"البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    توقيع بُروتوكولي تعاون لتدقيق وتوحيد أرقام الصادرات والواردات المصرية    ارتفاع فى اسعار الطماطم... تعرف على سعر الطماطم اليوم الأربعاء 24ديسمبر 2025 فى المنيا    ارتفاع الصادرات الهندسية المصرية إلى 5.9 مليار دولار خلال 11 شهرًا    وزير الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3000 ماكينة صراف آلى فى مكاتب البريد منذ 2018    فيديو.. آليات الاحتلال تفتح نيران رشاشاتها على خيام الفلسطينيين بغزة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره اليوناني سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    مصر ترحب بإتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن    إسرائيل هيوم: إيران القضية المحورية في لقاء نتنياهو وترامب    الصراع الأفريقي يبدأ.. الكاميرون تواجه الجابون في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    حسام حسن: صلاح سيظل رمزاً وأحد أفضل لاعبي العالم.. ومعنوياته مرتفعة    العمل: 1.7 مليون جنيه إعانات عاجلة ل13 عاملا غير منتظم من ضحايا حادث طريق الواحات    طقس متقلب في الإسكندرية.. ورفع درجة الجاهزية لمواجهة الأمطار المتوقعة    التحقيق مع 7 متهمين حاولوا غسل 200 مليون جنيه حصيلة تجارة مخدرات    القبض على زوجين ونجليهما فى التعدى على طالبة بسبب الميراث بالشرقية    ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول للمرحلة الابتدائية بالمنيا    تشييع جنازة الفنان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم    وفاة محمد فهمي طلبة عضو مجمع اللغة العربية عن عمر 78 عام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 24-12-2025 في محافظة قنا    انتهاء مشروع تطوير مبنى وزارة الداخلية ب «لاظوغلي» خلال النصف الأول 2027    24 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة زاد العزة 101 لدعم غزة    كيف واجهت المدارس تحديات كثافات الفصول؟.. وزير التعليم يجيب    براءة 7 طالبات من تهمة التعدي على ولية أمر زميلتهن بالإسكندرية    ضياء السيد: إمام عاشور غير جاهز فنيا ومهند لاشين الأفضل أمام جنوب إفريقيا    محمد السيد يترقب وصول عرض أوروبي للزمالك فى يناير قبل الرحيل المجاني    بعد تعرضه لموقف خطر أثناء تصوير مسلسل الكينج.. محمد إمام: ربنا ستر    ميدو عادل يعود ب«نور في عالم البحور» على خشبة المسرح القومي للأطفال.. الخميس    تشييع جثمان طارق الأمير من مسجد الرحمن الرحيم.. اليوم    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 24 ديسمبر والقنوات الناقلة    منتخب كوت ديفوار يفتتح مشوار الدفاع عن لقب كأس أمم إفريقيا 2025 أمام موزمبيق    الأوقاف: عناية الإسلام بالطفولة موضوع خطبة الجمعة    فاضل 56 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يوافق 19 فبراير 2026 ميلاديًا    الرعاية الصحية: مستشفى السلام ببورسعيد يوفر 3.5 ملايين خدمة طبية وعلاجية    تدشين البوابة الرقمية الجديدة لهيئة الشراء الموحد لتطوير البنية التحتية الصحية    نموذج لشراكة الدولة والمجتمع المدنى    السفارات المصرية في 18 دولة تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين في انتخابات مجلس النواب    رئيس دولة التلاوة    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع الاتحاد الرياضي للجامعات بحضور صبحي    دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة    سعر الدولار اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025    رغم تحالفه مع عيال زايد وحفتر…لماذا يُعادي السيسي قوات الدعم السريع ؟    أمم أفريقيا 2025| التشكيل المتوقع للسودان أمام محاربي الصحراء    أمم أفريقيا 2025| صراع بين الكاميرون والجابون بصافرة مصرية    طريقة عمل شوربة العدس الأحمر بجوز الهند والزنجبيل    حماية بكرامة    بدون أدوية| كيف تقلل مدة نزلات البرد؟    نظر طعن مضيفة طيران تونسية على حكم حبسها 15 عامًا بتهمة إنهاء حياة ابنتها    تموين سوهاج: ضبط 3 أطنان ونصف سكر تمويني ناقص الوزن داخل مخزن    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    مصرع 2 وإصابة 6 آخرين فى حادث سير ببنى سويف    بوتين يرفض أى خطط لتقسيم سوريا والانتهاكات الإسرائيلية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 24 ديسمبر    فيديو | «ربنا كتبلي عمر جديد».. ناجية من عقار إمبابة المنهار تروي لحظات الرعب    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر عربية
