزدوج موازي لمجري نيل الواحات الذي سيستخدم بدوره للنقل النهري. علاوة علي شبكة الموانيء الدولية والإقليمية في الواحات وميناء بحري شمال العلمين. ومن فوائد المشروع كما وضحه الدكتور إبراهيم دعم التكامل الاقتصادي بين مصر ودول حوض النيل وتحويل دول الحوض إلي تكتل اقتصادي وسياسي إقليمي مؤثر عالمياً. ومسار "نيل الواحات" يبدأ من بحيرة ناصر من نقطة تبعد 25 كم شمال خط الحدود السياسية بين مصر والسودان باتساع نحو "200م" وبعمق مابين "10م 12م" ويسير في اتجاه شمالي غربي جنوب منخفض جنوب الوادي مع انحدار الأرض العام من ثم يواصل سيره غرب الواحات الخارجة ثم يتجه غرباً ليسير شمال الواحات الداخلة ثم يتجه شمالاً مع الانحدار العام للأرض ليسير شرق واحات الفرافرة ثم غرب الواحات البحرية ليصب في النهاية في منخفض القطارة باتساع نحو "20م" وبعمق نحو "5م" ودون أن يحتاج في أي من قطاعاته إلي ماكينة واحدة لرفع مياهه علي الإطلاق ليسير موازياً لأبيه النيل الخالد. ويتميز المشروع بأنه ليس مجرد بحث علمي فردي بل تبنته جامعة عين شمس كمشروع قومي لمصر بعد أن أقرته بالإجماع كوكبة من الأساتذة عقب مناقشة بحثية داخل أروقة الجامعة في 3 ديسمبر .2012 والغريب أن المشروع تم تداوله إعلاميا خلال العامين الماضيين في الفضائيات الحكومية والمستقلة وفي العديد من البرامج الحوارية والإخبارية. وتم عرضه في مناسبات وطنية في محافظتي الغربية والوادي الجديد إلا أن أي جهة حكومية رسمية لم تتبني تنفيذه حتي الآن.