"المبادرة العربية" والتنازلات المجانية
نشر في الجمهورية يوم 09 - 05 - 2013

ما أن أعلن وفد الجامعة العربية موافقته في واشنطن علي تبادل "محدود ومتماثل" للأراضي في حدود 4 يونيو 1967 بعد مباحثات مع وزير الخارجية الأمريكي. متي كانت تسيبي ليفني وزيرة العدل الإسرائيلية ومسئولة ملف التفاوض ومعها اسحق مولخو مستشار بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يسرعان بالتوجه إلي واشنطن ليطلعا من وزير الخارجية الأمريكي نفسه علي ما جري ومغزاه وماذا بعده؟ وتردد ومن مصادر عديدة أن ليفني عرضت "تحفظات" نتنياهو علي ما حدث وطالبت فيما طالبت به بإعلان العرب اعترافهم ب"إسرائيل دولة يهودية" أو "دولة الشعب اليهودي".. وبدا مثل هذا الحديث مستغربا لأن ليفني نفسها كانت قد أعلنت في وقت قريب سابق أن "الاعتراف بدولة يهودية ليس شرطا لازبا للمفاوضات" مما يعني ان هذا المطلب مؤجل مؤقتا وهذا التأجيل ليس دون مقابل إذ ربطه الإسرائيليون بتنازل فلسطيني بعدم المطالبة بتجميد الاستيطان وعرض خريطة حدود.. صحيح ان ليفني نفسها ما لبثت ان تراجعت عما اقترحته وأعلنت انها تنسق مع نتنياهو في جميع خطواتها بشأن المفاوضات والتسوية وكانت تعني بذلك مواقف إسرائيل من المقترحات والخطوات التي يطرحها جين كيري من أجل استئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية - المتعثرة منذ حوالي ثلاث سنوات.. بسبب الرفض الإسرائيلي للمطلب الفلسطيني بتجميد الاستيطان بشكل شامل في ظل المفاوضات وهو مطلب حق وعدل أهمله العرب عامة والفلسطينيون خاصة منذ بدء عملية التسوية في سبعينيات القرن الماضي وخاصة في مفاوضات أوسلو في عام 1993 أي قبل حوالي عشرين عاما من عامنا الحالي.. وحين تعثرت أوسلو وتجمدت وعندما تم اخماد الانتفاضة الفلسطينية الثانية فيما سماه الإسرائيليون حملة "السور الواقي" تقدم العرب بمبادرة ظنوا انها قد تنقذ أوسلو من عثرتها.
عود علي بدء
كانت المبادرة في البداية أفكار سعودية أيدها من أيدها وعارضها من عارضها إلي أن تحولت إلي "مبادرة عربية" شاملة اعتمدتها القمة العربية الرابعة عشرة في بيروت في 28 مارس ..2002 والمبادرة طويلة ومتعددة الأجزاء ويكمن جوهرها بشأن التسوية في أن تقوم إسرائيل بما يلي:
أ- الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتي خط الرابع من حزيران "يونيو" 1967 والأراضي التي مازالت محتلة في جنوب لبنان.
ب- التوصل إلي حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 "من المعروف أن القرار ينص علي العودة والتعويض".
ج- قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة علي الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من حزيران "يونيو" 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
وفي مقابل هذا تنص المبادرة علي قيام الدول العربية "عندئذ" بما يلي:
أ- اعتبار النزاع العربي - الإسرائيلي منتهيا والدخول في اتفاق سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ب- انشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
ضمانات بوش لإسرائيل
قيل كلام كثير حول هذه الأفكار ومن صاغها ومن وراءها ولكنه تراجع كثيرا بعد أن تحولت إلي "مبادرة عربية" اعتمدها مجلس الجامعة العربية علي مستوي القمة.. لم ترحب إسرائيل بهذه المبادرة. بل "ضربت بها عرض الحائط" كما يقولون مما دفع بعض العرب إلي التصريح أحيانا بأنهم سيسحبون المبادرة.. وعلي مدي أحد عشر عاما وحوالي شهرين جرت في مجري التسوية مياه كثيرة ولكن خطوة واحدة إلي الأمام لم تتحقق علي الرغم من تعدد اللقاءات والبيانات والتصريحات والمؤتمرات وان كان بعضها مهما وخطيرا مثل مؤتمر أنا بوليس 2007 وقبله "الضمانات" التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن لرئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون في 14 أبريل 2004 والتي نصت - ضمن بنود أخري - علي أن لا عودة إلي حدود 4 يونيو 1967 لأن المستوطنات خلقت واقعا جديدا!!
وخلال الاتصالات والمفاوضات المتعددة التي جرت خلال السنوات من 2002 إلي عامنا هذا تم طرح فكرة "تبادل الأراضي" بين الفلسطينيين والإسرائيليين كقاعدة من قواعد التسوية.. تم طرح هذا في مناسبات معروفة منها محادثات كامب ديفيد الثاني في يوليو 2002 بين الزعيم الفسطيني ياسر عرفات وإيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي العاشر والرئيس الأمريكي بيل كلينتون. كما وردت هذه القاعدة في "وثيقة جنيف" التي شارك فيها كثيرون من الفلسطينيين والعرب وباركها كثيرون أيضا. علنا أو من وراء ستار. ثم في مفاوضات السيد محمود عباس "أبومازن" رئيس السلطة الفلسطينية مع إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق.. وثار خلاف في هذه المفاوضات بالنسبة للأرض التي يتم تبادلها وموضعها. تراوحت هذه النسبة بين 5.1% و10% من مساحة "الأرض المحتلة".. والراجح هنا انه لم يطرح من جانب الإسرائيليين اقتراح مكتوب ومحدد في هذا الشأن.. ولعل هذه السوابق المعروفة هي ما دفعت د.صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين إلي أن التعديل العربي الذي أعلن في واشنطن يعكس "موقف فريق الرئاسة السلطة الفلسطينية" ثم تراجع عن هذا بعدئذ.. وفي ضوء المعارضة الشعبية الفلسطينية الكاسحة والرافضة لما جري في اجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع وفد الجامعة العربية برئاسة حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري وعضوية وزراء الخارجية المصري محمد كامل عمرو والفلسطيني رياض المالكي وخالد آل خليفة البحريني وناصر جودة الأردني ونبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية وممثلين دبلوماسيين للسعودية ولبنان.. عقد الاجتماع في مقر الضيافة الرئاسية الأمريكية وحضر جزءا منه نائب الرئيس الأمريكي.. محضر الاجتماع لم ينشر كاملا بعد وربما لا ينشر علنا وما نشر إلي الآن عبارة عن تصريحات في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع أهم ما فيه هو تصريح رئيس الوفد العربي رئيس الوزراء القطري وقوله "ان الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجب أن يرتكز علي حل الدولتين علي أساس خطوط الرابع من يونيو 1967 مع امكانية تبادل أراض في أدني حد متماثل ومتبادل" وخطورة هذا التصريح انه يعبر عن جامعة الدول العربية من ناحية ويأتي في اطار تحرك أمريكي يقوده "جين كيري" ويطمح من ورائه ليس إلي استئناف مفاوضات متعثرة بل يرمي إلي وضع إطار متكامل لتسوية. يقول أحيانا انه يريد أن يبلورها خلال شهوره وهنا يأتي التصريح العربي مقدما تنازلا مجانيا وتراجعا عن نصوص مبادرة 2002 كما تم ذكرها فيما سبق.. صحيح ان وزير الخارجية المصري وكبير المفاوضين الفلسطينيين أدليا بتصريحين متشابهين وقالا ما معناه: "لم يحدث شيء" وأن المبادرة صدرت عن القمة ولا تملك تعديلها إلا قمة مماثلة!! ولكن هذا لا ينفي تصريح رئيس الوفد العربي الذي يبدو أنه كان قصداً مقصوداً خاصة إذا وضعنا هذا التصريح في الإطار العام الذي يمكن أن يطرحه أو طرحه "كيري".
معالم خطة كيري
الإطار العام لرؤية "كيري" أو خطواته الدبلوماسية في المرحلة المقبلة لم يفصح عنه بعد وقد يكون مطروحا في دائرة عربية ضيقة ومحدودة ولكن صحيفة إسرائيلية هي "يديعوت احرونوت" أفشت مكونات هذا الطرح ويبدو أن ما أفشته صحيح أو قريب من الصحة بدليل انها عنونت موضوعها الرئيسي في 20 مارس الماضي بالآتي: "زيارة أوباما: المسيرة السلمية - عودة إلي المبادرة العربية" وقالت إن زيارة أوباما - شملت الزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن - "تجلب تحت جناحيها خط أولية محدثة علي أساس مبادرة الجامعة العربية".
وأشارت إلي أن كيري انطلق قبل بضعة أسابيع وبدأ يتحدث عن المبادرة مع ممثلي الطرفين.. وأضافت "يديعوت احرونوت" ان كيري عندما بدأ يسوق المبادرة عاد وأعلن انها ستجتاز "تكييفات في ضوء التطورات في العالم العربي وعلي خلفية الواقع المتغير في المناطق" أي في الأراضي العربية المحتلة وهذه اشارة واضحة إلي واقع الاستيطان في الضفة الغربية وفي القدس والسؤال هنا ليس فقط عن مدي ومساحة "التعديلات الطفيفة والمتبادلة" في حدود 1967 بل وعن مستوطنات القدس أيضا وربما أساسا.
المهم هنا هو قول الصحيفة الإسرائيلية إن كيري زار السعودية والتقي فيها أبومازن "وعرض عليه الخطة مع التعديلات التي أدخلت عليها إلي الآن.. والأهم من ذلك انه طلب من السعوديين أن تكون مبادرة السلام العربية خطة عمل وناشدهم تعزيز السلطة الفلسطينية.. وخلق ائتلاف عربي - مع المصريين والأردنيين - يقدم لها المساندة فمع مثل هذه المساندة فقط يمكن للفلسطينيين أن يقدموا تنازلات سواء في مسألة حق العودة أو في موضوع الكتل الاستيطانية أو في مسألة القدس".
الغريب في الأمر انه بعد كل هذا تقول الصحيفة الإسرائيلية: إن الأمريكيين يعلمون أن نتنياهو غير مستعد للحديث عن تسوية فورية دائمة كما انه "غير قادر علي قبول الخطة السعودية بكاملها حتي مع التعديلات"!!.. أخشي ان كيري ومفاوضيه العرب لن يربحوا شيئا من وراء التنازلات المجانية سواء التي قدموها أو التي سيقدمونها!! وسنري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.